الشهرة المذمومة !!!

     م. هاشم نايل المجالي

 

في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وكثرة المواقع الالكترونية ذات التباين الاعلامي الواضح في اداء رسالتها النبيلة ، وبعد ان اصبح دخول البيوت بلا ابواب او نوافذ ، واصبح هناك تصارع بين كثير من المسؤولين على حب الشهرة لدرجة ان كثيراً منهم يتنازل عن المبادىء والقيم في سبيل تحقيق هذه الشهرة ، خاصة لمن يملك القدرة والامكانيات من خلال منصبه لتحقيق ذلك ليغطي على عيوبه ، وخاصة لمن لديه موهبة وحق امتياز في فرض ذلك على كثير من المواقع الاعلامية ليسوَّقوا انفسهم بعيداً عن الامانة والمسؤولية الوطنية ، فهو يسعى لتحسين محتواه الفكري وضعف ابداعاته فهي شهرة مذمومة ليس منها الا الرخيص بدعايات واعلام مضلل مقابل المال ، فلقد اصبح هناك خلل في المنظومة العملية والقيمية والاخلاقية لدى البعض من هؤلاء السطحيين ، فالعمل والانجاز بالتفاني والاخلاص هما الشهرة الحقيقية .

ان الاسلام وكافة الاديان بطبيعتها المتوازنة المعتدلة تريد لافرادها ان يكونوا صالحين معتدلين متوازنين لا يغترون بالدنيا ولا تتعلق قلوبهم بشهواتها او فتنتها ، فالسعيد من جعلها مطية للآخرة فاصبحت له دار ممر لا دار مقر قال تعالى ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى ) طه .

فهناك من المسؤولين واصحاب المال والجاه من يغتر بالدنيا فيسعى من خلال منصبه او امكانياته المالية الى الشهرة وبريقها ، ويسعى الى ان يشار اليه بالبنان او ان يكون حديث المجالس والمواقع الالكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي ، حتى لو استغل منصبه ومكانته ليشتري تلك المواقع لتسوق له تواضعه وتواصله وأياديه البيضاء المعطاءه ، كما شاهدنا الكثير منهم وكيف آلت الامور عكساً عليهم بعد ان تكشفت اوراقهم .

اعلامياً حذَّر الشرع والدين من حب الشهرة والظهور المفبرك للنفوس الداعية بذلك فهي نفوس مريضة ، بدل ان تكون اعماله وعطاءه ومقاصده محصورة في طاعة الله ورضاه وان يقدم ويعطي وينجز بصمت فهو واجب عليه ان يؤديه بكل اخلاقيات العمل والسلوك ، خاصة ان كان ينفق من المال العام وليس من جيبه .

فهذا انقلاب في المفاهيم الاخلاقية وهذه صورة من صور الرياء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من لبس ثوب شهرة البسه الله يوم القيامة ثوب مذلة ) .

فعليه ان يلبس لباس التقوى والزهد والورع والنية الصالحة والعمل الخالص ، لا ان يسعى ليميز نفسه بكثرة المعلومات عن نفسه وعطائه وكثرة من يعطيهم للثناء عليه ونشر ذكره ليسجله التاريخ ، وهو لا يعرف ان التاريخ سيسجل حقيقة امره لا زخارف أداءه ، فهناك حركة مجتمعية ايجابية تقيم الفرد حق تقييم وتصنفه حق تصنيف ، لا ان يحول منصبه الى مسرحيات ومظاهر يخادع بها الناس .

فالشهرة حين تصبح غاية في حد ذاتها فمعنى ذلك تفشي الكذب والنفاق والخديعة والتصنع وغياب للقيم الحقيقية ، فهي كالبالونات الكاذبة والسراب المضلل ، ففي جنة العطاء والاحسان ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تراه فانه يراك .

فهناك من يلهثون ايضاً لينالوا رضا رؤسائهم كالضباع الجائعة فهم يسعون لان تطغى الدعاية على النزاهة خاصة اننا في زمن انعدمت فيه المقاييس الموضوعية واصبحت الامور بيد الاقوى .

 والدعاية والاعلان لمحبي الشهرة لن تجعل منهم عمالقة كي ينال منزلة اعلى ويتبوأ مكانة ارقى فهم ضعيفو الحيلة وقليلو الوسيلة ، ولا ننسى انه يتسع مفهوم وسائل الاعلام المختلفة التي تروج لذلك مقابل المال الى مستوى الجريمة الادبية حيث انها تثير القراء وتجذبهم للمتابعة وراء معلومات مضللة ، فهو اعلام مضلل مفبرك مختلق للحقائق بعيداً عن الواقعية ، وسائل اعلامية متفننة في صناعة المشاهير فهي مدرسة مهنية لديها فنيين متخصصين بالاثارة والمبالغة في وصف بعض المسؤولين والاشخاص ، وكما شاهدنا كيف أن بعضهم آلت به الامور الى السجن وهناك من اصبح يعاني من الوحدة بعد ان خرج من منصبه .

وهذا دليل على استغلاله لمكانته العملية ليشهر نفسه وتسويقها لكبار المسؤولين فهناك من هم متخصصين في صناعة النجوم عبر وسائل الاعلام واعتماد منابر دعائية لبيع الشهرة والوهم دون النظر الى اي مردود قيمي او اخلاقي فهم ليسوا الا مشاريع تصنيعية .

نتمنى ان يكون هناك ضوابط قيمية واخلاقية مسؤولة تراقب وتحاسب استغلال المناصب لغايات الشهرة بالفبركة الاعلامية لتسويق انفسهم انهم المصلحون واصحاب العطاء وحدهم فقط// .

 

hashemmajali_56@yahoo.com