استراتيجية التكتيك المتكررة !!!

   المهندس هاشم نايل المجالي

كثيرا ما تكون عوائقنا العملية هي افكارنا وان نكون اسرى الحرب الاخيرة في اي قضية حيث نبقى اسرى لهذا الانتصار حين نكرر نفس الاستراتيجية المتبعة في معركة سابقة وكانت سبباً في الانتصار .

هنا لا بد ان يكون هناك مراجعة للنفس والذات والعمل على الغاء كل الاساليب والسلوكيات والتكتيك الذي اتبع سابقاً ، حيث انه قد اصبح مكشوفاً ومعروفاً فلن ينجح نفس التكتيك عندما يكرر لتصل لنفس النتيجة التي تريدها .

هكذا اتبعت الحكومات المتعاقبة لتكتيك موحد لرفع الاسعار ولفرض الضرائب وغيرها على اعتبار انه اذا لم يتم رفع الاسعار او فرض الضرائب فان البلد في خطر ولا خيار غير ذلك .

فاذا كانت الحكومة تعتبر انها انتصرت بالمعركة الاولى وفق تخطيط وتكتيك معين ، فلا يعني ذلك ان تكرره في كل مرة على نفس المواطن وعلى نفس الشعب لانه اصبح معلوماً ومعروفاً وسوف يصبح هذا الانتصار في المعارك المتوالية عائقاً كبيراً على الحكومات لما يسببه من انعكاسات سلبية وخروج العديد من الشركات والمصانع من الاسواق وهروب الاستثمارات .

كون العقل البشري للطاقم الوزاري يلجأ لاستخدام نفس الاسلوب والتكتيك لما هو مجرب سابقاً لاقرار القرارات والقوانين والضرائب ، دون الاخذ بعين الاعتبار ان الظروف تتغير واصبح كل شيء مكشوفاً ومعروفاً ولا بد من اتباع تكتيك جديد اكثر ضماناً للحد من الانعكاسات السلبية ، فكل مرحلة لها معطياتها وظروفها والتي يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار كذلك الطاقة الاحتمالية للمواطن والتاجر وغيره .

وكما نعلم ان المقاتل الاستراتيجي ليس لديه اية قواعد ثابته في التفكير ولا يعتمد على نظريات ثابتة فهي لا تشكل القرار النهائي لحظة العمل والذي يجب ان يكون بناء على الحالة والظرف الذي يعيشه الفرد ، وعلى كل حكومة ان تتمتع بالمرونة ان تتخلص من الخرافات السابقة للافكار الخاطئة التي لم تعطي حلولاً ايجابية سوى سياسة الجباية المتكررة .

وليس هناك وصفة جاهزة تكرر للخروج من الازمات المتكررة ، ونحن نعلم ان الاسباب وان تعددت وتنوعت فهي واحدة سواء كان ذلك فيروس الفساد او عدم الكفاءة للعديد من المسؤولين او الشللية ذات المنافع والمصالح المشتركة .

فمن اجل تحقيق النصر علينا ان نعرف ان الافكار والخبرات والعبر ليست سوى مغذيات موجودة في الذهن لتعطيك افكاراً جديدة لتصنع منها استراتيجيات حديثة ، ولتفكر الحكومات في حلول اكثر تناسباً مع الظروف وعلى الحكومات ان تركز على ما هو جديد دون العودة لما هو قديم واصبح معلوماً ومعروفاً لدى الجميع ، ووقف التدهور الحاصل حالياً في مختلف القطاعات التجارية والصناعية والوقوف على الاسباب وراء ذلك ، لان استمرارية هذا النزيف السلبي حتماً سيضر في الاقتصاد الوطني وسيزيد من حجم البطالة وضعف الخدمات وهروب الاستثمارات وهذا شيء اصبح ملموساً على ارض الواقع  .

فإلى متى سيتم تكرار رفع الضرائب بانواعها بنفس الاسلوب ونبقى اسرى لهذا الاسلوب والسلوك ، فالحياة متحركة لا تتوقف وعلينا ان لا نقف ساكنين امام نفس الافكار والاسلوب المتبع لفرض تلك الضرائب دون معالجة الاسباب التي تؤدي لفشل معاركنا .

وعلى افكارنا الاستراتيجية ان تنمو في معالجة اسباب المشكلة اولاً ثم نعالج المشكلة ونمنع تكرارها ، حتى لا نخسر كل شيء بسبب عدم التجاوب مع طبيعة وظروف الزمن ، فردود الافعال اصبحت واضحة ومعروفة لكل قرار متكرر يهدف لنفس الغاية ويكون في جميع الحالات المواطن هو الضحية .

فتحليل الموقف الذي ادى بالحكومات لتلك المعارك يجب ان يتم تحديده بشكل واضح وفق استراتيجية خاصة ، لانه الخصم الذي يسبب كل ردود الفعل السلبية الا وهو الفساد بكل اشكاله وانواعه وطرقه واساليبه فأي معركة جديدة لن تفيد الحكومات في ظل الظروف الراهنة لان الاسباب والاسلوب والتكتيك اصبح مكشوفاً ومعروفاً ، وان الضحية اصبح يعرف ان لم يتوقف ذلك فانه الخاسر الوحيد في هذه المعركة والتي يسعى الى ان يدافع فيها عن نفسه وفق اي قواعد او اساليب يجد انها تناسبه .

ان أمن واستقرار الوطن هو مسؤولية الجميع ، وان تكرار الصدام والمواجهة لنفس الاسباب ستكون انعكاساته السلبية في تزايد مستمر وبشكل غير عقلاني وان الامر يحتاج الى حلول جذرية .

حمى الله هذا الوطن في ظل قيادته الهاشمية الحكيمة .//

hashemmajali_56@yahoo.com