"العدل أم المساواة "
الدكتورة حنين عبيدات
انتشر في الآونة الأخيرة في بعض الدول العربية مفهوم "المساواة بين الجنسين " من قبل فرق و أفراد و انتماءات و اتجاهات فكرية معينة ، والذي يعني المساواة بين الرجل والمرأة على انهم مخلوقات إنسية خلقت على الأرض لها حق التساوي في الحقوق و الواجبات والفرص على اختلاف احتياجاتها ، و طبيعتها الفسيولوجية ، و سلوكياتها ، "معللين في ذلك أنه يحق للمرأة ما يحق للرجل ، و أن الأديان لم تعط المرأة حقوقها بل ازدرتها و قللت من قيمتها ، وميزت و فرقت بين الجنسين ، في زمن جعل للمرأة دورا مهما في تنمية المجتمعات والنهوض بها بما أنها جزء مهم منها" .متناسين الأحكام الدينية القطعية التي تحتكم إليها هذه المجتمعات و التي كرمت المرأة و أعطتها حقوقها بشريطة تطبيق هذه الأحكام بشكلها الصحيح و الحقيقي و هذا ما يسمى بالعدل، والذي يعني إعطاء الأنثى والذكر حقوقهما الشرعية والقانونية والإنسانية دون الإنتقاص منهما، و أن تكون المرأة قادرة على تمكين نفسها ، فلم يميزوا بين العدل والمساواة ولم يحددوا مطالبهم الواضحة ، بناء على ذلك وقعوا في تخبطات غير مفهومة و غير مبرهنة.
إن الدين الإسلامي ساوى بين الرجل والمرأة بأحكام كثيرة ، فكلاهما يصلي و يصوم و يحج ويعتمر ، ولهما الحكم نفسه عند الوقوع في السبع الموبقات ، والجزاء الواحد عند العمل الصالح و وردت المساواة في القران الكريم في آيات عدة منها :
**إنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا.
**(مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
**(وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً)
**وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
إن بعض المجتمعات العربية يحكمها قانون دولة ضمن احكام دينية معينة، كالاردن مثلا فإن الإسلام دين الدولة كما في الدستور ، فوضعت بعض القوانين بناء على أحكام دينية معينة كالميراث مثلا ، الذي يوجد حكمه في القرآن حكما قطعيا بأنه للذكر مثل حظ الانثيين كما ورد في سورة النساء في الآية (11) ، فرأي المطالبين بالمساواة في مجتمعنا الأردني في أنه يحق للمرأة أن تتساوى مع الرجل في الميراث باختلاف الزمن ظنا منهم أن كلام الله سبحانه وتعالى له فترة صلاحية يبدأ بزمن و يتغير و يلغى بزمن آخر ، و هم لا يدركون الحكمة من هذا الحكم ، وأن الإسلام كرم المرأة وجعل الرجل قواما عليها بالنفقة من زوجها وإن لم يكن زوجا فابنها و أبيها وإن لم يكن أبا و إبنا فأخيها ، و إن لم يكن لديها أحد فعلى ولي الأمر أن يتكفل بها ، ويتمثل ذلك في الأردن بوزارة التنمية الإجتماعية ، لذلك جعل حظ الذكر ضعفي حظ الأنثى في الميراث لأن هناك من ينفق عليها من ميراثه ، وميراثها لها و من حقها و لنفسها و لا يحق لأحد أن يأخذه منا ، و لها حرية التصرف به كيفما تشاء ، وهذا الحكم ليس الحكم الوحيد في الميراث فهذه حالة واحدة ، فهناك حالات عدة في الميراث ساوى فيها الشرع المرأة بالرجل ، مثلا في حال كان للمتزوجة التي لا تنجب أطفالا أخت فيوزع الميراث مناصفة بين أختها و زوجها ،. أليس هذا عدلا و مساواة؟...
كيف يطالبون بأن تكون المرأة موازية للرجل بكل أمر ؟ سأعطيكم بعضا من مظاهر المساواة التي يريدها البعض بحكم الحرية :
* على المرأة أن تدفع المهر و تجهز بيت الزوجية كالرجل و في الإسلام هذا تكليف للزوج.
* على المراة أن تنفق على زوجها دون أن يبادلها، و في الإسلام نفقة الزوجة على الزوج و إن أرادت أن تنفق عليه ، تقوم بإعطاءه مبلغا معين و تسجله دينا عليه.
** أن تكون الحضانة للأب ، وفي الإسلام الحضانة للأم.
وغيرها من الأحكام.
إن المراة في الأردن تحظى بكثير من الحقوق ، كحقها في التعليم والعمل و تقلدها لمناصب عليا و غيرها ، وحصولها على فرص متكافئة مع الرجل بكثير من المجالات ، و لا يتعارض ذلك مع الدين و لا مع قوانين الدولة و لا مع العرف المجتمعي.//