ميلاد مجيد

لأنهم منا، ونحن منهم، شركاء في الأرض والوطن والتاريخ، ما صنعناه، صنعناه معاً عبر التضحيات، وما أخفقنا فيه، أخفقنا معاً، وما نسعى له من تقدم وديمقراطية وعدالة وتداول سلطة، نعمل له معاً، مسلمين ومسيحيين ودروزا، عربا وكردا وشيشانا وشركسا وأرمنا وكل من يعيش على أرض الوطن وفي ظله ودستوره ونظامه على أساس المواطنة المتساوية الندية، لا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى، فالدين المعاملة، والمعاملة هي العدالة والمساواة والندية. 
نحتفل بأعياد الميلاد مع الأخوة والأشقاء لسببين : 
أولهما : لأننا معاً ورثنا التاريخ والأرض وما بهما وما عليهما، وما لهما، فالسيد المسيح الفلسطيني الأول ولد على هذه الأرض، ورحل منها، وتعمد في تدفقات مياهها، وأثنى عليها وقدسها، في نهر الأردن وعليه وامتداداته. 
وثانيهما : لأننا شركاء الحياة والمواطنة والأمن والاستقرار، وجيران عشنا معاً وسنواصل، لهم ما لنا، وعليهم ما علينا، أحبة وأصدقاء، نفرح معاً ونحزن معاً، ونقاتل معاً، ونتطلع إلى المستقبل معاً، في خندق واحد كما كنا وسنبقى، ومظاهر الميلاد برزت : 
أولاً : استقبال رأس الدولة جلالة الملك لممثلي شعبنا، من رجال الدين، وذوات معتبرة، ونواباً وأعيان ووزراء، مع فلسطينيين على رأسهم الرئيس محمود عباس، في قاعة واحدة، دلالة القلق الأردني واللهفة نحو القدس وما يمثلها من مسلمين ومسيحيين، دعماً لصمود أهلها وثباتهم وتقديراً لنضالهم، وانحيازاً لتطلعاتهم في الحرية والاستقلال وفق القرار 181، والعودة للاجئين وفق القرار 194. 
ثانياً : قرار حكومة الرزاز باعتبار يومي الميلاد 25 كانون أول ، ورأس السنة الميلادية 1 كانون الثاني، أعياداً وطنية يجب أن تكرس وطنياً وبرلمانياً تأكيداً للشراكة والمواطنة مثيلاً لعيدي الفطر والأضحى، طالما نحن شركاء متساوون في الحقوق والواجبات، وفق القيم الدستورية التي تجمعنا وتحكم علاقتنا، ويجب تشريع ذلك، لا أن يبقى قراراً إدارياً مرهون بموقف رئيس الحكومة، فقد تم إقرار ذلك أو مرة في عهد الزعيم الوطني سليمان النابلسي وحكومته البرلمانية، ويجب أن يتواصل كحق لأبناء شعبنا وليس كمكرمة حكومية. 
أعياد مجيدة لمستحقيها، والكبرياء لشعبنا، والأمن والاستقرار والطمأنينة والعدالة والمواطنة للأردنيين، والحرية والاستقلال والسلام للقدس لكنيستها القيامة، ومسجدها الأقصى، والعودة للذين شردوا ويتلهفوا نحو اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وبئر السبع واستعادة الممتلكات منها وفيها وعليها. 
على أرضنا وفي بلدنا، ما يستحق المباهاة والفخر، ومن منا لا تسكن فلسطين داخله حُلماً وأملاً وكرامة، لدى الكركية والطفايلة وأهل معان كما أهل المفرق وجرش وإربد، ولذلك الاستقبال واللقاء الذي حظي به أهل فلسطين في احتفال المركزي الثقافي الملكي، من قبل رأس الدولة جلالة الملك، وبمعية رئيس دولة فلسطين، هو التعبير الأردني، منا ولنا جميعاً، وكل عام والأردن بخير، وموعد فلسطين مع هزيمة الاحتلال ومشروعه الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، وزواله، واجتثاث ظلمه عن كامل أرض الفلسطينيين.