عن كلبي .. وتاريخ أجداده الطيبين
وليد حسني
أحبه ويحبني..
يحتفل بصداقتنا كل صباح، يرقص حولي كفراشة، ويقلب حذائي قليلا ليرى ما سقط مني، يلتقط القليل من الذكريات والثواني ويعيد انتاجها عواء في الهواء الطلق.
يقول لي ما لم يقله الناي عن الفراغ بين عيني ونظارتي، ويسألني بروح المتحفز، متى كنت هنا؟ كأنه تماما يقلب سيرة الرعاة منذ أول من رعى الحياة الى اخر قاتل بزي بشري وضيع.
هو كلبي
كان أصغر من حمامة شاردة عن سرب عشاقها، التقطته شريدا وطريدا، قلت له ساكون جزءا من يومك ومن تفاصيل غدك فقط احفظ عني قليلا ما أرى في هذا الفراغ المقيت، حدثته عن سيرة اجداده وعن دورهم في الحب والحرب، عن سيرة الكلاب في البرية وعن سيرتها في التاريخ الضائع بين السياسي وبين المؤرخ كاتب الخطابات البذيئة لسياسي لا يجيد الكلام ولا حتى النباح عن الحب وعن الشعب وعن الطعام والمطر.
هو كلبي
خبأته بين زاويتين عن عيون الناس، قلت له ها هو وطنك، وها هي السيرة الجديدة لنهاراتك المقبلة، كلب في صورة صديق يجثو حين يراني ويتبعني حين اغيب ويرعى خطاي حين أؤوب.
وهو كلبي
صفة الحارس الأليف، والصديق الشفوق، والنهار الذي لا يبدأ بعدوان على خطاك، والليل الذي يسكن بالقرب منك كانه تذكرة سفر لمكان جميل.
كلبي هو..
كانما في صورته ابهى من صور الكثيرين، رؤوف الوف كانما أراد بطبعه ان لا يكون مثل الخاطئين مجرد وحش في حشوة انسان .
وهو كلبُ
لكنه أبهى من سرب الحمام قليلا، وأكثر تواضعا من جابي الكهرباء والماء والهواء والصرف الصحي، وأقل لوما وعتابا من بعوضة لا تنام في سمائك حتى تتعشى على دمك.
وهو كلبُ..
سيدُ في سربه لا يضيره كثيرا إن نام بلا طعام، لن يسألني إن كنت سأدفع ضرائبي بانتظام، ولن يقول لي ما يقوله السياسي في العادة عن الديمقراطية، وأصناف الوطنيين، والثوريين، واللصوص وقطاع الطرق، والمواطنين الطيبين، وآخر وصفات الدواء لحادثة زكام تسارع خطوها في الطريق نحوي.
هو كلبي الأليف الذي يسهر حولي لأنام، مستكملا سيرة أجداده الطيبين في تاريخ الحرب والحب والسلام..//