ثقافة الترحيب باللاجئين في ألمانيا - الانتظار خلف أسلاك شائكة
برلين – د ب ا
على أحد أطراف مدينة بامبيرغ، الواقعة في شمال ولاية بافاريا الألمانية، يقع مبنى ضخم مسور بأسلاك شائكة وعلى بابه يقف رجال ضخام الجسم عند نقطة الحراسة. في السابق كان المبنى ثكنة للجيش الأمريكي. ويضم المبنى داراً للسينما وسوبرماركت وناد ليلي.
اليوم تحوّل المبنى إلى مركز لإيواء طالبي اللجوء. يقودنا رئيس شؤون اللاجئين في منطقة فرانكونيا العليا في ولاية بافاريا شتيفان كروغ في جولة في المركز ويقول: "نحرص على أمن القاطنين هنا". الشقق مزودة بما يحتاجه السكان: مرحاض وبالكون وحمام وغرفة معيشة مشتركة ومطبخ وغرفة نوم. "في الشقق الكبيرة يعيش حتى 16 شخصاً"، يؤكد كروغ.
وتعليقاً على سؤال حول أن ذلك العدد الكبير قد يتسبب بازدحام يقول كروغ: "نطبق المواصفات القانونية حيث يحصل كل قاطن على مساحة قدرها 7.1 متراً مربعاً، مضيفاً أنه تم "تصميم" الشقق للاستفادة من المساحة المتوفرة. ويبدي كروغ رضاه عن الوضع قائلاً إنهم "يراعون النواحي الثقافية والروابط العائلة لدى توزيع اللاجئين على الشقق".
كل شيء حلال وللنباتين نصيب
يُقدم الطعام للاجئين في قاعة كبيرة محمولة على دعامات فولاذية صفراء ومعلق على سقفها مكيفات للهواء. المكيقات ضرورية؛ إذ أنه يمكن أن يجتمع في القاعة 1000 لاجئاً في نفس الوقت. كل الوجبات هنا مطبوخة ومعدة حسب الشريعة الإسلامية. وبإمكان النباتين طلب وجبات خاصة بهم.
المكان مجهز بحيث يتيح لطالب اللجوء التقدم بطلبه ومتابعة ذلك في عين المكان دون الحاجة لمغادرة المبنى. كما يتوفر على أحدث الوسائل التكنولوجيا التي تساعد السلطات في البت بطلب اللجوء. وفي المبنى فرع للمحكمة الإدارية ولدائرة شؤون الأجانب.
يصف كروغ المبنى بأنه "مثال يُحتذى به" لتطبيق الخطة المزمعة بإيواء طالبي اللجوء في مراكز استقبال كبيرة ومركزية. ومع التجاذبات حول تشكيل الحكومة الألمانية الجديدة في برلين يبقى من غير الواضح كيف سيكون التعامل مع اللاجئين ورعايتهم مستقبلاً.
لكن تم الاتفاق بين حزبي التحالف المسيحي، الحزب المسيحي الديمقراطي وشقيقه البافاري الحزب المسيحي الاجتماعي، على إقامة مثل تلك المراكز على غرار مركز اللاجئين في بامبيرغ، بحيث يُوفر كل شيء للاجئين في هذا المكان. وحسب الخطة ستوفر المراكز إمكانية كبيرة لمراقبة الأشخاص الآملين في حياة آمنة وجديدة في ألمانيا. ومن يُمنح حق اللجوء، يمكن نقله بعد ذلك لأمكنة أخرى. ومن يتم رفض طلباتهم يبقون في تلك المراكز بانتظار ترحيلهم.
مزايا للقلة ومصيبة على الكثيرين
"اسمي عادل" يقدم الشاب المغربي من الدار البيضاء نفسه لنا. يشكو عادل من الأوضاع هنا؛ إذ أن "الطعام سيء والحراس خشنو الطباع والسلوك". يتحلق حول عادل ثلة من المغاربة على شكل نصف دائرة ويهزون رؤوسهم بالموافقة على ما يقول. "نحن نستحق منحنا فرصة" يعلو صوت عادل، مضيفاً أنه لن يستسلم وحتى بعد رفض طلب لجوئه. إنها مسألة وقت حتى يتم ترحيل عادل. ويتوجب عليه قضاء ذلك الوقت هنا في المركز.
من الطبيعي أن يعبر قاطنو المركز المرفوضة طلباتهم عن عدم رضاهم أو يبالغوا في التركيز على السلبيات. لكن أين هي الحقيقة؟ وكما في غالب الأحيان فالحقيقة مسألة نسبية. "قد يقضي البعض هنا أسبوعين، إلا أن البعض الآخر قد يقضون عدة أشهر"، حسب ما يخبرنا الخبير الاجتماعي ومدير مكتب "منظمة كاريتاس الخيرية" في المركز، ماركوس تسيبرت. ويتابع أن القاطنين "لا يتمتعون بحيزهم الخاص ولا يمكنهم العيش كما يشاؤون. كان ذلك سيكون أسهل بالنسبة لطالبي اللجوء لو يتم إيوائهم في مراكز أصغر حجماً"، إلا أنه يعود ويقول إن العدد الكبير من طالبي اللجوء يشكل تحدياً على المدينة ذات الـ70 ألف نسمة.
رئيس شؤون اللاجئين في منطقة فرانكونيا العليا في ولاية بافاريا شتيفان كروغ
"تضيع للعمر"
حلت إدارة المدينة، المصنفة من قبل اليونسكو على "قائمة التراث الإنساني"، مشكلة اللاجئين إلى حد ما عن طريق جمعهم في المركز على طرف المدينة. يشكو سكان وأصحاب محال تجارية من اللاجئين، فقد تزايدت أعداد الجرائم الصغيرة في المنطقة مؤخراً. ولا يرغب الكثيرون في إقامة أي صلة مع اللاجئين.
يقف ديفيد من غانا بجانب موقف الباص ويحدق بالحافلة الخضراء. "في غالب الأحيان أبقى هنا ولا أذهب إلى أي مكان"، يقول الشاب ذو الـ37 عاماً ويضيف أنه لا نقود في جيبه للذهاب للتسوق نظراً لعدم البت بطلب لجوئه حتى الآن. "أصلي لكي يحقق الوضع الاقتصادي لألمانيا المزيد من النجاحات؛ إذ أني أرغب في العيش هنا"، يختم الشاب حديثه معنا.
في الجهة المقابلة تعبر خادي من السنغال عن غضبها بسبب "رفض طلب لجوئها". تنتظر السنغالية ترحيلها بعد عام من إقامتها هنا. وتختم الشابة حديثها بالقول إن التوتر هو سيد الموقف مع غيرها من اللاجئين أو مع الحراس، واصفة إقامتها هنا بأنها "تضيع للعمر".
شرح لصورة
مركز ايواء اللاجئين