موجة بحر: بين يدي دولة الرئيس. التوافق والتسويات
عامر الحباشنة
في ضوء المشهد السياسي الداخلي والخارجي الناتج عن تراكمات مرحلة سياسية شهدها الوطن وخاصة في ظل المتغيرات الإقليمية فيما عرف بمرحلة الربيع العربي والتي لا ينكر مطلع متواضع تأثيرها على المشهد الداخلي، وكل ما رافق ذلك من انعكاسات داخلية على المستويات كافة والاقتصادي منها خاصة، نتجية صراع القوي الإقليمية والدولية على تحديد مسار المرحلة المقبلة والتي تطال تغيرات في التموضعات والادوار الإقليمية السائدة سابقا، وخاصة في رسم ملامح الحلول السياسية للقضية المركزية ومستقبل الصراع المفتوح للمشاريع التصفوية والمضادة للصراع المزمن وعنوانه الأبرز القضية الفلسطينية.
ولأن الماضي يخبرنا بان الأردن كان دوما باروميتر القياس لمالات الصراع حتى في اوج التجاذب العربي العربي فيما عرف بعقود التصنيفات التقدمية والرجعية للأنظمة العربية، ولأننا ولاكثر من سبب تجاوزنا مرحلة الاضطراب المباشر لمسلسل التدمير الممنهج في المنطقة، فإننا لا نزال في مجال ترددات هذه المرحلة ،ولا يؤمن قياس مدى استطاعتنا النجاة باقل الأضرار من تداعياتها المباشرة وغير المباشرة.
واستنادا لهذه المقدمة المختزلة، ولما نشهده من حالة السؤال الأكثر سيادة فيها هو إلي أين نحن ذاهبون " لوين رايحين " سؤال يتكرر منذ اكثر من عقد على الاقل وان كان البعض يعيده لمرحلة بدء برنامح التحول الاقتصادي، وبغض النظر عن متى بدأ هذا السؤال، إلا أنه بالفعل اصيح التساؤل الأكثر شيوعا، سؤال يردده ( مع الفارق بينهم ) معارضون ، مستعرضون ، وزراء سابقون، ورجال دولة كانوا لوقت قريب جزءا من صناعة القرار الذي اوصلنا لما وصلنا إليه، ومع أن الدولة طرحت عبر أدواتها التنفيذية والتشريعية منظومة من الإصلاحات تمثلت بقوانين مركزية ثلاثية الأبعاد تشريعيا بقانون الانتخاب واللامركزية وقانون الأحزاب وقوانين إقتصادية لعل آخرها قانون الضريبة الجديد، وكل هذا لم يجعل احدا قادرا على الاطمئنان بأننا نسير بالاتجاه الصحيح، حتى مع كل ما يقال عن مشروع النهضة والوعود بإصلاحات تشريعية وضريبة وتعديدلات لقانون اللامركزية، وكاننا في كل مرة نعيد اجترار أنفسنا وشعاراتنا ونعدل على ما هو معدل، وهذا الاجترار والتكرار يسحب من رصيد الدولة ومؤسساتها المتناقص لدى المواطن.
وهنا، ومع كثرة الحديث عن دولة القانون والمؤسسات ومشروع النهضة القابل للقياس، ومع النقد الذي يمارس من النخب السياسية والاجتماعية الفاعلة من رجال القرار والدولة السابقين، ومن السلطة التشريعية والقوى المدنية والسياسية وما تبقى من أطر الأحزاب، وصولا للقوى النقابية التي جنحت للتأقلم مع الواقع دون القناعة به، مع كل هذا يتبين بأننا نعيد الكرة السابقة بدوامة التجاذب بين الواقع والطموح وبين الشعارات والقدرة على تطبيقها، فعدم تطبيق الشعارات والبرامج السابقة افقد الجميع الأمل بالنجاح وان صدقت النوايا.
وهنا عليك دولة الرئيس ان تعترف وانت تعرف ان تجاذبات ومراكز قوى ومصالح يمكن اجمالها بمصطلح قوى الشد العكسي، وأن قوى مجتمعية فاعلة وشخصيات وطنية، كلها وصلت وبدون أن تلتقي على رأي واحد، تلتقي على أننا لا نسير بالاتجاه الصحيح ولكل أسبابه مصيبا كان ام مخطئا، وهذا الواقع يتطلب خطابا وطرائق تخرج الخطط والأداء الحكومي من النمط السائد في إدارة الدوله، وحتى لا يصبح خطاب ومشروع النهضة المطروح مجرد حديث سيرفضة ويطرحة جانبا الرئيس والفريق التالي، فإن المطلوب الاستناد إلى عناوين مشروع النهضة الذي تتحدثون عنه لخلق مشروع وطني نهضوي حقيقي يستثمر في اللحظة الفاصلة، من خلال الاعتراف بالدرجة الأولى بأن هناك أزمة ثقة شاملة تسود العمل الوطني ومؤسساته، وبأن المطلوب الخروج من التقليدية في الأداء فعلا وليس قولا، وهذا يقود في الدرجة الثانية لحوار يقود لتسويات على الأرض مع القوى الفاعلة في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي وهي معروفة لديكم، لأن فعاليةهذه القوى هي من يعيق المشهد، بجانبها المتمثل بقوى الشد العكسي ممن مارس السلطة ومكتسباتها ، وجانب قوى الرأي الأخر من فعاليات سياسية ونقابية ومدنية ، ودون تسويات توافقية مع هذه القوى على أرضية المصلحة الوطنية العليا وتحت عناوين تقدير الموقف الداخلي بشفافية والموقف الإقليمي بحقيقته، دون ذلك لن نستطيع ولن تستطيع حكوماتكم الموقرة التأسيس لتجاوز الأزمات ومواجهتها .
دولةالرئيس، ،
النواياالحسنة لا تدخل الجنان، والبرامج الحسنة لا تحل المشاكل دون مواجهة حقيقية مع تضاداتها على الأرض، فهل لديكم الإستعداد للتأسيس لما هو قادم، ببرنامج وطني جامع وأنتم تمتلكون ارثا شخصيا يخلو للحظة من الأحكام المسبقة، وأنتم تنعمون بثقة ملكية عبرت عن نفسها ورغباتها بمجموعة من الأوراق الملكية التى لم تجد في الجوهر طريقها للتنفيذ في برامج حكومتنا الاخيرة.
في الختام، إن استطعنا إنجاز نصف أهدافنا بتوافق وتسوية وطنية جامعة سيكون أفضل من تكرار أنفسنا دون ضمان بأي إنجاز عدا إنجازات التطور الطبيعي ،ولا ضير أن تعترف لمرة واحدة بأن حكوماتنا تخطئ وأخطأت فلم نشهد حكومة اعترفت بتقصير ولو من باب المجاملة.
هي فرصتكم في الخروج من النمطية الحكومية والتفكير خارج الصندوق، فالوطن والمواطن يستحق.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.//