ماكرون يبحث عن مَخرج و"السترات الصفراء" تعلن عن تحرك جديد السبت

بدأت عفوية على الإنترنت وأصبحت الأعنف منذ 50 عاماً

 

 – وكالات

بالرغم من الهدوء الذي يسود شوارع العاصمة الفرنسية باريس، الا ان مراقبين لا يرجحون أن تتوقف الاحتجاجات قريباً، كما قال المتخصّص في السياسة البيئية، في معهد الدراسات السياسية في باريس، فرانسوا جومين، خصوصاً أن الحكومة لم تغيّر موقفها.

واعلنت حركة "السترات الصفر" أنها ستنظّم في السبت القادم الثامن من الشهر الجاري تحرّكاً جديداً تحت عنوان "إسقاط الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون"، فيما أجرى رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب بطلب من ماكرون  محادثات مع زعماء المعارضة امس، في مسعى من الرئيس الفرنسي للبحث عن سبل نزع فتيل أزمة مظاهرات تعم البلاد احتجاجاً على ارتفاع تكاليف المعيشة وأدت لأعمال شغب واسع النطاق وتخريب في باريس مطلع الأسبوع.

وفاجأ ما يعرف باسم انتفاضة (السترات الصفراء) ماكرون عندما تفجرت الأحداث يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني وهي تمثل تحدياً هائلاً أمام الرئيس البالغ من العمر 40 عاماً، بينما يحاول إنقاذ شعبيته التي هوت بسبب إصلاحات اقتصادية ينظر إليها على أنها منحازة للأغنياء.

والحركة بلا زعامة واضحة مما يجعل المحادثات أكثر تعقيدا بالنسبة للحكومة، وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة (هاريس إنترأكتيف) بعد اضطرابات السبت أن التأييد الشعبي للسترات الصفراء ما زال مرتفعاً إذ يؤيد الاحتجاجات سبعة بين كل عشرة فرنسيين.

وقال كريستوف شالونسون، وهو واحد من بين نحو ثمانية متحدثين شبه رسميين باسم حركة (السترات الصفراء)، لتلفزيون (بي.إف.إم) إنه لن يشارك في محادثات «للتفاوض على الفتات». ودعا لوران فوكييه، رئيس حزب الجمهوريين أكبر أحزاب المعارضة، إلى استفتاء على خطة ماكرون الانتقالية للطاقة.

ودعا جان لوك ميلينشون رئيس حزب فرنسا الأبية ومارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف إلى حل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة.

وندّدت مجموعة من عناصر "السترات الصفر" عبر صحيفة "لوجورنال دو ديمانش" بكل أشكال العنف، مقترحة على الحكومة الفرنسية مخرجاً من الأزمة.المجموعة التي أطلقت على نفسها اسم "المتحدّثين باسم السترات الصفر الأحرار" أكدت جملةً من المطالب أهمها النظر في الضرائب ومؤتمر وطني حول مسألة الحركة التنقليّة وتنظيم استفتاءات حول التوجّهات الاجتماعية للبلاد واعتماد النسبية في التصويت في الانتخابات.

وكانت باريس قد استيقظت، الأحد، في حالة صدمة غداة التظاهرات العنيفة التي ضربتها، فنزل كثير من الباريسيين إلى الشوارع لمعاينة الأضرار التي تركها المتظاهرون، وراوحت ردود فعلهم بين الغضب تارة، وبعض التفهم تارة أخرى لأسباب هذه الاحتجاجات.

وكانت الأضرار واضحة بشكل خاص على طول «لا غراند أرميه» قرب ميدان قوس النصر، من حيث بدأت المواجهات التي أوقعت أكثر عشرات الجرحى وأدت إلى اعتقال نحو 400 شخص.

وفي مشهد لم تألفه العاصمة الفرنسية كانت السيارات والدراجات النارية المتفحمة لا تزال، صباح الأحد، في الشوارع، وحولها تُشاهد كثير من واجهات المحال المحطمة، في حين تتوزع بقايا القنابل المسيلة للدموع على الشوارع والأرصفة.

وفي شوارع أخرى من وسط وغرب العاصمة التي شهدت مواجهات، كان الوضع مشابهاً وانتشر عمال البلدية لتصليح ما تخرب وتنظيف المكان.

وشهدت مدن أخرى احتجاجات للسترات الصفر، بينها ليل وبوردو ومرسيليا. وشارك في التظاهرات رئيس حزب "تيار فرنسا غير الخاضعة" جان لوك ميلانشون، الذي وصف ما يجري، بالثورة الشعبية، وأشار الى أن ما يجري في باريس هو نتيجة قمع الشرطة المتظاهرين وقطع الطرق أمامهم.

وقال متحدث باسم شركة توتال إن المحتجين قطعوا الطرق المؤدية إلى 11 مستودعاً للوقود تملكها الشركة، وإن البنزين غير متوفر في 75 من محطات الوقود التابعة لها.

وطالب اتحاد نقابات الشرطة الحكومة بفرض حالة الطوارىء، وأعلنت السلطات الفرنسية التعرف على هوية ثلاثة آلاف ممن وصفتهم بـ "مثيري الشغب" على أن تتم إحالتهم إلى التحقيق.

وتضم حركة (السترات الصفراء) أطيافاً من المؤيدين من مختلف الأعمار والمهن والمناطق، وبدأت على الإنترنت كرد فعل عفوي على رفع أسعار الوقود، لكنها تحولت إلى تعبير أوسع عن الغضب لارتفاع تكاليف المعيشة على أبناء الطبقة المتوسطة.

ويبدو أن تمهل الرئيس الفرنسي في الرد على مطالب السترات الصفراء، يعود إلى صعوبة السيطرة على احتجاجاتهم، وإلى الأثر الكبير الذي خلفته صور أعمال الشغب في وسط باريس على العديد من الفرنسيين.

ويقول ماكرون إن الضرائب على المحروقات جزء من مسعاه لمحاربة تغير المناخ، وإنه يريد إقناع السائقين الفرنسيين بالاستغناء عن السيارات التي تعمل بالديزل والإقبال على أنواع أقل تلويثاً للبيئة. وأضاف السبت أنه لن يحيد عن أهداف سياسته.