التصحر العقلي ... معضلة التقدم والتنمية !!!

  المهندس هاشم نايل المجالي

كلنا يعرف ان التصحر هو مرض من الامراض التي تصيب الاراضي الزراعية فيصبح هناك تدهور في خصوبة التربة المنتجة وانخفاض في انتاجيتها وحينها لا بد من اعادة تجريفها ومعالجتها بشكل سليم حتى تعود الخصوبة اليها وتعود لتنتج .

وفي كثير من البلدان هناك تصحر فكري عندما تكون نسبة البطالة من المتعلمين مرتفعة ولا تستثمر وتستغل فهي عاطلة عن العمل والانتاج والتفكير او الابداع حيث يصيب التصحر عقولهم فيهلكها ويفقدها تدريجياً القدرة على الانتاج والابداع او التجديد والتطور ، فهذه نخبة مثقفة يجب ان تحظى بالاهتمام سواء كانت ادبية او علمية او سياسية او اعلامية فهي نخبة المجتمعات القادرة على التنمية في كافة المجالات .

اي اننا نتكلم على التنمية في كافة المجالات اي اننا نتكلم عن تصحر الحقول ، وتصحر العقول ، والذي يؤدي الى الفقر بشكل او بآخر فانعدام السياسات الحكومية وعدم تعاون القطاع الخاص باشكاله وانواعه تجاري وصناعي ومالي وغيره يميت اشجار الوطنية بوباء المنفعة والشللية فاذا كانت الحكومة عاجزة عن التعيين او استثمار هذه العقول في العديد من الحقول الميدانية واستغلالها لتنتج فان القطاع الخاص وبعد ان فرضت عليه الضرائب وغيرها يفضل العامل الوافد على العامل الاردني لانه يزيح عن كاهله التأمين والضمان وقادر على الاستغناء عن خدماته في اي وقت ، والكثير من ذلك اي ان الشباب المتعلم قد وقع بين نارين ولا يوجد اي احد ليسقي الجذور وهذا من اخطر الجروح التي تصيب الوطن الفقر والبطالة ، والتي يجب ان تحظى باهتمام كافة الجهات المعنية حكومية وقطاع خاص واعطاء الاولوية لدراسة البطالة المتعلمة خاصة في ظل زحف الرمال على التربة الصالحة اي زحف عدد كبير من المتعلمين المهنيين من دول مجاورة الى الوطن ، فاخذوا حصة الشباب المتعلمين في غالبية الاماكن العملية تجارية وصناعية وحتى في المشاريع الانتاجية فهم شركاء في كل مصلحة مع مواطنين اردنيين وتحت مظلتهم وبالتالي لم يبقى لدى شبابنا الا الهجرة اي هجرة الكفاءات هجرة العقول الى خارج الاوطان وبالتالي تنعدم قيم الانتماء والحب للوطن الذي لم يحتضنهم ، وهل هي العولمة وراء ذلك عندما تفرض على الدولة السماح للكوادر المهنية المؤهلة من جنسيات عربية وغيرها للعمل في غالبية الميادين فماذا يعني ذلك وما هي الرسالة التي نفهم فحواها وطنياً .

ولقد زهقنا من متابعة المشاهد المتكررة لزيارات مسؤولين للمحافظات وعقد اجتماعات وطرح افكار تسويقية مشروطة بتوفر المخصصات المالية فهذه اسطوانة تعاد عندما تشتد ازمات الحراكات في المحافظات ولم يعد هناك اي نفسية لحضور مثل هذه اللقاءات الا اذا كان هناك دعوات مقرونة باتصالات ، نحن بحاجة الى انشطة وبرامج ومشاريع على ارض الواقع مقرونة بالتنفيذ ، وليس ورشات مقرونة بالعزائم والوجبات الغذائية يجب ان تتعايش مع الالم الذي يعيشه شبابنا وليس مع جودة الطبخ وهل اصابنا  التصحر الفكري واصبحنا عاجزين عن ايجاد الحلول لهذه المعضلة ، وهي محلولة في العديد من الدول المتحضرة فهناك نخبة تفكر وتبدع وتبتكر حلول لكن ماذا عن فئة النخبوية التي لدينا والتي تتناول الشأن العام الا اذا كان من يدير هذا الملف غير قادر على القيام بالمهام والمسؤوليات الموكلة اليه وهذا يسمى بالتقهقر الفكري للمسؤول ، وهذا لا يحتاج الى شرح مطول فالعنوان كفيل بفهم المضمون .

ورسالتنا للشباب الذي يبحث عن لقمة العيش لا تنتظر الوظيفة لان ذلك يحتاج لعدة سنوات وحينها تكون قد اصبت بتصحر العقول والفكر ولم يعد لممارسة علمك اي معنى للوجود ، فعليك ان تعيد تأهيل نفسك باستمرار ورفع كفاءتك والمشاركة التطوعية والبحث عن اي وظيفة حتى ولو لم تكن من اختصاص دراستك ، فليس هناك من يعمل لمساعدتك او تبني مطالبك فهذا التصحر الفكري والعقلي ضد التقدم والتنمية ، فاخرج عن النمط السائد الذي يجفف نمط الفكر ، فأنقذ نفسك بنفسك قبل فوات الاوان .//

 

 

hashemmajali_56@yahoo.com