هل 100%طاقة متجددة ممكن؟
د. أيّوب أبو ديّة
سمعنا في الحوارية التي نظمتها فضائية "المملكة" بين معالي الدكتور إبراهيم بدران ومفوض دورة الوقود النووي في هيئة الطاقة الذرية بتاريخ 4/11/2018 أن الطاقة المتجددة ليست بديلاً عن الطاقة النووية؛ وهذا التقييم ينطوي على معلومات خاطئة ومضللة، لذا اقتضى الأمر توضيح بعض الأمور في هذا المضمار استناداً إلى بعض الإحصائيات التي جاءَت في أحدث تقرير REN 21 لعام 2018.
بداية، نرغب في التأكيد على أنه من المستحيل إقناع دول كثيرة تنتمي الى الدول المتقدمة بهذه المقولة (الطاقة المتجددة ليست بديلاً عن الطاقة النووية) وبخاصة الدول التي عزمت على التخلص من مشاريعها النووية إلى الأبد، ومنها ألمانيا التي عزمت على شطب كافة مفاعلاتها النووية بحلول عام 2022. وبالمقابل فإن ألمانيا أصبحت في عام 2017 رقم 5 عالميا من حيث الاستثمار في الطاقة المتجددة ورقم 3 عالمياً من حيث الاستثمار في طاقة الرياح (بعد الصين والولايات المتحدة(.
ومما جعل التوجه صوب 100% طاقة متجددة في إنتاج الكهرباء تطور الشبكات الذكية التي تقوم على إدارة الإنتاج المتذبذب من الكهرباء VRE وكذلك إتباع أسلوب ضخ المياه إلى أماكن مرتفعة عندما يتوفر الفائض، وأيضاً عبر التخزين الحراري في الملح الذائب أو بطاريات تسلا الحديثة كما حدث في تخزين طاقة الرياح في جنوبي استراليا مؤخراً. والدنمارك هي مثال رائع على تداخل أنواع متعددة من مصادر الطاقة المتجددة التي بلغت 53% في الدنمارك عام 2017 وهي اليوم ما زالت تنمو باضطرد.
وتشير إحصائيات REN 21 أنه في عام 2017 بلغ عدد الدول في العالم التي تولد 90% من كهربائها من مصادر متجددة 17 دولة، منها الأروغواي وكوستاريكا وإثيوبيا وسكوتلندا. وفي ألمانيا تعهدت أكثر من 150 مقاطعة وبلدية ومدينة أن تبلغ 100% من حاجتها للكهرباء من الطاقة النظيفة قريباً كما سوف تفعل كاليفورنيا في الولايات المتحدة بحلول عام 2045.
أما السويد، وهي الدولة التي قررت التخلي عن كل محطاتها النووية بحلول عام 2025، فقد باتت في عام 2017 رابع دولة في العالم من حيث حصة الفرد من الطاقة النظيفة (ص 25 من التقرير) وثالث دول العالم من حيث طاقة الرياح المولدة لكل فرد؛ بل بدأت السويد في تحويل سفنها من الديزل إلى الكهرباء النظيفة.
أما سويسرا التي تسهم الطاقة النووية في 32% من إنتاج كهربائها قد قررت بتصويت وطني عام 2016 التخلي عن الطاقة النووية واستبدالها بالطاقة المتجددة بالكامل وبقدرات أكبر لتخزين الطاقة المتذبذبة في السدود لتوليد الطاقة الكهرومائية، كما حدث في سد Veytaux الذي بني عام 1971 وتمت إضافة مولدات بقدرة 240 ميجاواط.
ألا تدرك أيها المفوض إن الإصرار على مشاريع الطاقة النووية الأردنية لتوليد الكهرباء هو الذي أعاق مشاريع التنمية والتطوير وتوليد الكهرباء من مصادر محلية كالصخر الزيتي والطاقة المتجددة منذ أزمة الطاقة والاقتصاد العالمي 2007 – 2008؟
ألا تدرك أن حصة الكهرباء التي حجزتها هيئة الطاقة الذرية في خليط الكهرباء الأردني والتي بلغت في فترة ما 40% هي التي قيدت مساهمة مشاريع الصخر الزيتي الوطني إلى 14% ومشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية إلى 2700 ميجاواط بحيث لا تتجاوز 20% من الكهرباء بحلول عام 2021 - 2025؟
ألا تدرك أيضاً أنها كانت سبب تأخر مشاريع ترشيد الطاقة، فيما ظل الأردنيون ينتظرون توليد الطاقة النووية الرخيصة كما سوقت لها الهيئة عبر فكاهية "خضرة وزعل" على التلفزيون الأردني لسنوات طويلة؟
يا دولة الرئيس، كان الوعد الأول بانتاج الكهرباء النووية عام 2015 كما صرحت هيئة الطاقة الذرية عام 2008 وكان الوعد الثاني عام 2020 وفق تصريحات في الراي بتارخ 9-1-2012، ثم 2025 وهكذا. أما آن الأوان أن تتعرى الحقائق أمام الناس وتوضع الأمور في نصابها الصحيح يا دولة الرئيس؟//