ملف النقل...«التطبيقات» و«الأصفر»
الترجمة الحقيقية للأزمة بين «التاكسي الأصفر» وتاكسي التطبيقات، هي ببساطة تعني تخلي حكومات عن التصدي لملف مهم في الاردن يشكل أرقًا للمواطنين في جميع المحافظات وعلى رأسها عمان «أم ندهتين» التي تعاني من تكدس سكاني في ظل ضعف التنمية بالمحافظات الأخرى.
الأطراف الرئيسة في هذه الأزمة، هم أصحاب «الأصفر» و»كباتن» سيارات التطبيقات والمواطن، واذا ما استمعت لشكاوى أي منهم تجده محقا ولو بشكل نسبي، لذلك لا يمكن ان تحدد الطرف الظالم من المظلوم، وهو أمر لا تنفرد فيه هذه الأزمة فقط وانما ينسحب على أزمات كثيرة منها التعليم والصحة وتحديدا في القطاع الخاص.
بغض النظر عن أهمية سيارات «التطبيقات» للمواطن الذي لا تؤمن له الحكومة شبكة مواصلات حقيقية، الا أن التعامل مع أي قطاع بقرارات متفردة دون وضعها في السياق العام هو ما يخلق هذه الأزمات، ففي قطاع النقل تحديدا فان العشوائية والتخبط في التخطيط يتجليان تماما، وهذا الملف المفتوح من عمر الدولة الاردنية لم يحل حتى الآن.
أعتقد أن ملف النقل بحاجة الى جدية حكومية في التعامل معه، وعدم العشوائية في اتخاذ القرارات، حيث يجب أن يدرس الأمر برمته خاصة في ظل التوسع العمراني في عمان والمحافظات، وخلق مناطق سكانية واسعة لا يخدمها حتى خط باص، ويعتمد سكانها في التنقل على خدمة السيارات الخاصة العاملة هناك دون ترخيص.
ملف النقل يحتاج الى قرارات جريئة شأنه شأن قطاعات أخرى لم يؤخذ بها قرار، على أن هذه القرارات يجب أن تؤخذ بناء على دراسة من قبل جهات متخصصة، يمكنها تشخيص المشاكل ووضع الحلول الكفيلة بانفراجة حقيقية، تنعكس على المواطن وعلى الحكومة التي تعاني من الفاتورة النفطية الناتج استهلاكها بشكل كبير عن استخدام السيارات الخاصة في الشوارع، ناهيك عن الفوائد الأخرى من الحفاظ على الشوارع التي تتهالك بفعل الحركة الدائمة وإنهاء الأزمات المرورية المتواصلة في العاصمة.
قضية التاكسي «الأصفر» لا يمكن أن نجد لها حلولا بشكل منفصل، ولا حتى نستطيع منح تراخيص لشركات التطبيقات كما حصل بشكل منفصل، ولا أن نمنح فردا واحدا «خط باص»، ولا نترك الحبل على غاربه للسيارات الخاصة للعمل بالأجرة في أغلب محافظات المملكة، نفتقد الى حلول شاملة كافية وافية تحقق العدالة للجميع وتقدم الخدمة المناسبة للمواطن، وتخفف الضغط عن موارد وموازنة الدولة.
المهم أن يكون هناك جدية في البحث عن حلول، وكل ما نحتاجه هو قرار جريء يصب في النهاية بمصلحة الدولة والمواطن، فلا يعقل أن دولة مثل الأردن تمتلك موارد بشرية متخصصة في أغلب المجالات، غير قادرة على تنظيم قطاع النقل، مع اعترافنا بأن الحلول تحتاج الى سنوات لكن دعونا نبدأ على الأقل.