نووي "حكومة الظل"
د. أيّوب أبو ديّة
ذكر برنامج "حكومة الظل" على تلفزيون المملكة يوم السبت 4/11/2018 خلال المناظرة بين معالي الدكتور إبراهيم بدران ومفوض دورة الوقود النووي الدكتور أحمد الصباغ نقلاً عن تصريحات هيئة الطاقة الذرية أنه تم الإنفاق على المشروع النووي الأردني 112 مليون دينار، من ضمنهم 59 مليون دينار على المفاعل النووي البحثي؛ وهذا كلام غير دقيق حيث أن تكلفة المفاعل نفسه تجاوزت 130 مليون دولار إضافة إلى 42.5 مليون دولار طلبتها الهيئة من دولة رئيس الوزراء بكتاب رقم 1/1/2909 تاريخ 20/8/2013 ما يجعل تكلفة المفاعل الكوري وحده 172.5 مليون دولار ستدفع كلها بما في ذلك القرض مع فوائده، أضف إلى ذلك المفاعل البحثي الصيني الذي تم تشغيله عام 2010 ومصاريف أخرى. هذا حال المفاعل البحثي والله أعلم بالدفعات الأخرى التي نأمل أنها الآن بأيد أمينة تحت إشراف ديوان المحاسبة، فشكراً لحكومة الرزاز.
وقد تفاجانا أن يضرب مفوض دورة الوقود النووي في هيئة الطاقة الذرية دولة فرنسا مثالاً يقتدى به نووياً، فهل الأردن شبيه بفرنسا من حيث الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني؟ وهل تجربة فرنسا يحتذى بها بعد أن قررت حكومة هولاند السابقة خفض نسبة الاعتماد على الكهرباء إلى 50% عام 2025 بعد أن وصلت إلى أكثر من 80% وفق تصريحات وزيرة البيئة الفرنسية Brune Poirson؟
كذلك فأن مشروع فلامنفيل النووي الفرنسي الذي زاره النواب بدعوة من هيئة الطاقة الذرية عام 2012 يستحق الرواية لأن المفوض كان في ذلك الزمن بالكاد أنجز درجة الماجستير وسجل حديثاً لدرجة الدكتوراه، وعلى الأرجح أنه لم يسمع بتلك الرواية.
إن مثال فرنسا النووية ينعكس في حالة المفاعل الأخير الذي يتم بناؤه هناك واسمه فلامنفيل Flamanville.3 الذي استضاف مجموعة كبيرة من نواب الوطن بدعوة كريمة من هيئة الطاقة الذرية عام 2012، وكان ينبغي أن يبدأ بالعمل في ذلك العام، علماً بأنه انطلق العمل فيه عام 2007، فيما كانت التقديرات لتكلفته 3-4 مليار يورو. ومن الجدير قوله أنه لغاية اليوم لم يبدأ بالعمل ووصلت تكلفته 10.9 مليار يورو ويتوقع له الخبراء أن يشرع في العمل مع نهاية عام 2020. فهل هذا هو المثال الجيد الذي ينبغي أن نحتذي به أيها المفوض النابه؟
وأضيفك من الشعر بيتاً، أنظر إلى مفاعل Olkiluoto الفنلندي الذي بدأ الفنلنديون العمل به عام 2005 وما زال يراوح مكانه حتى يومنا هذا بتكلفة تجاوزت ثلاثة أضعاف التقديرات الأولية! كفانا استهتارا بعقول الناس والحديث عن إعداد المفاعلات في العالم التي يتم بناء أغلبها في الصين. فعندما يصبح ناتجنا القومي 10% من حجم الصين والذي زاد عن 12 تريليون دولار عام 2017، وعندما تصبح قدرة الشبكة الكهربائية 10% من قدرة الصين التي تجاوزت مئة غيجاواط، عندها يمكننا التحدث عن أي بدائل للطاقة تقترحها.
كذلك يستشهد المفوض بأبحاث نشرها مركز المسارع الضوئي في أهم مجلة عالمية هي نيتشر. وعندما عدنا إليها وجدناها مقالة بمثابة شرح للمشروع واتضح أنها ليست بحثا وكاتبها ليس أردنيا واسمه كريس سميث. فلماذا هذا الأسلوب المضلل الفارغ من أي قيمة علمية؟
والغريب في أسلوب المحاور التوتر الشديد واستشهاده مرتين بمقولات من سيد البلاد، فلماذا تتسترون وراء سيدنا، اليس في ذلك اساءة له عندما يتم تاويل تصريحاته؟وما علاقة الدراسات الفنية والاقتصادية بذلك، فالحجة تُضحد بحجة من النوع نفسه.
ختاماً نتساءَل: ألا ينبغي أن يُقـّدم الناس الذين يروجون لأباطيل على منصات إعلامية عامة إلى المحاكمة؟ أليس هذا أيضاً ما ألمح إليه سيدنا؟//