الصياد النفعي ... !!!

     المهندس هاشم نايل المجالي

 

السفسطة هي الحديث بغرض الحديث او الكلام الذي لا يفضي الى نتيجة او اي شيء . فلقد سادت سابقاً مجالس شعبية وقضاة شعبيون على ان غالبيتهم اصحاب حكمة ومهارة على اعتبار ان الفرد فيهم بارع حتى في الجدال مع الاخرين , لكن نتيجة هذا الجدال بين كافة الاطراف يصل الى استنتاج غير مقبول سواء لتعذر تنفيذه او كونه مغلوطا وغير مطابق لقواعد الاصول اي اقوال وحوادث مموهة والقصد من كافة هذه الحوارات تضليل الرأي العام بأسلوب الخلط.

إذ نجد أن هناك رغبة ارادية فردية لدى الشخص السفسطائي بتضليل محاور النقاش لاحداث ارتباك فكري لدى الاخرين وتعميق الحجج الفكرية لتبقى المغالطات وعدم التركيز للتغلب على المنطق والعقل تخنق الحقيقة , والكثير من الخبراء الاجتماعيين والنفسيين يعتبرونه ( صياد نفعي ) ذا طمع وجشع يشتري ويبيع بالمعلومات والمعارف على ان هذه المعلومات والاخبار هي الصالحة للبيع , وتجده ماهرا في المشاحنه والمعارضة ومشعوذة بالتجارة وبالايحاء والايهام فهو من دعاة المعرفة على انهم يحاكون المسؤولين وانهم سادة الكلام.

هؤلاء السفسطائون القدماء والذين تم حرق كتبهم في ذلك الزمان قد عادوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي سنحت لهم الفرصة لممارسة طقوسهم باسم حرية الرأي والتعبير لنجد ان جدالهم عبر هذه المواقع لمجرد الجدال حتى يتعب خصمهم وليتراجع عن كثير من القرارات او يشوش عليها حتى وصل الامر الى مرحلة التناحر والصدام في كثير من القضايا السياسية والاجتماعية فالسفسطة تسوّق بفعل افراد مدركين الوصول الى مرحلة التناحر بين المتابعين لتلك الحوارات , وهي بقايا النفس البدائية في الفكر الاجتماعي من خلال مجاراة التكنولوجيا بطريقة سلبية وخاطئة إذ إنه بعد أن يحقق هدفه من خلال تضليل المعلومات والتشابك بين الاطراف بالاراء لنصل الى مرحلة التناحر تجده يشعر بالنشوة والانتصار .

فبداية الاختلاف وصناعة المعلومة بشكل مغلوط ومفبرك بوجود وسائل الفبركة التكنولوجية سيتحول الى خلاف شخصي او جمعي يؤدي الى تنافر فيما بعد، ومن ثم الى خصومة وعداوة وتناحر . حيث التشبث بالذهنية لتصبح مع التكرار تكوينا عقليا للحياة اليومية وكميزة من ميزات الاختلاف الطبيعي , اي بمعنى هناك من اصبح يجيد فن الخبص بين الاطراف بفكرة المنحرف البدائي الذي طغى عليه فهو يؤمن بأهمية صناعة الفوضى في كافة الاماكن ومتنكساً النهوض الاجتماعي ومعرقل للتطور والارتقاء لان السفاسطة يصنعون التعصب الفكري لدى الافراد والاقصاء للاخرين وتخوينهم على انهم عملاء او مرتزقة , ليحولوا تلك الشخصيات تدريجياً الى هدف مستحدث وبالتالي افرازات التناحر الاجتماعي والسياسي على المنصب وبمزاج سيىء نحو أي قضية او ازمة لاضفاء حالات مختلفة من الفوضى لخلق حالة التنافر والتناحر في التوجهات وتشبثهم بالعصبيات الفكرية فهذا يظلم هذا وهذا يتهم ذاك في عصر العولمة التي جعلت من العالم قرية عبر تلك الشاشة الصغيرة التي خلقت الفتن والمخالفات والتناحرات والتناقضات بدل استغلالها لما يفيد ونستفيد . كل ذلك من افراد ضالين مساندين للمؤامرات الدنيئة التي تحاك اتجاه الوطن من اجل تشتت صفنا وخلق الفرقة والاختلاف والتباغض حتى اصبحت القنوات الفضائية تتسابق على كل من هو سفسطائي لجذب اكبر عدد من المشاهدين للنقد والتجريح وتتبع الاخطاء .

فكثير من الناس تركوا وازاحوا وابتعدوا عن مخافة الله قال تعالى ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فانقذكم منها) . لقد ترك الكثيرون كتاب الله واقبلوا على الكلام والحوارات التي لا تؤدي الى نتيجة سوى التناحر , فهؤلاء السفسطائيون هم السوس الذي ينخر في جسد الوطن ان الانسان اذا انعزل مع نفسه حتماً وتحاور مع آخرين حواراً عقيماً حتماً سيقع في الهفوات والزلات دون ان يشعر . وان الاجتماع والحوار الناجح هو علاج ناجح يطرد الشياطين وهو خير له من ان يجلس حبيس جواله او موقع الكتروني كثر فيه السفسطائيين يجعلونه ان يكره مجتمعه ووطنه حتى اقرب الناس اليه . وها نحن نشاهد مجموعة منهم من خارج الوطن تغرد وتكذب وتتدعي الحقيقة والمعلومة, وهناك من يساندهم من داخل الوطن كل ذلك لتحقيق ما في نفوسهم من حقد وكراهية وهناك من ينتحل اسماء وهمية لعائلات أردنية يتحدثون ويكتبون بأسمهم نوعا من انواع الفتنة .

ولقد اصبح هناك عدد كبير من الشباب يعاني من التوتر والاجهاد العقلي وعدم الراحة بسبب كثرة الافكار المغلوطة والقيم المتناقضة في آن واحد, حتى وصل بهم الامر للقيام بسلوكيات تعارض القيم الاخلاقية والربانية حيث المدركات المختلفة المتناقضة بسبب التواصل مع شخصيات ذات علاقات مشبوهة , وهذه الظاهرة تجعل منه شخصية تحب التنافر المعرفي من الاخرين وتحب المتعارضات الادراكية فكراً وسلوكاً بدل ان تكون مدركات متناغمة مع الحقيقة والواقع والواجب والمصلحة العامة .

كذلك فهو يبرر سلوكه الادراكي بسبب اضافة مدركات ملوثة جديدة ونجد الشخص اصبح يتجاهل وينكر اي معلومة حقيقية تتعارض مع معتقداته الجديدة وتصبح لديه مخططات فكرية عبثية .//

        

hashemmajali_56@yahoo.com