الانتفاضة الاولى.. مرحلة من مراحل
ما قبلها وما بعدها
عامر الحباشنة
.. منذ بداية حركة النضال الوطني الفلسطيني ضد المشروع الصهيوني على ارض فلسطين، تعددت الاساليب وطرق المواجهة، ويمكن تقسيم تلك الحركة الى اربع مراحل.
المرحلة الأولى... تلك التي سبقت النكبة عام 1948 وتمثلت بالمواجهة المباشرة مع راعية المشروع وهي دولة الانتداب البريطاني، وهذه المرحلة تميزت رغم ضخامة التضحيات بغياب البرنامج الوطني الجامع كذلك لم تكن هناك رافعة سياسية تعبر عنها واقول رغم التضحيات الجسام (ثورة البراق، الاضراب الكبير 36،مواجهات الهجرة اليهودية).
المرحلة الثانية.. تلك التي تلت النكبة وتزامنت مع النكسه 67 وتميزت هذه المرحلة باعتمادها على اللاجئين والمهجرين اباء وابناء عمودا فقريا وكذلك تاسيس كيان تمثيلي مع برنامج وطني وميثاق وطني محدد الاهداف ممثلاً بمنظمة التحرير الفلسطينية والميثاق الوطني، تميزت هذه المرحلة بفرض القضية الفلسطينية رقماً صعباً على الساحة الدولية والإقليمية، لكنها اعتمدت بشكل كبير على العمل في مجتمعات الشتات وبنسبة اقل في الداخل الفلسطيني (حركة يوم الارض، مقاومة الروابط) ورغم ذلك كان للصراعات والمناكفات العربية والإقليمية والاستقطاب الدولي اثر سلبي على مسار هذه المرحلة، فدفعت الحركة الوطنية ثمناً كبيرا في مواجهات خارج حدود فلسطين نتيجة هذه الاستقطابات وانعكس ذلك سلبيا على المشروع الوطني، ومثلما كان لغياب القيادة الموحدة في المرحلة الاولى اثرا سلبياً، فان لسياسية المحاور التي تلت في هذه المرحلة اثرا كارثيا سببه ذاتيا وموضوعي ولا يمكن تحميله لطرف بعينه.
المرحلة الثالثة.. تلك التي بدأت بالانتفاضة الاولى نهاية العام 1987، حيث تم وللمرة الأولى نقل المواجهة قيادة وبرنامجا الى الداخل الجغرافي الفلسطيني، حيث جاءت في زمن كثرت فيه المبادرات السلمية للحل السياسي للقضية الفلسطينية (كامب ديفيد، مبادرة الامير فهد، الاتفاق الاردني الفلسطيني) فكان الجواب فلسطينياً من الداخل هذه المرة بعدما انهك الخارج بالمحاور.. وتشكلت القيادة الوطنية الموحدة وتم تاسيس حركتي حماس والجهاد الإسلامي كمكون فاعل في العمل الوطني والمقاومة، واصبحت الانتفاضة الشعبية ايقونة الاحرار في الاقليم العربي والعالم واحرجت الجميع واوقفت برنامج التسويه.. انتكست هذه المرحلة بعد نتائج حرب الخليج الثانية وفرض التسويه في مؤتمر مدريد.
المرحلة الرابعة... بدات بمؤتمر مدريد حتى قيام السلطة الفلسطينية في غزة الضفة كمنتج لمسار مدريد المتوج ب اسلوا وتميزت هذه المرحلة بحالة من الانقسام السياسي حول المشروع الوطني الفلسطيني والرهان على التسوية كحل لدى القيادة الفلسطينية معللا بالواقع العربي وبحالة من التجاذب الفصائلي ضمن الجسم التمثيلي م.ت ف. والفصائل خارجه، وهو ما ادى الى غياب المشروع الوطني المتوافق عليه.
المرحلة الخامسة.. وهي الاخطر، بدات باستكمال الانقسام السياسي حول البرنامج الوطني الى انقسام جغرافي سلطوي على جغرافيا اوسلو او ما تبقى منها وكما تميزت المرحلة التي سبقتها بالتخلي عن جوهر القضية الفلسطينية المتمثل باللاجئين في الشتات - الا من الناحية الاعلامية - فان هذه المرحلة تزامنت مع "الربيع العربي " وحالة الانقسام العربي، فتأكد التخلي عن مخيمات الشتات في المشروع الوطني فعلياً ولم تعد حاضرة اللهم الا في الخطابات والمهرجانات التي تجتر الماضي وهذا ينطبق على الجميع، وبدا ان جل الطموح هو توحيد غزة والضفة وتقاسم السلطة للأسف.
في ذكرى الانتفاضة الاولى ومع الانقسام السياسي ومع غياب المشروع الوطني الشامل تبدوا التساؤلات..
الا تستحق هذه القضية العادلة ان يتوحد الجميع لاجلها على برنامج وطني يلبي الطموحات.!!!
الا تستحق تضحيات الشعب الفلسطيني وقوافل الشهداء على طريق فلسطين ان تكرم وتحترم وتقدر بالتوافق على برنامج وطني يضمن حقوق اللاجئين والمشردين وبقية من تبقى حالمين بالعودة ممن شهد التهجير واللجوء.
الا تستحق فلسطين. والأقصى تقديم النموذج في الوحدة والتوحد والخروج من نفق الانقسام على الفتات.
في ذكرى الانتفاضة الاولى..
الانقسام السياسي والجغرافي وغياب المشروع الوطني هو مسؤولية جميع الفصائل ولا احد بريء ولو اقنع نفسه بالبراءة...
الانقسام الفصائلي وغياب المشروع الوطني هو خيانه للتضحيات وقوافل الشهداء والاسرى وهو انهاك للشعب الفلسطيني في مواجهة دون افاق.
الانقسام.. هو تكرار لمرحلة ما قبل النكبة ولذلك سيساهم في نكبات جديدة.
اخيراً... الرهان الاوحد سيبقى على الجيل الذي لم تلوثه الانقسامات في اعادة البوصلة الفلسطينية لمسارها الصحيح..
ملاحظة... كان بالامكان الحديث عن الانتفاضة بالف مثال ومثال في العطاء والتضحية وهي موجودة و واقع، لكني فضلت الحديث عن غياب المشروع الوطني الفلسطيني وهو برايي ما يؤدي لهدر تلك التضحيات.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.//