ما بين بوكاهانتس ديزني الوفيّة وتلك التي يضطهدها ترمب.. تاريخ الكلمة التي استخدمها مراراً في مضايقة إليزابيث وارن
يعدُّ مسلسل «بوكاهانتس» ديزني من أجمل المسلسلات الكرتونية التي تمَّ انتاجها عن قصّة حقيقية، كما يلاحظ كثيرون ممّن يتابعون المؤتمرات الصحفية للرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه يستخدم كلمة «بوكاهانتس»، لنعت منتقديه، آخرهم كان السيناتور في الكونغرس إليزابيث وارن.
ولكن ما لايعرفه هؤلاء المتابعون هو التاريخ المظلم لأصل هذه الكلمة، وما تحمله من عنصريّة فظّة.
بوكاهانتس ديزني.. دونالد ترمب ينتقم من إليزابيث وارن
وعلى الرغم من أن إليزابيث وارن هي من الوجوه القيادية في الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه ترمب أيضاً، إلا أنها انتقدته في عدّة مناسبات.
ووصفت إليزابيث وارن ترمب أنّه «رجل رشَّح نفسه لمنصب الرئيس ووعد بمساعدة العمال، ما الذي فعله؟ جمع فريقاً من أصحاب المليارات ورجال المصارف وسلَّم المفاتيح إليهم، وقال لأثرياء شركة غولدمان ساكس Goldman Sachs (التي جاء منها وزير المالية): يمكنكم الآن تحديد كيفية تحرير الاقتصاد.
وحسب موقع MSN الأميركي، فقد هاجم دونالد ترمب، إليزابيث وارن بطريقة باطنيّة، خلال حدث أقيم في شهر نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017 لتكريم قدامى المحاربين من الأميركيين الأصليين وقال:
«لدينا ممثلة في الكونغرس يقولون إنها هنا منذ فترة طويلة، ويطلقون عليها اسم Pocahontas، لكن، هل تعرفون أني أحبكم لأنكم مميزون؟ إنكم شعب مميز ورائع حقاً».
هذا النعت ينمّ عن عنصريّة!
جون نوروود السكرتير العام لتحالف قبائل عهد الاستعمار لشبكة «NBC» في ذلكالوقت، صرّح أنّ النعت الذي اختاره ترمب ينم عن العنصرية.
وأضاف أنه يتعين على الرئيس أن يتوقف عن استخدام شخصيات تاريخية مهمة في إهانات عنصرية ضد أحد خصومه.
أمّا الصحفي جيريمي بيرك من موقع «بيزنس إنسايدر»، أفاد أن استخدام هذاالاسم من قبل ترمب يحيلنا إلى الحادثة التي قام خلالها سكوت براون، خصم إليزابيث وارن الجمهوري في سباق عام 2012 للظفر بمقعد في مجلس الشيوخ في ولاية ماساشوستس.
وذلك عبر اتهامها بتزوير أصولها وادعائها أنها تنتمي إلى الأميركيين الأصليين بعد أن ظهرت تقارير تفيد بأن وارن قد أدرجت نفسها كأقلية في دليل أساتذة كلية الحقوق.
ومن جهتها، نفت شبكة CNN الإخبارية أن تكون وارن قد أدرجت اسمها ضمن قائمة الأقليات في استمارات الطلبة.
اختبار للحمض النووي يثبت صدق إليزابيث وارن
لقد قامت وارن منذ فترة قصيرة بعرض اختبار للحمض النووي يدعم ادعاء انتمائها إلى أصول الأميركيين الأصليين.
وقد أفادت بيزنس إنسايدر أن الرئيس ترمب قد تعهد في وقت سابق بتقديم تبرع تقدر قيمته بمليون دولار أميركي في حال نجحت وارن في تقديم دليل يؤكد أصولها هذه، إلا أنه نفى، منذ ذلك الحين، تقديم مثل هذا العرض.
من هي «بوكاهانتس»؟
في البداية، لم يكن اسمها «بوكاهانتس»، بل أُطلق عليها هذا اللقب وهو يعني «الشخص المؤذي».
ووفقاً لكتاب «Malinche, Pocahontas, and Sacagawea: Indian Women as
Cultural Intermediaries and National Symbols«، وثّق أحد المستعمرين، ويدعى ويليام ستراتشي، زيارة الطفلة «بوكاهانتس» من الهنود الحمر التي كانت تبلغ من العمر 11 عاماً، للحصن الذي كان يختبئ فيه المستعمرون في مستوطنة جيمستاون، وطريقة لعبها بعجلات العربات مع الأطفال الإنكليز.
في الواقع، يوجد هناك سبب يجعلنا نتذكر «بوكاهانتس» دون أشخاصٍ آخرين من قبيلتها وعائلتها.
فقد خصها المستعمر الإنكليزي جون سميث بالذكر في كتاباته، التي كان لها دور كبير في تشكيل إرثها.
خلال شهر ديسمبر/كانون الأول عام 1607، قام أحد زعماء قبيلة بوهاتان، وهو عم «بوكاهانتس»ويدعى «أوبيشانكاناف»، بالقبض على جون سميث عندما كان يستكشف نهر شيكا هوميني.
وادعى سميث في وقت لاحق أن «بوكاهانتس» أوقفت عملية إعدامه، حيث حاولت التضحية بنفسها من أجل حمايته.
وفي رسالة قام سميث بإرسالها إلى الملكة آن سنة 1616، كتب فيها «لقد تعرضت «بوكاهانتس» للضرب على رأسها وخاطرت بنفسها من أجل إنقاذي».
لكن العديد من المؤرخين أكدوا أن ما حدث لا يشبه ما وصفه سميث، مرجحين فرضية عدم حدوث ذلك من الأساس.
وعموماً، لم يذكر سميث لقاءه المزعوم مع «بوكاهانتس» في كتاباته الأولى، ولم يتطرق لذلك إلى حدود عام 1624.
لكنها لم تكن المرة الأولى التي زعم فيها سميث أنه تم إنقاذه من قبل امرأة شابة تدخلت لحمايته من أقاربها الذكور.
ففي كتاب يحمل عنوان «Pocahontas and the Powhatan Dilemma«
كتبت كاميليا تاونسند أن سميث ذكر كيف قامت امرأة مسلمة شابة بحمايته بطريقة مماثلة بينما كان معتقلاً في تركيا.
كيف أصبحت محط اهتمام الرأي العام الأميركي؟
كتب القائد روي كرايزي هورس، الذي كان لفترة طويلة قائد Powhatan Renape Nation، أن رواية سميث هي التي دفعت «بوكاهانتس» إلى التمتع بشهرة واسعة.
وأضاف هورس قائلاً: «من بين جميع أطفال بوهاتان، لم
تشتهر سوى»بوكاهانتس»، لأنها أصبحت بمثابة بطلة الأميركيين الأوروبيين الذين اعتبروها من الهنود الطيبين لأنها قامت بإنقاذ حياة رجل أبيض».
نهاية «بوكاهانتس» الحزينة!
وخلال عام 1613، قام قائد إنكليزي يدعى صامويل ألاغال باستدراج «بوكاهانتس» إلى سفينته وأخذها كرهينة خلال الحرب الأولى التي دارت بين إنكلترا وقبيلة بوهاتان.
وذكرت صحيفة «Indian Country Today» أن التاريخ الشفهي لقبيلة ماتابوني يقول إنها تعرضت للاغتصاب خلال احتجازها وأن اختطافها فرقها عن زوجها الأول وابنتها.
في نهاية المطاف، اعتنقت «بوكاهانتس» المسيحية وتم تعميدها وغيّرت اسمها إلى ريبيكا.
وفي 5 أبريل/نيسان عام 1614، تزوجت من مستوطن إنكليزي يدعى جون رولف، الذي كان قد فقد زوجته سارة بعد أن غرقت سفينة بعض المستعمرين الإنكليز في برمودا.
وقد أنجبت «بوكاهانتس» من رولف طفلاً واحداً يدعى توماس.
كرس هذا الزواج ما أصبح يعرف باسم «سلام بوكاهانتس»، وهو تهدئة للقتال بين الإنكليز وشعب بوهاتان.
ووفقاً لموسوعة فرجينيا، كانت شركة فيرجينيا، التي تعاني من ضائقة مالية، تأمل في أن تجعل من الزوجين «رمزاً للعلاقات السلمية»، لذلك سافرت كل من «بوكاهانتس» وزوجها وابنها الصغير عام 1616 إلى إنكلترا في جولة دعائية، على متن سفينة يقودها صامويل ألاغال.
وفي مارس/آذار عام 1617، استقلت العائلة السفينة التي ستقوم بإعادتها إلى أميركا الشمالية، لكن «بوكاهانتس» وابنها توماس أصيبا بمرض مفاجئ عندما أبحرا في نهر التايمز، وقد نجا ابنها بينما فارقت «بوكاهانتس» الحياة.
ابن «بوكاهانتس» يقاتل شعب والدته!
دفنت «بوكاهانتس» التي كانت تبلغ 21 عاماً آنذاك، في منطقة غرافيسند الواقعة في إنكلترا، بينما عاد زوجها رولف إلى فرجينيا.
ووفقاً لما جاء في كتاب «The Cultural Roots of the 1622 Indian Attack«، توفي زوجها رولف سنة 1622 في هجوم شنه عمُّ «بوكاهانتس».
وفي عام 1646، أصبح توماس رولف، ابن «بوكاهانتس»، ملازماً في الجيش الإنكليزي وحارب ضد قبيلة بوهاتان، شعب والدته.
وعلى الرغم من ندرة المصادر التي تؤرخ تاريخ هذه المرأة، إلا أننا جميعاً نعرفها من خلال مسلسل «بوكاهانتس» الكرتوني الذي أنتجته ديزني عام 1995.