بوتين في زيارة مفاجئة لحميميم... أنهاء التواجد العسكري الروسي في سوريا
عواصم - وكالات - جهينةنيوز – مامون العمري
من قاعدة حميميم الجوية الروسية في محافظة اللاذقية السورية،اعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سحب «قسم كبير» من القوات العسكرية الروسية من سورية، وأمر ببدء سحب القوات الروسية من سورية قائلاً إنه بعد حملة عسكرية دامت عامين أنجزت موسكو فيها مهمتهما بتدمير تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش).
اعلان بوتين هذا لم يكن ليشكل مفاجئة في المضمون وخصوصا إنّه "بعد أيّام من إعلانه عن نيّته إعادة ترشّحه للإنتخابات الرئيسية في آذار المقبل، أبلغ الرئيس الروسي المواطنين أنّ أبناءهم سيعودون من الحرب المكلفة، ومن قاعدة حميميم الجوية الروسية "ستعودون الى دياركم منتصرين، فبلادكم بانتظاركم".
الانباط في عدد اليوم ستتناول مع القراء الاعزاء ،ابعاد الانسحاب الروسي عسكريا من سوريا ، ومن يملأ الفراغ الامني الذي سيحدثه هذا الانسحاب ، ثم نعرض لانجاز القوات الروسية في الاراضي السورية .
صحيح ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وجه في الزيارة الخاطفة والمفاجئة، رسائل بالغة الدلالات مضموناً ولافتة شكلاً، من قاعدة حميميم العسكرية،و هي الأولى له إلى سورية، وتأتي رسائله جملة رسائل دفعة واحدة، أهمها إلى حليفه بشار الأسد بأن «الأمر لي»، وإلى الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بأن موسكو معنية بالحل السياسي وليس العسكري، وإلى الداخل الروسي مفادها بأنه لا يريد الغرق في المستنقع السوري فيما يستعد لولاية رئاسية جديدة عبر الانتخابات المقررة العام المقبل.
تقول اوساط صحفية ان زيارته حملت في طياتها رسائل عدة لطرفي الصراع في الحرب الدائرة منذ 6 سنوات "الحكومة والمعارضة"، وفق محللين، الذين رجحوا استبدال بشار الأسد بنائبه لقيادة المرحلة الانتقالية، ولفتت الاوساط الصحفية إلى أن زيارة بوتين في هذا التوقيت يُمكن أن تكون تمهيدًا لمفاوضات "سوتشي"، أو لحث الأطراف المعارضة على حضور المؤتمر، بعد أن لاقى اعتراضات كثيرة من كافة الفصائل المعارضة عدا منصة موسكو.
كما ونشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تقريرًا للكاتبة آمي فيريس روتمان من موسكو، تحدثت فيه عن أنّ الإنسحاب الروسي المفاجئ من سوريا هو جزء من خطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الكبيرة للإنتخابات.
وقالت الكاتبة إنّه "بعد أيّام من إعلانه عن نيّته إعادة ترشّحه للإنتخابات الرئيسية في آذار المقبل، أبلغ الرئيس الروسي المواطنين أنّ أبناءهم سيعودون من الحرب المكلفة، وأضافت: "لا يوجد قفزة أفضل للحملة الإنتخابية من إنهاء الحرب، التي لا تحظى بقبول شعبي".
فقد قام بوتين بزيارة مفاجئة لسوريا، حيثُ أمر بسحب معظم القوات الروسية من سوريا، وقال للعسكريين في قاعدة حميميم: "ستعودون الى دياركم منتصرين، فبلادكم بانتظاركم". وهنا ذكّرت الكاتبة بأنّ روسيا دعمت النظام السوري عسكريًا لعامين، ما أدّى الى قلب موازين الحرب ومساعدة الرئيس السوري بشار الأسد على الإنتصار. وقال بوتين والأسد إنّهما "أتمّا المهمة بهزيمة داعش".
وجاء إعلان بوتين، بعد زيارة الأسد غير المتوقعة لموسكو منذ أسبوعين. وهكذا سيكون الرئيس الروسي قادرًا على الرد على أسئلة حول الإنتصارات في سوريا، بدلاً من الخسائر والأسئلة عن الإنسحاب. وبحسب الكاتبة، فمن المتوقع أن يفوز بوتين بالإنتخابات في آذار، ما سيسمح له بتمديد سلطته لـ6 سنوات إضافية .
وإستنادًا إلى استطلاعات مركز "نيفادا"، فقد قال 40% من الروس إنّهم غير مهتمين بالتصويت للإنتخابات. لذلك، وفي محاولة لجذب عدد أكبر من الناخبين، سيقيم الكرملين الإنتخابات في 18 آذار، وهو يوم عطلة في روسيا.
ولفتت الكاتبة الى أنّ الحضور المتدنّي في الإنتخابات البرلمانيّة منذ حوالى عام أربك الكرملين. والآن وسّع بوتين أدوات الإنتخابات وضمّ اليها الخروج من الحرب السورية. فقد أثبتت الحرب أنّها غير شعبية. وفي آب، رأى نصف الروس الذين استطلع نيفادا آراءهم أنّ على روسيا إنهاء العمليات العسكرية في سوريا، فيما أيّد 30% بقاء الحملة.
وأضافت أنّه مع ارتفاع عدد القتلى الروس، زادت موسكو مستوى التكتم والسرية حول عملياتها في سوريا. وفي تشرين الأول، قالت "رويترز" إنّ حوالى 131 روسيًا قتلوا خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام في سوريا. وبما أنّ روسيا لم تكشف عن عدد عكسرييها في سوريا، تقول بيانات مسرّبة إنّ لديها ما يقارب الـ4 آلاف.
وأشارت الكاتبة الى أنّ إنهاء الحرب في سوريا يحافظ على المال وتوفّره، وهو حاجة في ظلّ الوضع الإقتصادي في روسيا وانخفاض أسعار النفط. كما أوضحت الكاتبة أنّ ميزانية الدفاع الروسية زادت منذ العام 2007، والعام الماضي كان الإنفاق حوالى 70 مليار دولارا ما وضع روسيا في المركز الثالث بعد الولايات المتحدة والصين، في قائمة أكثر الجيوش إنفاقًا.
وتابعت الكاتبة أنّ روسيا اشترت وطوّرت طائرات جديدة ودبابات وبارجات وصواريخ نووية تبلغ قيمتها مئات المليارات، وذلك كجزء من الخطّة الروسية لتعزيز قواتها المسلّحة وترميمها عام 2020، بالتوازي مع عرض موسكو لعضلاتها على المسرح الدولي. وبدءًا من العام 2018، سيبدأ إنفاق الدفاع بالإنخفاض، بموازاة إجراءات الموازنة الروسية.
وذكّرت الكاتبة بأنّ إقفال أبواب الحروب كثيرًا ما يُنتهج قبل الإنتخابات، فقد أعلن الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش عن أنّ المهمّة استكملت في العراق عام 2003، قبل سنة من إجراء الإنتخابات الأميركية، وبعده أتى الرئيس باراك أوباما الى البيت الأبيض معلنًا ترك أفغانستان والعراق. والآن ينتهج بوتين خطّة يمكنه تطبيقها لثلاثة أشهر قبل الإنتخابات.
وكان لافتاً أن جنرالاً روسياً حدّ من حركة الرئيس السوري على الأرض السورية مانعاً إياه من التحرك خلف بوتين، وموعزاً إليه بضرورة البقاء في مكانه!
وفور وصوله إلى القاعدة، حيا بوتين حليفه الأسد قبل أن يلقي كلمة أمام القوات الروسية، قال فيها في هذه الكلمة إن «هدف مكافحة المجرمين المسلحين في سورية، الهدف الذي تطلب تدخلاً على نطاق واسع للقوات المسلحة تم تحقيقه بالكامل وبنجاح كبير. لقد تم الحفاظ على سورية كدولة مستقلة وذات سيادة»، قبل أن يتوجه بالشكر إلى الجنود على عملهم، لكنه حذر من أنه «إذا عاد الإرهابيون إلى الظهور (وفي ترجمة أخرى: إذا رفع الإرهابيون رؤوسهم من جديد) فسنوجه إليهم ضربات غير مسبوقة ولن ننسى أبداً القتلى أو الخسائر الناجمة عن مكافحة الارهاب في سورية وفي بلادنا، في روسيا».
من جهته، توجه الأسد بالشكر إلى بوتين على «مشاركة روسيا الفعالة في محاربة الارهاب في سورية»، مؤكداً أن «ما قام به العسكريون الروس لن ينساه الشعب السوري»، حسب ما نقلت عنه وسائل الاعلام السورية الرسمية. وأضاف «لقد امتزجت دماء شهدائهم بدماء شهداء الجيش العربي السوري في مواجهة الارهابيين».
وأظهرت لقطات الفيديو للزيارة، أن بوتين تعامل بعدم مبالاة مع الأسد عندما اقترب منه محاولاً الوقوف بجانبه وهو يتحدث إلى الجنرالات الروس، فما كان من أحد المرافقين إلا أن أبعد الرئيس السوري إلى الجهة اليسرى ولم يسمح له بالاقتراب من بوتين الذي أنهى حديثه وتابع سيره، من دون حتى أن يلتفت للأسد الذي لم ييأس وحاول مرة أخرى اللحاق به إلا أن جنرالاً روسياً منعه من ذلك وأمسكه من يده موعزاً إليه بضرورة البقاء في مكانه وعدم التقدم.
واختار ناشطون على الانترنت عنواناً للفيديو يختصر الواقع: «لقطات تخبرنا عن موازين السلطة والقوة الحقيقية في سورية...».
وتوقفت مصادر مطلعة عند شكل الزيارة، ورأت في عدم ذهاب بوتين إلى دمشق واكتفائه بلقاء الأسد في قاعدة حميميم مؤشراً واضحاً على أن روسيا لا تتعامل مع النظام السوري كحكومة شرعية قائمة، مرجحة أن الأسد نفسه لم يكن على علم بالزيارة حتى قبل ساعات من حدوثها.
ومع نهاية زيارة بوتين، قال الجنرال سوروفيكين انه من المقرر أن تغادر 23 طائرة ومروحيتان روسيتان قريبا سورية، تليها وحدات من الشرطة العسكرية وخبراء نزع الألغام وأطباء ميدانيون، مشيرا الى أن القوات الروسية قضت على اكثر من 32 ألف مقاتل عدو في سورية.
واعتبر مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن ان الطيران كان السلاح «الحاسم والأكثر استخداماً» من قبل الروس الذين بدأوا بلعب دور حاسم على الارض «منذ معركة تدمر في مارس 2016»
وأشار الى ان القصف الروسي اسفر منذ 30 سبتمبر 2015 وحتى 11 نوفمبر 2017 عن مقتل 6328 مدنياً بينهم 1537 طفلاً. كما قتل 4732 عنصراً من تنظيم «داعش»، و4098 مقاتلاً من الفصائل المقاتلة والإسلامية وبينها «هيئة تحرير الشام».
وبعد زيارته المفاجئة إلى حميميم، توجه بوتين إلى القاهرة حيث أجرى محادثات مع نظيره عبد الفتاح السيسي، تناولت الملف السوري، إضافة إلى الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، والعلاقات الثنائية.
وبعد القاهرة، توجه الرئيس الروسي، مساء أمس، إلى تركيا لإجراء محادثات مع نظيره رجب طيب أردوغان، بشأن العلاقات الثنائية وأوضاع المنطقة، لا سيما في سورية.
وقال بوتين للأسد: «أمامي فرصة للتحدث (عن الملف السوري) في القاهرة مع الرئيس المصري وبعدها مع الرئيس التركي»، مؤكداً أن «الشروط متضافرة من أجل التوصل الى حل سياسي (للنزاع) تحت إشراف الأمم المتحدة»، في الوقت الذي تتواصل فيه جولة ثامنة من المحادثات في جنيف حتى 14 ديسمبر الجاري.
وفي هذا السياق، أجرى المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، في جنيف أمس، محادثات مع وفد النظام السوري برئاسة بشار الجعفري، في لقاء هو الأول منذ عودة الوفد إلى المدينة السويسرية للمشاركة في هذه الجولة الثامنة من المحادثات بعدما تأخر لأيام عدة.
وفي غياب الأرقام الرسمية، تشير تقارير إلى أن عدد الجنود الروس في سورية يقدر بما بين 4 آلاف إلى 5 آلاف جندي، تم نشرهم خلال العامين الماضيين.
وحسب البيانات الرسمية، قتل 40 عسكرياً روسياً فقط في سورية منذ بدء التدخل العسكري في 30 سبتمبر من العام 2015.
وقرأ المحلل العسكري السوري العقيد علي ناصيف، يوم الاثنين، خفايا الزيارة المفاجئة للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى قاعدة "حميميم" العسكرية في طرطوس.
وأوضح "ناصيف" في حديث على قناة "أورينت" الفضائية، أن "قرار (بوتين) ببدء سحب القوات الروسية يهدف لإجراء عمليات تبديل لبعض القوات المتواجدة في المنطقة الشرقية، ومحاولة لإصلاح بعض الطائرات الحربية".
وأكد المحلل العسكري، أن "روسيا تستخدم الخداع والكذب في سحب قواتها، حيث أعلنت سحبها إلى أماكن التواجد الدائمة في سوريا"، مستنكرًا عدم سحب المنظومات الجوية والبحرية من البلاد.
وحول لقاء بوتين مع رأس النظام في سوريا بشار الأسد في "حميميم"، أشار "ناصيف" إلى أن "الأسد لو كان شرعيًّا لما استدعاه بوتين لقاعدة حميميم وهي أراضي سورية وهذا ما يؤكد أن البلاد أصبحت مقاطعة روسية، وفق تعبيره.
وأضاف المحلل العسكري: أن "الحملة العسكرية الروسية على روسيا التي انطلقت في نهاية سبتمبر/أيلول 2015، حققت تدمير البنية التحتية وقتل المدنيين والتهجير".
وختم "ناصيف" بقوله: "أن هناك صفقات وتمثيلات بين تنظيم (الدولة) وروسيا من جهة ومع النظام من جهة أخرى، وخاصة عندما فتحت روسيا والنظام مؤخرًا ثغرة للتنظيم في ريف حماة بتمهيد جوي من روسيا".
أول معدات عسكرية روسية يتم سحبها من سوريا
كشفت وكالة "سبوتنيك" الروسية، عن بدء الجيش الروسي في سحب معدات عسكرية من الأراضي السورية والتي تم استخدامها في معارك قتالية.
وترجمت الوكالة عن موقع "فيستنيك موردافي" الروسي، قوله: إنه "ظهر في الإنترنت صورًا لدبابة (تي-90أ) المتواجدة في القاعدة في طرطوس التي تستعد لإرسالها إلى روسيا".
وأضافت: "على ما يبدو هذه الدبابة كانت تستخدم فقط للدفاع عن قاعدة حميميم".
وظهرت أول معلومات عن وجود هذه الدبابات الروسية من هذا الطراز، في أوائل شهر أكتوبر تشرين الأول عام 2015، وبعد شهر تقريبًا نشرت الصور الأولى لها على الانترنت، بحسب "سبوتنيك".
ونقلت الوكالة عن خببراء عسكريين، قولهم: "إذا كانت المعلومات عن سحب (تي-90أ) موثوق بها، فليس هناك شيء مثير حول هذا، تناوب المعدات في منطقة الصراعات العسكرية هو شيء شائع".
وتابع الخبراء -بحسب "سبوتنيك"-: "على ما يبدو، سيتم استبدال هذه الدبابات بدبابات أحدث منها".
يُشار إلى أن تصريحات رسمية روسية تضاربت مؤخرًا بشأن الانسحاب من سوريا، فبينما أكد مسؤولون روس قرار الانسحاب بعد القضاء على تنظيم "الدولة"، نفى آخرون.