القاسم : الاردن يمتلك خيارات يومية لمواجهة اسرائيل
بعد قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل
.....
على الاردن وفلسطين للتوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة
لا قيمة لنقل السفارة للقدس دون الاعتراف بها كعاصمة المقدسي لا يعرف على اي قانون يموت قرار فك الارتباط لم يأخذ شكلا قانونيا او دستوريا القدس الغربية لا تضم اي أثر للديانات الثلاثة
.....
عمان – جهينة نيوز – علاء علان
دعا خبير القانون الدولي المحامي د.أنيس قاسم الاردن وفلسطين الى التحرك مع بعضهما بعد قرار الرئيس ترامب الاعتراف بالقدس كعاصمة لاسرائيل.
واقترح قاسم ان تتقدم الحكومة الاردينة مع القيادة الفلسطينية الى الجمعية العامة للامم المتحدة وتطلبان من الجمعية طرح سؤال قانوني على محكمة العدل الدولية وتأخذان رأيا استشاريا حول ان كان يعتبر قرار ترامب عملا عدوانيا ومخالفا للقانون الدولي ام لا ؟
وعرض قاسم تبعات قرار الرئيس الامريكي دونالد ترمب نقل سفارة واشنطن الى القدس المحتلة اقليميا ودوليا، وذلك في ندوة استضافتها نقابة الصحافيين الاردنيين السبت الماضي بحضور اعضاء واصدقاء النقابة،وادار الندوة الزميلة هديل غبون.
وقال قاسم ان نقل السفارة لا قيمة له وانما الاعتراف الذي له قيمة،مبينا ان القنصليات الموجودة في القدس لا وضع دبلومسيا لها مثل السفارات.
ووصف قاسم حل الدولتين بالفاسد الذي عند نشأته سيخلق دولتين عنصريتين، ستهددان بالدعاوى على انهما عنصريتان ويجب فضحهما حسب اتفاقية مكافحة التمييز العنصري.
واضاف قاسم ان الديمقراطية في اسرائيل تتعلق باليهود فقط وما يتعلق بغيرهم يظهر وجه اسرائيل القبيح، فمثلا اليهودي لا يحتاج طلب تجنس بينما الفلسطيني المولود هنالك يحتاج لطلب،ويوجد قوانين اخرى بها تمييز عنصري اتجاه العرب.
وفيما يتعلق بقرار فك الارتباط بين الاردن والضفة الغربية ووضع المقدسيين بعد قرار ترامب قال قاسم ان قرار فك الارتباط لم يتخذ شكلا دستوريا او قانونيا وهو مجرد خطاب للملك الراحل الحسين بن طلال.
واشار قاسم الى ان القرار لم يذهب للقنوات القانونية والدستورية ليأخذ صيغة تنفيذية.
وعن المقدسيين وجنسياتهم قال قاسم انه حين احتلت اسرائيل القدس سحبت الجنسية من المقدسيين ومنحتهم بطاقات اقامة لا تعطيهم حق الجنسية وانما الاقامة فقط،والاردن يعطيهم جوازات سفر دون حق المواطنة،وبالتالي اسرائيل لم تعطهم حق المواطنة ولا الاردن،واصفا وضع المقدسيين بالغريب والعجيب.
وختم قاسم قوله بالحديث عن وضع المقدسيين بأنهم لا يعرفون على اي قانون يموتون.
وبخصوص الطعن بقرار ترامب من ناحية دينية قال ان القرار لم يبن على جانب ديني وبالتالي حصر الطعن بهذا الجانب لن يكون نافعا ولكن يمكن اثارة الطعن من جملة الطعون التي اثارها الرئيس مثل قرار نقل السفارة والاعتراف باراض تقوم فوقها اسرائيل بقوة الاحتلال.
وعن امكانية الطعن من قبل من يحملون قواشين الارض التي ستقام فوقها السفارة اكد قاسم انهم يستطيعون ذلك.
وفي حديثه عن اتفاقيات السلام مع اسرائيل قال انه لا يوجد اسوأ من اتفاقية اوسلو على القضية الفلسطينية.
وقال قاسم انه بعد قرار ترامب لم يبق لابو مازن اي نفس للمفاوضات متمنيا شطب اتفاقية اوسلو التي لو أخل بها الفلسطيني فسيترتب عليه مسؤولية اقصاها عودة احتلال اسرائيل للضفة الغربية وهي بالواقع محتلة وتبنى عليها المستوطنات.
واضاف قاسم ان اتفاقية وادي عربة عندما وقعها الاردن كان يعتقد انه تم دفن الوطن البديل وبعد 20 سنة قال الدكتور عبدالسلام المجالي الذي وقع الاتفاقية بأنه يبدو ان الصهاينة ما زالوا يطمحون بالوطن البديل.
وفي هذا السياق نوه قاسم الى انه قبل مدة تم عقد مؤتمر بتل ابيب بين ما يسمى بالمعارضة الاردنية واجنحة بالليكود الاسرائيلي الذي يحكم اسرائيل الآن وجرى خلال المؤتمر المطالبة بتحويل الاردن لوطن بديل وهذا الاسطوانة موجودة لدى اليمين الاسرائيلي.
وفي حديثه عن الأوراق التي بيد الاردن لمواجهة اسرائيل قال قاسم ان الاردن لديه اوراق هائلة لو اراد استخدامها ومنها امن الحدود بين الاردن وفلسطين والتي تمتد الى 400 كيلو متر فيمكنه تخفيف الحماية لها،اضافة الى ان هنالك 2500 سلعة تدخل السوق الاردني يوميا من الممكن ان يجري ايقافها على الحد بين الجانبين وزيادة التدقيق عليها،وغير ذلك من ادوات هائلة للاردن يمكن استخدامها يوميا.
وفي حديثه عن خطاب ترامب بين قاسم أنه من قراءة الخطاب الرئاسي، يمكن رصد خمس جمل مفيدة، وليس بالضرورة صحيحة، الاولى انه آن الاوان للاعتراف رسمياً بالقدس عاصمة لاسرائيل دون ان يحدد ان كان الاعتراف مقصوراً على القدس الغربية ام الشرقية، الاّ انه يمكن الاستنتاج انه يقصد القدس الشرقية، بالاضافة الى الشطر الغربي منها، وذلك بدلالة اشارته الى ان القدس هي قلب الاديان الثلاثة العظيمة، والقدس الغربية لا تضم اي أثر لهذه الديانات، وجميع هذه الاثار محصورة في القدس الشرقية.
وقال قاسم أنه لابد وان الرئيس الاميركي كان يدرك ان هيئة الامم المتحدة بكل اجهزتها المتمثلة بالجمعية العامة ومجلس الامن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي واليونسكو ومحكمة العدل الدوليه استقر العمل فيها، كما يظهر جلياً بسلسلة قراراتها، بلا استثناء، على اعتبار ان القدس الشرقية أرض محتلة، وان اسرائيل سلطة قائمة بالاحتلال، وملزمة بالمحافظة عليها شعباً واملاكاً وتراثاً ومقدسات.
وبين قاسم ان الحكومة الامريكية شاركت بصياغة بعض هذه القرارات والتصويت على بعضها والامتناع عن التصويت عن البعض الآخر، بينما كان بامكانها استخدام حق الفيتو، وآخر مثال على ذلك الامتناع عند صدور القرار 2334 تاريخ 23/12/2016. الا أن المجتمع الدولي استقر – باستثناء اسرائيل- على هذا الوصف القانوني للقدس الشرقية.
واشار قاسم الى ان السياسة الوطنية الاميركية ظلت ثابتة منذ العدوان الاسرائيلي لعام 1967، على معاملة القدس الشرقية كأرضٍ محتلة وينعكس ذلك في البيانات الرسمية للرؤساء الاميركيين او لوزراء الخارجية او لمندوبيهم في هيئة الامم المتحدة.
وتساءل قاسم، ما الذي تغيّر حتى يخرج الرئيس ترمب على هذه السياسة الثابتة والمستقرة منذ خمسة عقود؟
وقال ان قائمة الاسباب تطول، وتظل في دائرة التخمين والحدس، الاّ انه من المناسب ان نسأل الرئيس الاميركي عن أي قدس يتحدث؟ لقد اعلنت اسرائيل بمجرد احتلالها المدينة توسيع محيط القدس وأصدرت قانوناً يضم – نتيجه لتطبيقه- 64 كيلو متراً مربعاً انه يعترف ليس بالقدس الشرقية المحتلة فحسب بل يعترف ايضاً بالقدس، كما تمّ توسيعها على حساب اراض محتلة اخرى، ان الاعتراف الاميركي بالقدس هو اعتراف ليس فقط بالقدس كعاصمة، بل انه اعتراف بصلاحية اسرائيل في مدّ نطاق المدينة لكي تقضم مساحات اضافيه من الاراضي الفلسطينيه المحتلة.
وقال ان هذا الاعتراف يخل اخلالاً جسيماً بمبدأ من مباديء القانون الدولي وهو عدم جواز اكتساب اراضي الغير بالقوة، وشكل هذا المبدأ الاساس القانوني للقرار "242" الصادر عن مجلس الامن الدولي في الثاني والعشرين من تشرين الثاني العام 1967 ، الذي بدوره اصبح الاساس لحل الصراع العربي الاسرائيلي، اي ان الاعتراف الاميركي سحب الاساس القانوني للقرار الدولي، ويمكن القول ان السلوك الاميركي اصبح يجيز اكتساب الارض بالقوة.
وتابع قاسم ان الجملة المفيدة الثانية الواردة في خطاب الرئيس فهي قوله انه يعترف بالقدس "كأمر واقع" وكرر القول ان الاعتراف "ليس أقل أو اكثر من "اعتراف بالواقع."
وقال انه اذا كان الواقع هو المحرك الرئيسي للاعتراف، لماذا تنسحب إذن دولة من اراضٍ احتلتها في دولة اخرى، وكل ما على دولة الاحتلال ان تطيل احتلالها الى ان يتحول الى "واقع"، وهذه الحيلة رفضها المجتمع الدولي حين اعلن تفكيك الاستعمار والقى العالم بثقله خلف الثوره الجزائرية، كما القى بثقله خلف شعب جنوب افريقيا وظل المجتمع الدولي يعترف ان السيادة على الارض تظل في الشعب الواقع تحت الاحتلال مهما طال الاحتلال، وبالتالي لا يغيّر "الواقع" من وصف الاحتلال بأنه طاريء.
واوضح قاسم ان ما يفضح زيف هذا القول انه لو اخذنا "الواقع" بالاعتبار، لماذا يتجاهل الرئيس الاميركي "واقع" سكان القدس الشرقية من العرب، الذين تمّ تجريدهم من جنسيتهم وعوملوا معاملة "المقيم" وتهدد املاكهم بالهدم والمصادرة على مدار الساعة، لماذا لم يعترف "بالواقع" من وجود مؤسسات مقدسية عربية تمّ اغلاقها ومصادرتها ومنع فتحها وهي – في الواقع – أسبق عمراً وواقعاً من الاحتلال.
وبين قاسم إن القراءة المرعبة لهذا التبرير هي ان الاداره الاميركية ستخرج علينا ذات صباح وتعلن ان المستوطنات اليهودية اصبحت "واقعاً" ولابدّ من الاعتراف بها كواقع وان قبول "واقع" القدس سينتهي الى قبول "واقع المستوطنات"، و"واقع التشريعات العنصرية" و"واقع الاستيلاء" على مياهنا...الخ.
واضاف بالقول ان الجملة المفيدة الثالثة، حين اشار الرئيس الى ان "اسرائيل دولة ذات سيادة، ولها الحق، حالها كحال اي دولة اخرى سيادية، ان تحدد عاصمتها" وهذه جملة يعيد تكرارها بنيامين نتنياهو والمنظرون الاسرائيليون وبعض رموز الكونجرس وهذه مقولة مضللة بل وفاسدة وذلك انه يجب ان نتذكر مبدأً هاماً من مبادىء القانون الدولي والذي يقول: لكل دولة الحق بتشريع ما تراه مناسباً لها من قوانين، الاّ ان المجتمع الدولي غير ملزم باحترام هذا القانون الوطني اذا كان يخالف القانون الدولي ولا أدلّ على ذلك من ان اسرائيل سنّت في العام 1980 قانوناً يعلن ان القدس عاصمة لها، ولم تحترم اي دولة في العالم هذا القانون لأن الدول ادركت ان ذلك القانون جاء مخالفاً للقانون الدولي، فاسرائيل، شأنها شأن اي دولة اخرى، ليست طليقة اليد في تحديد عاصمتها او تحديد حدودها او تنظيم قوانينها، بل مقيدة بمعايير القانون الدولي، ومن هنا دان المجتمع الدولي قانونها الوطني عندما اعلنت ان القدس عاصمتها ولم تنقل اي دولة سفارتها الى القدس وذلك ادراكاً منها ان القدس تقام على ارض محتلة ولا تملك اسرائيل حق الاستيلاء عليها.
وبين قاسم انه من المهم ان نستذكر ان مجلس الامن الدولي حين اصدر قراره رقم 478 في العشرين من آب عام 1980 والذي اعلن فيه بطلان القانون الاسرائيلي باعلان القدس عاصمة لها، امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت وكان بامكانها استخدام حق الفيتو لابطال القرار لو كانت تشعر أن التشريع الاسرائيلي منسجم مع مباديء القانون الدولي.
وقال قاسم اما الجملة المفيدة الرابعة فهي حين اشار الرئيس الى اعتراف اميركا باسرائيل قبل سبعين عاماً تحت قيادة الرئيس ترومان "ومنذ ذلك الحين، جعلت اسرائيل عاصمتها بمدينة القدس عاصمة الشعب اليهودي التي انشئت في العصور القديمة" وهنا يلجأ الرئيس الاميركي الى خلط السياسة بالاسطورة الدينية، فهو لم يخالف بقراره القانون الدولي وقوانين حقوق الانسان فحسب، بل انه يتجاوز ذلك الى الحديث في مسائل دينية في الوقت الذي يمنعه الدستور الاميركي من ذلك ونذكر ان الرئيس ترومان شطب بقلمه وخط يده كلمة "يهودية" من وثيقة الاعتراف باسرائيل ووضع بدلاً منها "اسرائيل" حيث كان يدرك انه ممنوع عليه الدخول في تلك المتاهة.
واشار قاسم الى ان الرئيس الاميركي ربما تجاهل الموقف الرسمي للحكومة الاميركية من انها لا تعترف بـ "الشعب اليهودي" كمفهوم من مفاهيم القانون الدولي، وهناك وثيقة رسمية صادرة عن وزارة الخارجيه تؤكد ذلك.
وقال قاسم في ختام تحليله لقرار ترامب ان الجمله المفيدة الخامسة الواردة بخطاب الرئيس فهي قوله ان "قراري هذا لا يعكس بأي شكل من الاشكال خروجنا عن التزامنا بتسيير التوصل الى اتفاق سلام دائم" وهذه الجملة هي أشدّ ما ورد في خطاب الرئيس رياءً وفساداً، فهو يسحب اكثر قضية حساسة وأشدها التهاباً واشتعالاً في النزاع العربي- الاسرائيلي من طاولة المفاوضات ويسلمها لاسرائيل ويمنحها حق السيادة عليها ثم يتحدث عن التزامه بالتوصل الى اتفاق سلام.
واستذكر قاسم في ختام الندوة قصة الاسطورة اليونانية الذي اراد حرق مكتبة اثينا لكي يخلد اسمه في التاريخ. //