قانون الضريبة.. اشتباك ايجابي
خلود الخطاطبة
كل ردود الأفعال على مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد، من بيانات لمؤسسات مجتمع مدني، واعتراضات شعبية خلال جولات الوزراء في المحافظات، وأراء خبراء في هذا المجال، وحتى التصريحات الحكومية، هو أمر ايجابي بلا شك، لان الهدف الحكومي من وراء نشر مسودة القانون قياس حجم الرفض أو القبول لمثل هذا المشروع.
أعتقد ان النتيجة واضحة أمام الحكومة الآن، بعد أن ادلى الشعب والصناعيون والتجار واصحاب شركات الاتصالات ورجال الاعمال ومؤسسات المجتمع المدني والنقابات والأحزاب بموقفهم، وهو رفض مشروع القانون، لكن الرفض جاء ضمن شرائح، فمنهم من رفض القانون كليا، ومنهم من طالب بتأجيله حتى تقوم الحكومة بخطوات جادة في التنمية ومكافحة الفساد وتعديل التشوه بضريبة المبيعات، ومنهم من طالب بإجراء تعديلات على المسودة متعلقة بالشرائح الفردية والأسرية ورفع الضريبة على البنوك تحديدا.
الحكومة الأن تدرك في النهاية بان الصيغة الحالية لا تحظى بقبول شعبي، ولا قبول من جهات اختصاص أو مؤسسات مجتمع مدني أو أحزاب، ومجلس النواب هذه المرة لا اعتقد نهائيا أن يبتعد عن نبض الشارع، وبالتالي فان استمرار الحكومة في هذا الأمر استجابة لمفاوضات أجرتها مع البنك الدولي، يعني الدخول في مرحلة تأزيم جديدة.
برأيي، اذا أرادت الحكومة البدء باسترجاع الثقة الشعبية فيها وبالحكومات القادمة، فيجب عليها تبني فكرة تأجيل اصدار القانون وربط اقراره بمجموعة من الإجراءات التي يجب عليها اتخاذها قبل التفكير بأي تعديل على قانون ضريبة الدخل، وهو الرأي الغالب في الشارع الاردني الذي لم يرى انعكاسا ايجابيا لسياسات الحكومة الحالية على معيشته حتى الأن، لكنه في ذات الوقت يقدر جيدا مصلحة الوطن.
قبل أن تقر الحكومة مشروع قانون ضريبة الدخل يمكنها القيام بعدد من الإجراءات الممكنة والتي تساهم في تحسين نوعية حياة المواطن خلال شهور، ومنها مثلا اعادة النظر بشكل عام في ضريبة المبيعات وتخفيضها الى حدود دنيا تهيء المجتمع الى قبول فكرة ضريبة الدخل، بعد أن يلمس أثرها اليومي على حياته.
يجب البدء بتحسين الخدمات المقدمة للمواطن من تعليم وصحة ونقل والتي شهدت تراجعا ملحوظا خلال السنوات الماضية، ما حمل الأسر الأردنية تكاليف اضافية لاضطرارها لتعليم أبنائها وعلاجهم في مؤسسات القطاع الخاص، ورغم ذلك فان قانون الضريبة الحالي عاقب هذه الشريحة من الطبقة الوسطى التي خففت الضغط على المؤسسات الحكومية، بإلغاء الاعفاءات المدرجة للتعليم والصحة في قانون الضريبة الحالي.
ما حصل هو اشتباك ايجابي، أوصل الرسالة العامة للحكومة التي يجب ان تعيد النظر بخدماتها ومكافحة الفساد قبل تحصيل أية ضرائب أخرى.