الملك عبد الله الثاني: فخر واعتزاز بتواجد النشامى في مونديال 2026
الملك عبد الله الثاني: فخر واعتزاز بتواجد النشامى في مونديال 2026
د. خالد العاص
أسفرت قرعة تصفيات كأس العالم 2026 عن وقوع المنتخب الأردني في واحدة من أقوى وأشد المجموعات صعوبة، إلى جانب منتخبات الأرجنتين، النمسا، والجزائر، في مجموعة وُصفت على نطاق واسع بأنها "مجموعة الموت"، نظرًا لقيمة الأسماء المشاركة، وتنوع المدارس الكروية التي تمثلها، والخبرات العالمية التي تمتلكها. ويجد الأردن نفسه أمام اختبار تاريخي غير مسبوق في مسيرته الكروية، حين يصطدم ببطل العالم الأرجنتيني، إلى جانب منتخب أوروبي منظم وعنيد كالنمسا، ومنتخب أفريقي عريق وصاحب حضور مونديالي متكرر هو الجزائر.
وعقب إعلان نتائج القرعة، أعرب جلالة الملك عبد الله الثاني عن فخره واعتزازه بتواجد المنتخب الأردني في هذه المرحلة العالمية المفصلية، مؤكدًا ثقته الكبيرة بقدرة "النشامى" على تمثيل الأردن بصورة مشرفة، وخوض هذا التحدي الصعب بروح قتالية عالية تعكس طموح الكرة الأردنية وإصرارها على الحضور في أعلى المستويات. ويشكّل هذا الدعم الملكي الرفيع دفعة معنوية هائلة للاعبين والجهازين الفني والإداري، في واحدة من أكثر المحطات حساسية ودقة في تاريخ مشاركات المنتخب.
فنيًا، تفرض هذه المجموعة على المنتخب الأردني تحديات استثنائية على جميع الأصعدة، حيث تتطلب مواجهة منتخبات بحجم الأرجنتين والنمسا والجزائر أعلى درجات الانضباط التكتيكي، والتركيز الذهني، والجاهزية البدنية، إلى جانب حسن إدارة مجريات المباريات، واستغلال أنصاف الفرص بأقصى فاعلية، خاصة عبر الهجمات المرتدة السريعة والكرات الثابتة، مع ضرورة تقليل الأخطاء الفردية إلى الحد الأدنى أمام خصوم لا يتركون مجالًا للتعويض.
ورغم الصورة المعقدة التي تفرضها المجموعة، يرى متابعون أن هذه المشاركة تمثل فرصة تاريخية حقيقية لقياس المستوى الفعلي للكرة الأردنية بعد سنوات من العمل والتطور التدريجي على مستوى اللاعبين والمنظومة الفنية. فالاحتكاك بمنتخبات من نخبة العالم لا يختبر فقط القدرات البدنية والفنية، بل يسهم أيضًا في صقل الشخصية الذهنية للمنتخب، ويمنحه خبرات ثمينة قد تشكل أساسًا لمستقبل أكثر قوة واستقرارًا.
وتعيش الجماهير الأردنية حالة من الواقعية الممزوجة بالفخر والاعتزاز، بين إدراكها لحجم وصعوبة المواجهات المقبلة، واعتزازها بوصول المنتخب إلى هذه المرحلة من التصفيات في نسخة استثنائية من كأس العالم ستُقام بمشاركة 48 منتخبًا لأول مرة في التاريخ، وهو ما رفع سقف الطموحات وأعاد إشعال حلم المونديال في الشارع الرياضي الأردني، رغم صعوبة الطريق وتعقيد الحسابات.
ورغم أن الحسابات الورقية قد لا تميل لصالح الأردن في مجموعة بهذه القوة، إلا أن كرة القدم كثيرًا ما خالفت التوقعات وقلبت الموازين، وكتبت مفاجآت صنعتها منتخبات دخلت المنافسات بلا ترشيحات، وخرجت منها بإنجازات خالدة في الذاكرة.
وفي المحصلة، يجد المنتخب الأردني نفسه أمام أصعب تحد في تاريخه الكروي الحديث، بين مجموعة نارية تضم عمالقة الكرة، ودعم ملكي معنوي كبير، وطموح جماهيري واسع يتجاوز حدود النتائج. وبين الحلم والواقع، يبقى الأمل معقودًا على أن يحول "النشامى" هذه المشاركة إلى محطة مضيئة في مسيرة الكرة الأردنية، حتى وإن بدا الطريق شديد الوعورة، فالتاريخ لا يُصنع إلا في مثل هذه اللحظات الكبرى.