ما الذي تنتظره الفصائل الفلسطينية؟

 بلال العبويني

من المعيب جدا أن يقتصر دور الفصائل الفلسطينية على الاحتجاج على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، بما ينطوي عليه من اعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

الفصائل الفلسطينية لم توجد وتقدم قوافل الشهداء والأسرى ليقتصر دورها في مفصل تاريخي غاية في الخطورة، كالذي تمر به القضية الفلسطينية اليوم، على الشجب والاستنكار والتحذير وما إلى ذلك من تنظير لن يخدم القدس وقضيتها قيد أنملة.

الدور الدبلوماسي والضغط السياسي الذي تمارسه الأردن على وجه التحديد، والسلطة الفلسطينية وبعض الدول، هو في الحقيقة يجب أن يكون دورا مكملا لفعل يجري على الأرض، وهذا الفعل مطلوب من الفصائل الفلسطينية أن تقوم به بحركة جماهيرية غاضبة تشغل وتقلق بها الحكومة الإسرائيلية لاستشعار مدى خطورة المضي قدما في تنفيذ القرار.

إن القضية الفلسطينية، لم تكن لتصل إلى هذا المستوى الخطير لو لم تتخلّ الفصائل الفلسطينية عند دورها والغاية من وجودها بمداومة اشغال الاحتلال واستنزاف طاقاته المالية والأمنية والعسكرية والاجتماعية بعدم السماح له للاطمئنان إلى أن أمنه محصّن ضد أي عمل مقاوم.

منذ اليوم الأول الذي قررت فيه الفصائل التخلي عن دورها المقاوم ودخلت في معترك العملية السياسية أدركت سلطات الاحتلال أنها أصبحت في مأمن بعد أن بدأ حلم السلطة يتغلغل إلى صفوف حركة حماس، على وجه التحديد، على اعتبار أنها كانت القوة المقاومة الكبرى على الساحة الفلسطينية بعد أن انكفأت فتح التي قرر قادتها منذ زمن بعيد دخول معترك المفاوضات والاعتراف بإسرائيل.

لكن، أين هي حماس؟ وأين هي بقية الفصائل مثل الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية وغيرهما من المقاومة اليوم؟.

واقع الفصائل الفلسطينية اليوم، مخز، وهي التي ما زالت تتصارع على حصة من كعكة السلطة، فبعد أن تنفس الفلسطينيون الصعداء بتوقيع اتفاق المصالحة في القاهرة، حتى عادت الخلافات مرة أخرى إلى الفرقاء الفلسطينيين ما هدد اتفاق الصلح خلال الأيام الماضية لولا تدخل المصريين.

على ماذا تتنافس الفصائل؟، وما هي الغنيمة التي تسعى للحصول عليها بعد أن تصبح القدس عاصمة لدولة إسرائيل؟، هذا ما ليس له جواب منطقي أبدا، بل إنه يدخل في صلب التمييع الممنهج للقضية الفلسطينية وتركها نهشا لسلطات الاحتلال تقضم منها ما تشاء ومتى تشاء وتحت الغطاء الأمريكي أو من دونه.

الفصائل اليوم مطالبة بأن تقف أمام مسؤولياتها النضالية في إعادة الاعتبار للعمل المقاوم، والتنسيق الدائم لما فيه مصلحة وطنية عليا تخدم القضية الفلسطينية وتحقق ما لم ولن تحققه القنوات الدبلوماسية والسياسية لوحدها.

لن يتبقى شيء بعد القدس تفاوض عليه السلطة، وهذه حقيقة سيدركها الجميع قريبا عندما لا يكون مكان الدولة التي نصت عليها اتفاقية أوسلو وقرارات الأمم المتحدة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعندما يتم إنهاء ملف العودة نهائيا، وهذا ما أشارت إليه التسريبات التي تحدثت عن خطة كوشنير أو صفقة القرن.

بالتالي، من المفترض أن تكون الانتفاضة تلوح في الأفق اليوم، بعد أن قرر ترامب هدم العملية السلمية وإنهاء المشروع الذي تبناه المفاوض الفلسطيني على مدار العقود الماضية.

فما الذي تنتظره الفصائل بعد إذن؟، وما الذي تختلف عليه ومن أجل ماذا؟!!.//