صندوق شهداء الجيش والأجهزة الأمنية
بلال العبويني
في اللقاء الذي جمع الملك بعدد من الكتاب والإعلاميين في السادس عشر من الشهر الحالي، والذي تشرفت أن كنت من بينهم، دار نقاش حول صندوق دعم شهداء الجيش والأجهزة الأمنية، فكان جواب الملك "شغالين على الموضوع".
يوم أمس، أُدرج في الإرادة الملكية لعقد الدور الاستثنائية لمجلس الأمة، "مشروعقانونصندوقشهداءالقواتالمسلحةالأردنيةوالأجهزةالأمنية"، وفي الواقع لم يُتح لي حتى اللحظة الاطلاع على ما تضمنه مشروع القانون، غير أني كتبت مقالا قبل لقائنا بجلالتهبيومين عن ذات الموضوع تحت عنوان "هكذاندعمأسرالشهداء".
في اللقاء عرضت فكرتي التي كنت قد كتبتها في المقال، فما كان من الملك إلا أن قال ما أسعدني على المستوى الشخصي "أنا قرأت المقال"، وما أسعدني على المستوى العام أن جلالته متابع حثيث لكل صغيرة وكبيرة.
مداخلتي كانت تتمحور حول إنشاء صندوق لدعم أسر شهداء الجيش والأجهزة الأمنية ينبثق عنه مشاريع استثمارية تكون أولوية التوظيف فيها لأسر وذوي الشهداء، بالإضافة إلى رعايتهم وتأمين حاجياتهم.
وفي المقال تساءلت عن ماذا لو شارك المواطنون في دعم الصندوق عبر ضريبة مقدارها دينار واحد شهريا، وعبر مبلغ محدد يُقتطع من أرباح الشركات سنويا لصالح الصندوق.
في الواقع الأردنيون جاهزون للتعاطي الإيجابي مع مثل تلك الضريبة، وهم الذين يقدرون عاليا ما يبذله الجنود من أرواحهم في سبيل حمايتهم من أن تطالهم يد الغدر والعدوان.
فالجيش والأجهزة الأمنية، هما محل ثقة الأردنيين، وبالتالي فإن ضريبة من مثل هذه لا تعجزهم بالتأكيد، بل على العكس يدفعونها عن طيب خاطر على عكس ما يدفعونه من ضرائب أخرى للحكومة دون أن يحصلوا في مقابلها على الخدمة المناسبة.
ثمة أوجه إنفاق تدفعها الحكومة من أموال دافعي الضرائب ولا يعرف المواطنون ما الفائدة منها أو ما المردود المتأتي منها على حياتهم وعلى المشهد السياسي بصورة عامة.
من مثل ما تدفعه الحكومة للأحزاب من أموال بمقدار خمسين ألفا لكل حزب كل عام، وهي الأحزاب التي لا يستطيع اليوم أي أردني أن يعدد خمسة منها رغم أن عددها تجاوز الخمسين.
ثمة خلل واضح عندما نقارن القيمة المضافة لما يقدمه الجيش والأجهزة الأمنية من شهداء ضحوا بأغلى ما عندهم وهي أرواحهم من أجل توفير الأمن والحماية للمواطنين والدفاع عن ثرى البلاد، وبين ما تقدمه تلك الأحزاب التي يُخشى أن البعض يستخدمها كبوابة استرزاق.
فبالتالي، الأولى أن تتحول تلك الأموال لصالح صندوق الشهداء، إذا ما صار هناك تنظيم للحياة الحزبية بحيث يُحصر الدعم بالأحزاب الجماهيرية والتي لها مقرات في مختلف المحافظات ولها القدرة على إفراز نواب في المجالس المنتخبة، لتجبر الضعيفة منها إما على الاندماج لتصبح فاعلة لتتلقى الدعم، أو الاندثار، أو تتحمل الصرف على ذاتها طالما ظلت ضعيفة ودون أثر.
بالتأكيد، لست في ذلك مع عسكرة الحياة السياسية، بل أفكر كما غالبية الأردنيين بالقيمة المضافة للأحزاب وأقابلها بالقيمة المضافة لصندوق دعم الشهداء الواجب علينا جميعا اليوم أن نساهم في تأمين حياة كريمة لأسرهم من بعدهم.
لذلك أتمنى أن يتضمن مشروع القانون المعروض اليوم على مجلس النواب، ما أفكر به حيال صندوق الشهداء، وأتمنى أن يُعرض على الدورة العادية المقبلة لمجلس الأمة مشروع قانون مُعدل للأحزاب يتضمن حظر الدعم عن الضعيفة منها ودفعها إما للاندماج أو الاندثار، فالقيمة ليست بعدد الأحزاب بل بأثرها ومقدار تأثيرها.//