الحجاج المعذبون في"جمرك المدورة"

 وليد حسني

 نسي رجالات الجمارك تماما مكرمة جلالة الملك التي وجه الحكومة بها قبل سنوات مضت بتسهيل عودة الحجاج الأردنيين الى وطنهم وعدم تفتيش متاعهم الذي يخلو عادة من الأدوات الكهربائية الخاضعة للجمرك بعد ان اصبحت اسعارها محليا ارخص بكثير مما عليه في السوق السعودية.

امس الاول وعلى حدود المدورة كانت اوائل قوافل الحجيج العائدة للوطن تخضع للتفتيش الدقيق من قبل رجال الجمارك الذي يقومون بدورهم اليومي المعتاد متناسين ان للحجيج خصوصية يتوجب عليهم الانتباه اليها، ومراعاتها، والعمل على تسهيل اجراءات مرورهم من الحدود الى فضاء وطنهم.

وعلى رجال الجمارك عدم تناسي توجيهات جلالة الملك التي لا تنسى بالتقادم بضرورة تسهيل عودة الحجيج، وعدم تاخيرهم في الحدود للتفتيش الدقيق وكأن الحاج العائد من اداء الفريضة المقدسة متهم باخفاء ممنوعات او مهربات قد تؤثر سلبا على اقتصاد البلد، وقد تضرب اقتصاد سوقنا المفتوح، وتترك قيم المنافسة الرشيدة عرضة للامتهان من قبل حجيج لعل اكبر ما يعودون به من ارض الحجاز بضع ذكريات عاشوا طيلة حياتهم لتحقيقها، ويحملون معهم بضع هدايا لأحبابهم، كلها تمثل محمولات رمزية من أرض الحجاز، ولا أظنها ستؤثر سلبا على قوة اداء اقتصادنا المهيبة، كما انها لن تضيف أية مداخيل لخزينة الدولة يمكنها المساهمة في سداد نصف او ربع مديونيتنا المهيبة.

 

ماذا يحمل الحاج الاردني معه من ارض الحجاز؟.

 

سؤال لو طرحناه على اي رجل جمارك فسيعدد العشرات من السلع البسيطة يقدمها لأحبابه كهدايا، تمر، مساويك، ماء زمزم بالقطارة، خردوات للأطفال، دشاديش، والعاب اطفال بلاستيكية...الخ.

ولن تجد حاجا اردنيا قام بتهريب ثلاجة او جهاز تلفزيون، او كميات تجارية من الأجهزة الخلوية، وبالتاكيد لن يستطيع تهريب السجائر من المنطقة الحرة، ولا حتى تهريب علب العطر الرخيص الذي لا يتجاوز سعر العلبة الواحدة دينارين في احسن الاحوال.

هل هذه البضائع التي يعود الحاج الأردني بها من ارض الحجاز تستحق من رجالات الجمارك ايقاف الحجيج المتعبين من السفر ومن مشقات المناسك واجبارهم على انزال كامل امتعتهم لتفتيشها، ثم اعادة ترتيبها في الحافلات التي تقلهم مما يؤخر عودتهم ويطيل مدة مكثهم على الحدود، وفيهم المرضى وكبار السن والمتعبون.

اليوم وغدا سيعود اكثر من 11 الف حاج اردني بمن فيهم حجاج عرب 1948 فضلا عن الحجاج المنفردين، وستكتظ بهم ساحات جمرك المدورة، وقد يتأخر مكثهم بسبب التفتيش لساعات طوال مما يزيد المشقة عليهم، وبالنتيجة فان حاصل ما ستدخله التفتيشات الجمركية على امتعة الحجيج بضعة مئات من الدنانير لا تساوي شيئا أمام الملايين الطائلة الضائعة على الخزينة من بضائع اخرى يتم تهريبها للسوق المحلي، وليست قضية الدخان المهرب ببعيدة عنا.

على رجالات الجمارك تسهيل عودة الحجيج دون احتجازهم لساعات طوال في جمرك المدورة، وعليهم مراعاتهم والتسهيل عليهم بدلا من التشدد في غير مكانه، لقد رأيت امس الاول رجالا ونساء من كبار السن في مواقف مؤلمة، وكأنهم متهمون وسط ضجيج رجال الجمارك وهم يصرخون في وجوههم"نزل الشنطات.."، واظنهم لم يجدوا شيئا يمكنهم اعتباره نصرا عظيما تحقق لهم فجر يوم الاحد على بضعة حجيج من كبار السن.

والأهم إن على رجال الجمارك عدم نسيان توجيهات جلالة الملك التي اصدرها منذ سنوات مضت بعدم اخضاع الحجيج للتفتيش الجمركي والعمل على تسهيل عودتهم والاكتفاء بختم الدخول على جوازات سفرهم..

ويكفيني التذكير مرة أخرى بان الحجيج لا يتقنون مهنة التهريب للإثراء غير المشروع، ولا يتجاوزون على القانون، ولا يتطاولون على الأمن الاقتصادي الوطني، وكل ما يحتاجون القليل من الاحترام على حدود وطنهم..//