الوسطية والاعتدال ... توازن فكري ونفسي !!!
م. هاشم نايل المجالي
الوسطية والاعتدال والاتزان حالة محمودة لدى الجميع ، وخاصية اساسية من خصائص الدين ، ونظام خلقي واجتماعي وسياسي وحضاري ، ويعطي الانسان التوازن والحكمة وعدم الميل الى السلوك السلبي او الافراط والمبالغة والغلو ، خاصة بالتعامل مع كافة الاطراف ومكونات المجتمع في كافة مناحي العمل والتعامل والحياة .
والوسطية تيار وحس وطني يدعو الى الصفاء والنقاء والاعتدال لمن يريد التغيير والاصلاح وعدم السير مع المنحرفين والمتنطعين والمتسرعين والمنحرفين ، فالانسان يستطيع ان يصنع ثوابته المجتمعية بعيداً عن التأويلات المغرضة او يساير الاهواء او قابلاً للانحراف ، بل عليه ان يكون متسامحاً حتى مع نفسه فهذه هي الاستقامة .
ونحن نشاهد البعض من اخذتهم اهواؤهم الى الانحراف الفكري والسلوكي والديني والتطرف ، فالانسان المعتدل هو من يضع الامور في نصابها ويحقق التوازن في حياته ، وليس الهروب من الواقع او الموقف بل هو اختيار الموقف المتزن ، بين الذات والموضوع وبين الفرد والمجموع وبين الفكر والواقع وبين الثابت والمتغير وبين الاجتهاد والتقليد ، فهي ليست وصفة جاهزة بل هي موضوع اجتهاد وفكر وسلوك يطبق القاعدة الذهبية ( لا افراط ولا تفريط ) .
فهي تنبذ التشديد على النفس او التشديد على الاخرين ، ونبذ الفتنة والفرقة والتفريط ، حتى لا يجد الانسان نفسه يوماً ما نادما على ما فعل او ما تحدث به ، وهي رسالة اخلاقية وتربوية وجهاد نحو العلم والعمل والعطاء ، ليختار الانسان الخيار الافضل والاسلم ويختار الخير على الشر ويختار الجيد على الرديء حتى نتمكن من ان نحصن مجتمعنا ووطننا من تغول المفرطين والمنحرفين ، حتى نتمكن من تجاوز الازمات ونحقق التوازن المعيشي في جميع المناحي الحياتية ، فالاعتدال فكر وسلوك والبعد عن الخطر اما الافراط والتفريط فهو مسلك ومنهج اهل الشبهات واهل الشهوات .
ان اعتدالنا اليوم هو مطلب وطني وشرعي يحقق المصلحة العامة والوطنية ، ومن اجل مواجهة الازمات والاضطرابات ، وأي أمة لا يسودها الاعتدال والاتزان والانضباط مصيرها الفوضى وعدم التوازن وتغيب العقلانية التي هي من صور الانحراف ، خاصة في ظل وجود منظومة خارجية عدائية تسعى من خلال اجندتها الخارجية والداخلية الخروج عن دائرة الاعتدال الشبابي لسياقهم نحو السلوك العدواني والعنف ، وعدم الاتزان الفكري يؤدي الى انقسامات داخل المجتمع الواحد وتفكيك الطبقات ، فجميعنا نبحر في قارب واحد تتلاطم امواج الازمات حوله ، علينا ان نحسن القيادة كلٌ حسب موقعه ، والتحدي القائم هو مدى قدرة المجتمع على الثبات وقوة المعرفة الصحيحة ، فهو مجتمع معلوماتي في ظل تطور تكنولوجيا التواصل الاجتماعي وان نعيد تقييم الاوضاع لنحقق الاصلاح المنشود ومواكبة كل ما هو جديد وحضاري ، للتغلب على المخاطر لتعزيز الامن البشري ونجفف منابع الخطر ، خاصة الخطر المصنع الذي يستهدف المجتمعات ليحولها الى مجتمع المخاطر ، فالامن البشري هو امن اقتصادي ومجتمعي وامن شخصي ، والامن الاقتصادي يسعى ويعمل لجذب الاستثمارات وتنفيذ المشاريع المختلفة لخلق فرص عمل للشباب لتأمين دخل يحفظ كرامتهم ومستقبلهم ، كذلك تأمين الامن الشخصي وهو حماية الانسان من التعرض للايذاء او العنف البدني او للبلطجة او اي تهديدات ، فالاعتدال والتوازن يوفران المشاركة الايجابية ، ويحققان الديمقراطية التشاركية والتوافقية والسلام الاجتماعي وهو ما نصبو اليه .//
hashemmajali_56@yahoo.com