نقابتي خذلتني قبل ان تخذل الاردنيين !!

 د. عصام الغزاوي

 

قبل عامين بدأت بحمد الله أتقاضى 216 دينار راتب تقاعدي من صندوق نقابة الأطباء الأردنية بعد خمسة وثلاثين سنة إنتساب لَهَا، منذ خمسة شهور توقفت النقابة عن صرف الرواتب التقاعدية مما أشاع الشكوك حول إفلاس صندوق النقابة العريقة التي تأسست عام 1954، وحتمية إنهياره بسبب تلاعب الفاسدين في موجوداته ...

لقد انبثقت النقابات المهنية في مرحلة مبكرة من عمر الدولة الأردنية، عندما شكلت النخبة القليلة المتعلمة والمؤهلة طليعة هذه المؤسسات المجتمعية لتحقيق المهام والمسؤوليات المهنية لمنتسبيها، وفي فترة تجميد العمل السياسي والحياة الحزبية بالأردن من 1956 إلى 1989 أصبحت النقابات المهنية حاضنة للعمل السياسي مما جعلها تتعدى ميدان العمل المهني الذي هو أساس وجودها إلى ميادين أخرى ليست من صميم عملها على حساب تحقيق المصلحة المهنية لأعضائها والارتقاء بمستوى المهنة، كنت اتوقع من نقابتي في ضوء عودة المناخ الديموقراطي المنفتح الذي أتاح حرية العمل السياسي ان تعود الى تحقيق الأهداف والرؤيا التي تشكلت لأجلها وأهمها رفع مستوى المهنة وتنظيمها وحمايتها والدفاع عنها، وتأمين الحياة الكريمة للأطباء وعائلاتهم.

للأسف إنشغلت مجالس النقابة (البيضاء والصفراء والخضراء) خلال السنوات الماضية بالتناحر والتنافس وعجزت عن تقديم أية خطة لتلافي الكارثة المحققة، وإعادة إصلاح ما نخره الفساد والتردي المتسارع بصناديقها الذي ادى الى توقفها عن صرف الرواتب التقاعدية لمنتسبيها، لقد إستغلت النقابة سطوع نجمها مجدداً عندما قادت الشارع الى تحقيق الهدف الشعبي باسقاط حكومة الملقي وقامت بمفاجأة المواطنين بتعديل اجور كشفية الأطباء في هذا الظرف الدقيق والحساس، لقد ولّد هذا القرار مناخاً من تردي ثقة المواطنين بها وبمجلسها على السواء، وشعوراً بأنها خذلتهم وقامت بمقايضة موافقة الحكومة على تعديل اجور الأطبّاء مقابل موافقتهم على تمرير القرارات الغير شعبية التي ستتخذها الحكومة وتمس حياة المواطن، للأسف حتى لو تم تجميد القرار، لقد حدث الشرخ وفقدت نقابتي بهذا التخبط حسها الوطني وعمقها الشعبي.