مع تفاقم سوء الموسم المطري.. كيف يبدو الواقع المائي صيفًا؟

 

سلامة: الحديث عن الوضع المائي هذا الموسم ما زال مبكرًا

الروسان: الفاقد المائي في الأردن يتجاوز 40%

 

الأنباط – رزان السيد

 

مع الخطر المعتاد الذي يداهم الأردن بسبب شح المياه، يأتي ضعف الموسم المطري الحالي ليفاقم هذه المخاطر لتمسي كوابيس تقضي مضجع المواطن والمسؤول على حد سواء.

كميات المياه المخزّنة في السدود ما تزال دون المستويات المعتادة، والكميات المسجلة حتى هذا الوقت من عمر الموسم المطري من هذا العام مقارنة مع المسجلة العام الماضي، سجلت انخفاضًا بنسبة 26.6%، إذ بلغت الكميات المخزنة العام الماضي 45% من الطاقة التخزينية للسدود بواقع 143 مليون م³، مقارنة مع 33% بواقع 95 مليون م³ سجلت هذا العام.

ومن المتوقع أن يتم رسم خطط حكومية، والتي يجب تنفيذها نظرًا لصعوبة الوضع المائي المتوقّع، كتأمين مصادر مياه جديدة، وجر مياه من مناطق إلى أخرى.

وفي هذا السياق، قال الناطق الإعلامي لوزارة المياه والري، عمر سلامة، إن الحديث عن الوضع المائي ما زال مبكرًا، وأن فصل الشتاء والموسم المطري لم ينتهِ بعد.

ومن جانبه، قال رئيس الجمعية الأردنية للمحافظة على المياه، أحمد الروسان، إن الموسم المطري لهذا العام كان سيئًا للغاية، نظرًا لأن كميات الهطول المطري في كافة مناطق المملكة لم تتجاوز الـ 40%، مشيرًا بأنه يمكن التنبؤ للوصول إلى حد الجفاف.

وأضاف الروسان خلال حديثه لـ"الأنباط"، بأن المؤشرات القادمة تنبئ بصيف ساخن جدًا، وهذا ما يتطلب توفر كميات مياه كبيرة جدًا وإضافية للمواطنين من مياه الشرب، مبينًا بأنه وفقًا لتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني أن تباشر الحكومة ببدء تنفيذ مشروع الناقل الوطني، إلا أن وزير المياه والري المهندس رائد أبو السعود قام بتأجيل تنفيذه حتى مطلع العام المقبل.

وبين أن حاجة الأردن من المياه حتى عام 2031 ستزداد بنسبة عالية جدًا، نظرًا للتعداد السكاني المتزايد، إذ أن عدد المواطنين في العاصمة عمان فقط 6 مليون مواطن، عدا عن اللاجئين، كما للتغيرات المناخية دور آخر في التأثير على المياه حتى 6 سنوات مقبلة، فمن الممكن أن تمر سنوات قاحلة مطريًا، بالتالي هو أمر مجهول ولا يمكن تركه لمحض الصدفة، لذا لا بد من أن تقوم وزارة المياه باتخاذ إجراءات احترازية فورية.

وأشار بأن التحديات التي تواجه الأردن حاليًا بأن نسبة الفاقد من المياه تتجاوز الـ 40% في العاصمة عمان لوحدها، مبينًا بأنه على سبيل المثال، إذا تم بخ 200 مليون متر مكعب لمدينة عمان فقط، فإن بنسبة 40% ستذهب كـ فاقد مياه، نتيجة شبكات المياه المهترئة، مؤكدًا بأنه يصل إلى نسبة 55% في بعض المدن مثل المفرق، إربد، الكرك، والطفيلة.

وأوضح الروسان بأن الأردن تعتبر فقيرة في المياه، لذا يعتبر الفاقد تحدٍ كبيرٍ جدًا، بالإضافة إلى السرقات والاستخدامات غير الشرعية للمياه، تحديدًا ما يحدث بكثرة في منطقة الأغوار، مشيرًا إلى أنه يدل على ضعف في الرقابة وعدم تطبيق القوانين.

كما أن كميات الأمطار التي تخزن في السدود، تعتبر ضعيفة جدًا، بالتالي كلما زادت درجات الحرارة ستكون عملية التبخر عالية جدًا في السدود، عدا عن أن السدود من الأساس لا تكفي بسعتها الكاملة لغايات الري في الأردن.

وأشار إلى أن هناك استنزاف جائر في حوض الديسي، لغايات الزراعات غير المجدية، معتقدًا بأنه تم تضمينه

إلى أشخاص متنفذين، وأضاف بأن أحواض الأردن الـ 12 تتعرض للجفاف نظرًا لقلة وجود التغذية المستمرة، نتيجة التغيرات المناخية.

كما نوه إلى أن الزراعة الصيفية ستتأثر هذا العام بشكل كبير جدًا، والتحدي الحقيقي هو كيفية توفير المياه للمواطن؟، موضحًا بأن نسبة استهلاك الفرد من المياه يوميًا 30م، بعد أن كانت تصل إلى نسبة 100م في اليوم الواحد، وهذا يشير إلى وجود انخفاض كبير وملموس، لدرجة أن المواطن سيضطر إلى شراء المياه، وأكد بأن مشروع الناقل الوطني سيكون الحل الأنسب لهذه الأزمة، لذا من الضروري أن يتم البدء بتنفيذه بأسرع وقت ممكن.

وبين بأنه يجب على الحكومة أن تضع بديلًا استراتيجيًا دائمًا، وأن تبعد السياسة عن المصالح، كما جرى الحال مع مشروع ناقل البحرين، فمن الضروري أن تكون مصلحة الشعب هي الأولولية.

وأضاف الروسان بأن عجز المياه في الأردن وصل إلى 500 مليون متر مكعب، ومشروع الناقل الوطني سيوفر 300 مليون متر مكعب، مشيرًا إلى أن الحديث عن تطوير الصناعة وتطوير الزراعة والصحة وما إلى ذلك لا يمكن أن يتم دون توفر المياه، فلا يوجد نهضة أو تنمية دون المياه.

وبين بأن وزارة المياه والري تعمل وفق نظام الـ BOT ، لذا لم تخسر الحكومة شيئ، فالشركات هي المنفذة، الممدة، والمسعرة، لذا يفترض أن يكون تطبيق المشروع سريعًا جدًا، نظرًا لوجود الأردن في منطقة الخطر.

ووفقًا لاتفاقية السلام مع الاحتلال الصهيوني، حصة الأردن من المياه 50 مليون متر مكعب من بحيرة طبريا، وهناك تطلعات لشراء 50 مليون متر مكعب إضافيات من ذات المصدر.

وبين أن هناك خلل في بعض سياسات الحكومة الأردنية، إذ قامت الأردن بتوزيع الكهرباء إلى سوريا، دون عمل اتفاق متبادل لأخذ حق الأردن من المياه السورية، مشيرًا بأن النظام السوري البائد كان يغلق منابع نهر اليرموك الذي يحمل 34 سدًا، وأوضح بأن المنابع تأتي من محافظة درعا السورية لكن دوليًا هو الحد الفاصل بين الأردن وسوريا، بالتالي هذا ما أثر على سد الوحدة، الذي سعته تتجاوز الـ 100 مليون متر مكعب، لكن لا يتوفر بداخله ما سعته 20 مليون متر مكعب، والذي يواجه التبخر صيفًا، بالتالي لن تبقى فيه كمية تذكر.

وأضاف، بأنه لا بد أيضًا من عقد اتفاقية مع المملكة العربية السعودية حول حوض الديسي، والذي جاء تقسيم ثلثه للأردن والثلثين الآخرين للسعودية، كما طالب الروسان بعمل حفائر ترابية في الصحراء، وعمل سدود على أي مجرى مائي، ليتم ضبط المياه بشكل أفضل، حتى لا تبقى الأردن تعاني من نسب عالية من الفاقد المائي، وأن يتم استغلال كل قطرة مياه قدر المستطاع.

ومن جانب آخر، أوضح الروسان أن هناك دورًا كبيرًا على الموطن أيضًا، من خلال التكيف والتأقلم مع التغير المناخي وأثرها على قضية المياه، وأن يتم عمل ترشيد لاستهلاك المياه، كما يجب على كبار مستهلكي المياه، مثل الفنادق، المصانع والمستشفيات، أن يتم توعيتهم بشكل أكبر حول ضبط وترشيد استخدام المياه.

وأضاف، بأن الجمعية الأردنية للمحافظة على المياه، قامت بإنشاء 18 مشروع لعملية إعادة استخدام مياه الوضوء في مساجد الأردن، والتي تبلغ 6500 مسجد، واستخدام هذه المياه لغايات ري الحدائق أو استخدامات دورات المياه، مشيرًا بأن الدور لا يقتصر على الحكومة فقط، بل يجب على المواطن أن يقوم بالمبادرة.

وأوضح أن وزارة المياه والري ووزارة البيئة هما المسؤولتان الرئيسيتان عن هذه القضية، من خلال إيجاد بدائل سريعة جدًا، مؤكدًا بأن هناك اتفاقيات جديدة لشراء المياه، لأن الحلول صعبة جدًا أمام الأردن، لذا سيتم اللجوء لشراء المياه، وسيكون صيفًا ساخنًا على المواطنين، وسيشعر المواطنين بها من خلال لمس الفارق في الحاجة لشراء "تنكات" المياه.

وأضاف الروسان قائلًا:" لا توجد رؤية واضحة لوزارة المياه، ولا حلول ملموسة على أرض الواقع، وكافة الحلول سيتم العمل عليها".

كما أشار الروسان إلى أن فاتورة المياه أصبحت شهرية، لذا سيقوم المواطن بلمس الفارق بين الشهر والتالي، وهذا ما سيساعد على ترشيد استهلاك المياه، منوهًا أنه قد يكون من الحلول رفع تعرفة المياه حتى يقوم المواطن بحساب استخدامه كما هو الحال مع الكهرباء.

وتابع، بأنه يجب تكثيف برامج التوعية، فالمواطنون يعتقدون بأن الأردن تملك مخزونًا كبيرًا من المياه، وأن الحكومة كاذبة، لكن الحقيقة أن الأردن دولة فقيرة جدًا بالمياه، ويجب على المواطن أن يشعر بالخطر وأن يشعر بالمسؤولية أيضًا، مشيرًا بأن هذه المشكلة تهدم جسور الثقة بين المواطن والحكومة، بالتالي تؤثر على برامج التوعية وإقبال المواطنين عليها.

وأشار إلى دور الجمعية الأردنية للمحافظة على المياه، حيث أنها تقوم بعمل مجموعة من برامج التوعية لكافة شرائح المجتمع، فيما يخص الحصاد المائي، كما قامت الجمعية بتأسيس الفنادق الخضراء الصديقة للبيئة، والمدارس الصديقة للبيئة، بالإضافة إلى إعادة استخدام المياه في المدارس والمساجد، داعيًا وزارة المياه بعمل برامج توعوية أيضًا حول الحصاد المائي.

كما تقوم الجمعية بالتعاون مع الجمعيات والأندية الشبابية والنسائية، وجمعيات لجان المرأة، ونادي المرأة، وذلك لأن ربات البيوت هم الفئة المستهدفة بشكل مباشر فيما يخص برامج ترشيد استهلاك المياه..