الأردن يخرج من دائرة عدم التدخل إلى الاشتباك
فريق سياسي عسكري أمني لضرب الخطر على أرضه وليس على أرضنا
تركيا الأقرب إلى المصالح الأردنية والاقتراب منها لا يرفع حساسية الأصدقاء
علاقات الأردن الدولية وقبوله من التكوينات العرقية منحه الميزة الفضلى
الأنباط قصي ادهم
في اللحظة التي راهن فيها كثيرون على خبوت نجم رجل الدبلوماسية الأول, أيمن الصفدي بعد هدنة غزة, حد طرح البدائل للرجل, ينتفض الصفدي بمهارة فائقة, وهو يدير ملف العلاقات الأردنية – التركية, كاسرًا بها حواجز الصوت والضوء إن جاز التعبير, فالرجل يقود الفريق الأمني السياسي, بتوجيهات ملكية حاسمة, لا تراجع عن الاقتراب مع الصديق التركي, وتمهيد الطريق أكثر لمشروع سياسي كبير مع أنقرة, يشمل جانبي الصداع الأردني, فلسطين وسورية, وتركيا تملك على الأقل مسّكن ودواء, مسّكن في الجانب الفلسطيني ودواء في الجانب السوري.
يبدو أن الأردن قد تخلص من فكرة العلاقات الطيبة مع الجميع, دون طرح مشروعه أو المشاركة في مشروع, هكذا يعلق سياسي أردني عتيق, على الحركة الأردنية الجديدة, التي تشتبك مع الملفات الإقليمية بجسارة, ويرى الخبير الذي يعمل في مهمة رسمية تمنعه من كشف اسمه, إن ضعف طهران وتراجع نفوذها, قد منح الأردن حركة أوسع في الإقليم, بل أجازف وأقول, ازداد الطلب على الأردن بالمعني السياسي التجاري, فهو يمتلك رصيدًا استراتيجيًا في الدولة العميقة الأميريكة, وعلاقات وثيقة مع الاتحاد الأوروبي ودوله الفاعلة, والأهم علاقات طيبة ومميزة, مع التلاوين الاثنية والدينية في الإقليم العربي, من الأكراد إلى الأمازيغ إلى الدروز, فهو لم يكن يومًا إلا ملاذًا آمنًا للجميع.
الأولويات والإمكانات, هي من تحكم العلاقات الخارجية للدول, بهذه البداية الأكاديمية, يعلق الدكتور حسن المومني على سؤال الأنباط, حول المشروع الأردني والشراكة مع تركيا, فأولويات الأردن على المسارين الفلسطيني والسوري, تتوافق مع الموقف التركي, وبالتالي يكون الاقتراب, على قاعدة الاستفادة من إمكانات الدولة التركية, التي تعيد ترتيب أوراق علاقاتها, مع محور الأردن العربي, مصر والسعودية, وبالتالي لا يوجد حساسية سعودية أو مصرية من الاقتراب منها, والجميع يريد أن يرى سورية موحدة, وليست لقمة مقسمة بين أضلاع مثلث الفعالية على الأرض السورية, طهران وتل أبيب وأنقرة.
الأردن بالضرورة ضد المشروع الصهيوني في سورية, الذي يريد دويلات سورية أو على الأقل ميوعة جغرافية وديمغرافية في سورية, كذلك طهران ومشروعها الذي حول الصداع في الرأس الأردنية إلى طنين دائم, بتهريب أسلحة ومخدرات وعبث اجتماعي وسياسي, ويبقى المشروع التركي هو الأكثر مقبولية في الأردن, بعيدًا عن تهويلات العثمانية وتداعياتها, فالأردن يدرك أن تركيا دولة محورية في الإقليم وتريد أن تحتل مكانتها بعد تراجع محور طهران, ومصلحة الأردن أن يكون المحور التركي قوي لمواجهة المحور الصهيوني.
تركيا لديها علاقة حميمة مع حماس الحركة التي تفاوض واشنطن اليوم, ولها تاثير ونفوذ متزايد في الضفة الغربية, الذي يمتلك الأردن حساسية عالية لأي خطة وتغيير في الديمغرافيا أو الجغرافيا هناك, وحماس قادرة على منع ارتفاع الحساسية هناك, وتركيا تحتاج الأردن لعلاقاته مع أبناء محافظتي درعا والسويداء, وتحتاجه مع الأكراد أيضًا, فكل هذه العلاقات الطيبة محليًا والثقيلة خارجيًا, تجعل من العلاقة الأردنية التركية متوازنة إلى حد ما, في ظل دعم مصري- سعودي.
الدبلوماسية الأردنية تكسر النموذج المألوف من عدم التدخل في الجوار, بعد أن بات الجوار يلقي بظلاله على المشهد المحلي, ولا يمكن إدارة الظهر له, بل يجب مواجهته على أرضه وليس على الأرض الأردنية, لذلك كان الفريق أمني وعسكري وسياسي, لقيادة الدور الأردني مع الصديق التركي.