جرار: ترامب يسعى إلى إعادة صياغة السياسة الأمريكية
قدم لـ"قراءة المشهد" تحليلًا حول أبرز قضايا الساعة
الأنباط - محمد شاهين
استضاف برنامج "قراءة المشهد"، عبر قناة الأنباط، المحلل السياسي بشار جرار، الذي قدم تحليلًا دقيقًا وشاملًا حول أبرز القضايا السياسية الدولية في الوقت الراهن.
وجاء النقاش زاخرًا بالمعلومات والتحليلات المتعمقة التي تكشف أبعاد الأزمة الأوكرانية وتداعيات الحرب في الشرق، بالإضافة إلى التصريحات المثيرة للجدل التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وما يترتب على ذلك من تأثيرات سياسية على المستوى العالمي.
وفي بداية حديثه، تناول بشار جرار التصريحات الأخيرة للرئيس ترامب، والتي لاقت اهتمامًا واسعًا على مختلف الأصعدة السياسية والإعلامية.
معتبرا أن تلك التصريحات لا تُعد فقط خطابًا سياسيًا عابرًا، بل هي جزء من استراتيجية طويلة المدى تسعى إلى إعادة صياغة السياسة الأمريكية، سواء على المستوى الداخلي أو في علاقاتها الخارجية.
وأشار جرار إلى أن تلك التصريحات قد تؤثر بشكل كبير على الاستقرار العالمي، خاصة في ظل تزايد الأزمات الدولية.
وأضاف أن الخطاب السياسي في الولايات المتحدة يشهد تحولات كبيرة في الآونة الأخيرة، وهو ما سيؤثر على العلاقات مع القوى العالمية الأخرى مثل روسيا والصين وأوروبا.
ومن خلال هذه التحولات، يمكن أن تتغير معالم التحالفات الدولية، وهو ما ينعكس في نهاية المطاف على السياسة الأمنية والاقتصادية في العديد من الدول.
الحرب الأوكرانية: مأزق طويل
ثم انتقل جرار إلى الحديث عن الحرب الأوكرانية الروسية، موضحًا أن الصراع في أوكرانيا يُعد من أكثر النزاعات تعقيدًا في العصر الحديث.
ورغم الدعم المستمر الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا، بما في ذلك المساعدات العسكرية والاقتصادية، إلا أن الأوضاع العسكرية على الأرض تشير إلى وجود صعوبات جمة تواجهها كييف في تحقيق نصر حاسم.
وأوضح أن مواقف القوى الكبرى، مثل روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تلعب دورًا رئيسيًا في تحديد مسار الحرب، مشيرًا إلى أن روسيا تسعى للحفاظ على نفوذها في المنطقة من خلال تعزيز وجودها العسكري والسياسي، بينما تسعى الدول الغربية إلى تجنب انهيار أوكرانيا ودعم حكومتها.
وأكد أن الوضع العسكري في أوكرانيا ما يزال في حالة تأرجح بين المكاسب والخسائر، وأن أيًا من الطرفين لم يتمكن حتى الآن من تحقيق حسم حقيقي على الأرض.
وفي الوقت نفسه، يرى أن التدخلات الغربية في النزاع أصبحت معقدة، حيث أُضيفت إلى الأزمة قضايا جيوسياسية أخرى مثل المصالح الأوروبية في الطاقة، وكذلك الأبعاد الأمنية المتعلقة بحلف شمال الأطلسي .
زيلنسكي ومواقفه
في الجزء التالي من النقاش، تناول جرار شخصية الرئيس الأوكراني زيلنسكي، الذي تمكن من تسليط الضوء على بلاده في مختلف المحافل الدولية بعد اندلاع الحرب.
واعتبر أن زيلنسكي قد نجح في التحدث بلغة عالمية قادرة على جذب تعاطف الدول الغربية، لكن في نفس الوقت، عليه أن يوازن بين التوقعات الغربية والواقع العسكري الصعب على الأرض.
وأشار إلى أن زيلنسكي استطاع أن يُظهر بلاده كضحية للعدوان الروسي، وهو ما ساعد على تأمين دعم دولي غير مسبوق.
وأضاف أن الضغوط التي يواجهها زيلنسكي داخليًا بسبب الخسائر العسكرية قد تُجبره على اتخاذ قرارات صعبة في المستقبل، سواء على المستوى العسكري أو السياسي.
وأكد أن التوقعات بشأن المستقبل القريب للأزمة الأوكرانية تتوقف بشكل كبير على قدرة أوكرانيا على استعادة أراضٍ شاسعة من خلال العمليات العسكرية، بالإضافة إلى موقف القوى الغربية من دعمها المستمر لكييف. أما على الصعيد الروسي، فإن التصعيد العسكري قد يطال مناطق أخرى، وهو ما يُنذر بمزيد من التوترات في الشرق الأوسط وأوروبا.
أبعاد الحرب
أثناء حديثه عن الجوانب الاقتصادية للحرب، تطرق جرار إلى الأثر الكبير الذي تتركه الأزمة الأوكرانية على الاقتصاد العالمي.
فعلى الرغم من العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا، إلا أن الأزمة قد تسببت في أزمات غذائية وارتفاعات حادة في أسعار الطاقة، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية في العديد من الدول، خاصة في أوروبا.
وأشار إلى أن الحرب قد تؤدي إلى تغيرات في سوق الطاقة العالمي، حيث تحاول أوروبا تقليل اعتمادها على النفط والغاز الروسي، وهو ما قد يخلق فرصًا للدول المنتجة للطاقة في الشرق الأوسط وأفريقيا. وفي الوقت ذاته، يعتقد جرار أن الولايات المتحدة ستسعى إلى تعزيز هيمنتها الاقتصادية، وهو ما قد ينعكس في سياساتها التجارية والتنافسية.
تحولات متوقعة
وفي الختام، أكد ب
جرار أن المشهد السياسي الدولي سيظل في حالة تطور سريع، ويُتوقع أن تطرأ تغييرات كبيرة على المدى القريب. فالنزاع الأوكراني لن يقتصر تأثيره على أوروبا فقط، بل سيطال أيضًا أبعادًا عالمية تمتد إلى التفاعلات الاقتصادية والسياسية بين القوى الكبرى.
وتوقع بأن المنطقة قد تشهد تحولات حاسمة في التحالفات السياسية في ظل تزايد الضغوط والتحديات الأمنية.
وأشار جرار إلى أن قادة العالم سيكونون أمام خيارات صعبة في المستقبل القريب، خاصة في ظل التنافس المستمر بين روسيا والغرب، وتصاعد التوترات في آسيا وأماكن أخرى من العالم. وأضاف أن الأزمة الأوكرانية قد تفتح المجال أمام تسوية دبلوماسية أو تصعيد إضافي، ما سيعتمد على المواقف الاستراتيجية للقوى العظمى في الفترة القادمة.