الأردن والقضية الفلسطينية دور استراتيجي وثابت تاريخي ..!


علي الساعدي

يُعد الأردن من الدول المحورية في المنطقة، حيث لعب دورًا استراتيجيًا في مختلف القضايا الإقليمية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية فمنذ تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية، ظلّت فلسطين قضية وطنية وقومية، وظل الأردن داعمًا ثابتًا للشعب الفلسطيني في نضاله من أجل حقوقه المشروعة ، هذا الدور لم يكن مجرد التزام سياسي، بل كان انعكاسًا للعلاقات التاريخية والجغرافية التي تربط الشعبين الشقيقين الأردني والفلسطيني .

منذ عهد الملك عبد الله الأول، كان الأردن جزءًا أساسيًا من تطورات القضية الفلسطينية وبعد نكبة 1948، ضمّ الأردن الضفة الغربية، واستمر في دعم الفلسطينيين سياسيًا واجتماعيًا وفي عام 1967، فقد الأردن الضفة الغربية لصالح الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب الأيام الستة، لكنه لم يتخلّ عن دوره في دعم الحقوق الفلسطينية محلياً وإقليمياً ودولياً.

ففي عام 1988، أعلن الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية، مفسحًا المجال أمام منظمة التحرير الفلسطينية انذاك لتكون الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين ومع ذلك، واصل الأردن دوره في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وهو الدور الذي تأكد رسميًا في اتفاقية الوصاية الهاشمية عام 2013 .

استطاع الملك حسين رحمه الله تعالى ، خلال فترة حكمه من 1952 حتى 1999، أن يحافظ على استقرار الأردن وسط صراعات المنطقة، متبعًا سياسة متوازنة جنّبت البلاد الدخول في مواجهات مباشرة ، وعندما تولى جلالة الملك عبد الله الثاني الحكم عام 1999، واجه تحديات أكثر تعقيدًا، من الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، إلى الحرب الأهلية السورية، وثورات الربيع العربي ورغم كل ذلك، نجح في الحفاظ على استقرار الأردن، مستفيدًا من شبكة تحالفات قوية، وإدارة حكيمة للموارد والعلاقات الدولية .

على مدار العقود، ظلّ الأردن من أبرز المدافعين عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، حيث تبنى حل الدولتين كخيار أساسي لتحقيق السلام وكان للأردن دور بارز في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، ثم في اتفاقية وادي عربة عام 1994، التي أكدت على ضرورة حل القضية الفلسطينية ضمن إطار عادل وشامل .

اليوم يواصل جلالة الملك عبد الله الثاني جهوده لإبقاء القضية الفلسطينية على الأجندة الدولية، محذرًا من خطورة تجاهلها على استقرار المنطقة العربية كما يعمل الأردن على حماية الوضع القانوني والتاريخي للقدس، في ظل محاولات الاحتلال الإسرائيلي تغيير الواقع الديموغرافي والديني في المدينة المقدسة .

تُعدّ الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس أحد أبرز أدوار الأردن في القضية الفلسطينية فمنذ عقود، يعمل الأردن على حماية المسجد الأقصى من الانتهاكات الإسرائيلية، مؤكدًا أن القدس خط أحمر لا يمكن المساس به .

رغم الأزمات الإقليمية والتغيرات الجيوسياسية، يواصل الأردن قيادة وحكومة دوره الاستراتيجي في دعم القضية الفلسطينية، متكيفًا مع المتغيرات، ومحافظًا على ثوابته الوطنية والقومية وخاصة رفض تهجير اهلنا الفلسطينيين من غزة ، ومع تزايد الضغوط الدولية والإقليمية، يبقى التحدي الأكبر هو الحفاظ على هذا الدور دون التأثير على استقرار الأردن الداخلي، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وتزايد أعداد اللاجئين، والضغوط السياسية من مختلف الأطراف .

بعد أكثر من سبعة عقود على تولي الملك حسين الحكم، وأربعة وعشرين عامًا من حكم الملك عبد الله الثاني، يظل الأردن نموذجًا في الصمود وسط الأزمات، محافظًا على دوره التاريخي في دعم القضية الفلسطينية ،فبفضل القيادة الحكيمة، استطاع الأردن أن يبقى لاعبًا أساسيًا في معادلة السلام، مؤكدًا أن لا استقرار حقيقي في المنطقة دون تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.