دمج التكنولوجيا في مرحلة رياض الأطفال.. نحو تعلم مبتكر يغير النهج التقليدي


المحاميد: حاجة لدمج التكنولوجيا بالحياة الاجتماعية لفئة رياض الأطفال

شوارب: لا يمكن فصل الطفل عن العصر الرقمي الذي ولد فيه

ضرورة الدمج ما بين الأنشطة الحركية والرقمية بطريقة متوازنة

الأنباط - شذى حتاملة

يتطلب التطور التكنولوجي المتسارع، الذي يشهده العالم حاليًا، من المؤسسات التعليمية تحولًا نوعيًا لإدخال التكنولوجيا الحديثة في مرحلة رياض الأطفال ضمن المناهج التعليمية، لتحسين تجربة التعلم للأطفال من خلال استثمار الأجهزة اللوحية وبرامج التعليم التفاعلية لدمج التعلم مع اللعب.
إدخال التكنولوجيا في مرحلة رياض الأطفال يساعد في تطوير مهارات الطفل الأساسية كالتفكير النقدي، والابتكار، وحل المشكلات، كما يعزز عملية التواصل مع البيئة المحيطة، لذا هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق وزارة التربية والتعليم بمواكبة التطور التكنولوجي وذلك من خلال توفير بيئة تعليمية متطورة، تشجع على استكشاف المعرفة وتنمي قدرات الأطفال في مرحلة مبكرة، بما يتواءم مع التحولات الرقمية العالمية.
أستاذة المناهج وطرق التدريس ومدير عام مدارس الأكاديمية العربية الحديثة الدكتورة عليا المحاميد تؤكد ضرورة إدراك أن التطور التكنولوجي أصبح ضرورة ملحة في عالمنا العلمي والأكاديمي، مبينة أن ذلك يسهم في تطوير مهارات الأطفال الذهنية والحركية، وتنمية التفكير الإبداعي والنقدي لدى الأطفال في مرحلة رياض الأطفال "الروضة"، ما يؤدي إلى التطوير الذهني لدى الأطفال في هذه المرحلة.
وتابعت المحاميد أنه هناك حاجة لدمج التطور التكنولوجي في الحياة الاجتماعية لفئة رياض الأطفال لأن التكنولوجيا الحديثة أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث يمكننا عن طريق التكنولوجيا تعزيز الروابط الاجتماعية وتحسين جودة التفاعل الاجتماعي، لافتة إلى أنه يمكن عبر استخدام التكنولوجيا في العلاقات الاجتماعية أن يصبح بمقدور الطفل التواصل اجتماعيًا مع والدته ومع أقرانه أثناء تواجده في الروضة، وفيما يتواصل مع أقربائه في المنزل وخارج بلده يتعزز أثر التكنولوجيا في العلاقات الاجتماعية ويتقلص من أثر العزلة لدى طفل مرحلة رياض الأطفال.
ولفتت إلى أن عملية تعزيز التواصل بين فئة رياض الأطفال وأفراد الأسرة أو الأصدقاء والأقارب عن طريق استخدام التكنولوجيا الحديثة تخلق نوعًا من المحاكاة الافتراضية، ما يساهم في فهم الطفل لما يحيط به.
ولتحقيق عملية التوازن لابد من الإشارة إلى أن الأدوات الرقمية ليست عدوًا للتعلم أو منقذًا له بل يجب أن نوازن في استخدام التكنولوجيا ونحفز الطلبة عليها، مشددة على ضرورة التعامل بحذر وخاصة مع الأطفال في مرحلة الروضة وذلك لعدم قدرتهم على التمييز بين النافع والضار، بحسب المحاميد.

وأشارت المحاميد إلى التحديات التي تواجهها رياض الأطفال في دمج التكنولوجيا والمتمثلة بضعف خبرة المعلمات في التطور التكنولوجي، مضيفة أن هناك تحديات أخرى تتعلق بقلة التجهيزات اللازمة وقلة الدورات التدريبية وعدم وجود أدلة إرشادية تساهم في مساعدة المعلمة على تحدي هذه المشكلة.
وفي السياق ذاته، أكدت الأستاذة المشاركة في مجال الطفولة المبكرة في جامعة البترا، أسيل شوارب، أنه لا يمكن فصل الطفل عن العصر الرقمي الذي ولد فيه، فإدخال التكنولوجيا الحديثة في مرحلة رياض الأطفال أصبح أمرًا ضروريًا لمواكبة التحديات والمتطلبات المعاصرة.
وأكدت ضرورة استخدام التكنولوجيا باعتبارها تلعب دورًا مهمًا في مساعدة المعلمين على متابعة وتوثيق ملفات الطلاب من الناحية الإدارية، بالإضافة إلى ذلك تسهم التكنولوجيا بشكل كبير في الجانب التعليمي من خلال تعزيز الواقع المعزز في رياض الأطفال، ودعم استخدام الصوت لتوضيح الأفكار وسرد القصص، وتسهيل التعليم وإجراء المسابقات.
وتابعت أن هناك أهمية لتعليم الطفل كيفية استخدام التكنولوجيا الحديثة بشكل سليم، سواء عبر الهواتف أو الحواسيب، ومعرفة تطبيقاتها المختلفة، لافتة إلى أن هناك العديد من الطرق لدمج التكنولوجيا في عملية التعلم، مثل الألعاب الجماعية التي تسهم في تسهيل التعلم، والأنشطة التي تساعد الطلاب على التحدث عن أنفسهم أو تدريبهم على التحدث عن شخصيات باستخدام التكنولوجيا، كما يمكن من خلال ألعاب تكنولوجية تمكين الأطفال من تقمص شخصيات مختلفة، ما يسهم في تنمية مهاراتهم الاجتماعية.
وأشارت شوارب إلى أنه يمكن تحقيق التوازن ما بين الأنشطة الحركية والرقمية من خلال إعداد برنامج متوازن من خلال القيام بعدة أنشطة حركية كالرقص والحركات الجسدية والأنشطة الرقمية كالرسم والكتابة باستخدام الحواسيب لكن ذلك يتم بوجود الأهل لكي لا يبقى الطفل فريسة هذه التكنولوجيا الحديثة من خلال تحديد تخصيص وقت لاستخدام التكنولوجيا.
وأوضحت أن هناك تحديات ومخاطر تواجه دمج التكنولوجيا الحديثة في مرحلة رياض الاطفال ومنها وجود الطفل لفترات طويلة أمام هذه الشاشات وانعزاله وتقليل التفاعل الاجتماعي له نتيجة جلوسه على هذه الشاشات لفترات طويلة، وقد يكون هناك مخاطر بالمحتوى الذي يظهر للطفل في بعض الألعاب الإلكترونية، لذا هناك حاجة لإخضاع المعلمين لتدريب مكثف لكيفية استخدام التكنولوجيا بطريقة جيدة وكيفية التفاعل الصفي.
وذكرت أنه هناك دراسات عديدة تؤكد أن التكنولوجيا تحسن مهارات الطفل من خلال تعلمهم لغة ثانية ومهارات التفكير الإبداعي وتزيد من التعلم الذاتي، مشددة على أهمية العمل الجماعي ووجود أنشطة ذات تحديات مناسبة للأطفال، وتخصيص ما لا يزيد عن ساعة يوميًا بشكل غير متواصل لاستخدام الطفل للتكنولوجيا الحديثة.
وأكدت شوارب أن التكنولوجيا الحديثة كأداة تعلم ليست بديلًا عن الأنشطة الواقعية بحيث لا يمكن استبدال متعة قراءة القصة والرسم بالألوان وغيرها من الأنشطة بنشاط على الشاشة، داعية إلى أهمية الدمج ما بين الأنشطة الحركية والرقمية بطريقة متوازنة.