على وقع دعوات التهجير.. هل تندلع انتفاضة جديدة؟


الفراعنة: 7 أكتوبر نقطة تحول تفضح اخفاقات الإحتلال وتكشف فشل نتنياهو

جبر: صدمة 7 أكتوبر تكشف زيف قوة الكيان الصهيوني وتفضح عجزه أمام إرادة المقاومة


الأنباط - رزان السيد

لم يكن صباح السابع من أكتوبر كغيره من الصباحات، فقد انتفضت المقاومة الفلسطينية بهجوم مفاجئ هز مفاصل الكيان المحتل المتبجح عادة بأنه يملك أقوى جيوش المنطقة، هذا الجيش هو ذاته الذي قتلت المقاومة عددًا من أفراده وأسرت عددًا آخر واستولت على مركبات تابعة له ونقلت بها هؤلاء الأسرى خلال عملية طوفان الأقصى.

العملية الأسطورية، التي أسهب المحللون العسكريون عبر مختلف الفضاءات في تحليلها، غيرت الوضع الأمني والسياسي داخل الكيان بشكل كبير، فالهجوم المفاجئ شكل صدمة كبيرة للكيان المحتل، حيث لم يتوقع أحد أن تكون حماس قادرة على تنفيذ مثل هذه الهجمات.

التأثيرات تجاوزت الجوانب الأمنية والسياسية والاقتصادية للعملية، لتصل إلى النفسية، حيث أظهرت العديد من الصور والفيديوهات مستوطني الكيان وهم يغادرون المستوطنات إلى أماكن بعيدة عن غزة تارة، ومشاهد أخرى لتجمهرهم في مطار "بن غوريون" يغادرون الكيان كله تارة أخرى، ما أكد فقدان ثقة هؤلاء، القادمين أصلًا من شتى بقاع الأرض، بقيادتهم السياسية والعسكرية.

كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، وشتى الفصائل المشاركة، غرست الرعب في قلوب مستوطني الكيان الصهيوني، فجابت الشوارع مظاهرات على مدى أشهر تطالب بإقالة وزير الدفاع، وأخرى تنادي باستقالة رئيس الوزراء، إضافة إلى مطالبات بتوفير حماية أفضل، وتعزيز التعاون الاستخباراتي لمكافحة تهديدات المقاومة، وعلى وقع دعوات التهجير، يتساءل محللون عن إمكانية انطلاق انتفاضة ثالثة، أو إمكانية أن تخلق هذه الدعوات طوفان أقصى آخر يقوض خطط العدو الصهيوني.

وفي هذا السياق أوضح الكاتب والمحلل السياسي، حمادة الفراعنة إن محطة السابع من أكتوبر كانت المحطة الرابعة في مسار الحركة الوطنية الفلسطينية، إذ أنها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، وقد سبقها ثلاث محطات، كانت الأولى انطلاقة الثورة الفلسطينية وتأسيس منظمة التحرير، والتي كانت قبل عام 1967، أما المحطة الثانية هي الإنتفاضة الأولى عام 1987 والتي نقلت العنوان والنضال الفلسطيني من المنفى إلى الوطن، وكانت محطة نوعية في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني، والمحطة الثالثة كانت الإنتفاضة الثانية عام 2000 والتي أجبرت شارون على الرحيل من قطاع غزة.

وتابع الفراعنة خلال حديثة لـ "الأنباط" بأن طوفان الأقصى كان المحطة الرابعة في مسار الحركة الوطنية، والتي كانت نتائجه في غاية الأهمية، إذ تمت العملية في مناطق الـ 48، وتم قتل 1200 صهيوني، وأسر 250 صهيوني، مؤكدًا بأن هذه النتائج غير مسبوقة لدى الاحتلال، لذلك كانت ردة فعله عنيفة، حادة، وقاسية جدًا، وحقق خلالها هدفين، وهما تدمير قطاع غزة، إذ تم سحق أحياء ومدن وقرى بالكامل خاصة في مناطق شمال غزة، مثل بيت لاهيا، بيت حانون وجباليا، أما الهدف الثاني كان بقتل أكثر من 50 ألف عربي فلسطيني.

وأشار أنه وبالرغم من ذلك فقد أخفق الاحتلال في تحقيق غرضين جوهريين، حيث لم يتمكن من إطلاق سراح الأسرى الصهيونيين دون عملية تبادل، إذ فشل الاحتلال في إنجاز هذا الهدف رغم احتلاله لكافة مناطق غزة، حيث لم يتمكن العدو من معرفة مكان تواجد الأسرى، بالإضافة إلى أن جيش الاحتلال قام بقتل واغتيال كبار قادات المقاومة، ولكنهم لم يتمكنوا من إنهاء المقاومة الفلسطينية.

وأضاف الفراعنة بأن هذه النتائج جاءت بشكل مباشر على المواطنين الصهيونيين بإخفاق إسرائيلي واضح وصارخ، ولهذا ستتم محاكمة نتنياهو بتهمة التقصير، لذلك لا يريد نتنياهو وقف إطلاق النار، فهو يقول:" لن نشكل لجنة تحقيق لأننا في حالة حرب"، يريد استمرار حالة الحرب حتى لا تتشكل لجنة تحقيق وبالتالي سيحاكم مثل من سبقوه، وهم جولدا مائير، وهي رابع رئيس وزراء لحكومة الاحتلال، وحكمت عام 1973 بالتقصير في حرب أكتوبر بين الاحتلال ومصر، بالإضافة إلى مناحيم بيغن‎، وهو سادس رئيس وزراء للحكومة، حيث حكم عليه عام 1982 بعد الإجتياح الإسرائيلي على لبنان، مشيرًا إلى أن نتنياهو سيكون الشخص الثالث.

وأوضح، بأن نتنياهو استطاع أن يقتل أكثر من 50 ألف فلسطيني، وجرح أكثر من 100 ألف، كما دمر قطاع غزة، لكنه فشل في أهدافه، لذلك يريد استمرارية الحرب على أمل أن يحقق إنجازات أكثر بعد إخفاقاته، مؤكدًا بأن المخابرات الإسرائيلية وجيش الاحتلال هما ضد استمرارية الحرب، نظرًا لأنهم يقولون ماذا يمكن أن نحقق بالمزيد من قطاع غزة؟ فقد تم قتل أعداد كبيرة بالإضافة إلى الدمار الكبير، لذا يرون أنه لم يعد هناك أي هدف ممكن تحقيقه.
كما بين الفراعنة بأن العائلات التي تتظاهر في شوارع فلسطين المحتلة، تتكون من 3 شرائح، الأولى هم عائلات الأسرى الذين لم يطلق سراحهم بعد وما زالوا قيد الأسر لدى الفلسطينيين، والشريحة الثانية تتكون من عائلات الجنود والضباط الذين قتلوا في الحرب بدون أن تتحقق أي إنجازات غير القتل والثأر والدمار، لكن لم تحقق أي نتائج سياسية لمصلحة المستعمرة الصهيونية، لذلك يعتبرون أن أبناءهم من الجنود والضباط دون أن يتم تحقيق ثمن، أما الثالثة هم عائلات الجنود والضباط الذين ما زالوا قيد الاحتياط، موضحًا أنه منذ عام 1948 حتى اليوم، لم يتم تجنيد الجنود والضباط لهذه الفترة الطويلة والتي وصلت إلى سنة ونصف، إذ كانت تصل بالسابق إلى شهرين أو ثلاثة أشهر، ثم يتم إطلاق سراحهم ويعودون إلى أعمالهم ووظائفهم بشكل طبيعي، كما أن الشوارع أصبحت تشهد اتساعًا كبيرًا بأعداد المتظاهرين ضد حكومة نتنياهو.

وأشار إلى أن هناك خلل في حكومة الائتلاف التي يقودها نتنياهو، إذ قام بن غفير بالانسحاب من الحكومة وقد ينسحب سموتريتش، وبالتالي ستسقط هذه الحكومة، لذا هناك تحولات داخل الاحتلال الصهيوني، خاصة لدى اليمين الذي يقود الحكومة، ويذكر أن حكومة الإحتلال تتشكل من طرفين، الأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة، والأحزاب الدينية المتشددة، وهذه الأحزاب الآن تواجه خلل في هذا الاتجاه، وبالحصيلة أن هناك إنجازات فلسطينيون ولكن الثمن كان باهظًا، وهناك إخفاقات إسرائيلية على الر غم من أعداد القتل والدمار الكبير.

ومن جهتها، أوضحت أستاذة العلوم السياسية والمختصة بالشأن الفلسطيني الدكتورة أريج جبر، أنه وبعد السابع من أكتوبر بدا واضحًا لقطعان المستوطنين أن دولتهم المزعومة ما هي إلا كيان هش، وجيشه غير قادر على حماية نفسه.

وبينت جبر، خلال حديثها لـ"الأنباط"، أنه ومن خلال ما شاهدناه على مدار أحداث طوفان الأقصى والحرب على غزة كان يؤكد مرارًا على عدم الثقة ما بين المستوطنين وكيانهم، بالمستويين السياسي والعسكري، إذ كانت الملاجئ العنوان العريض للمرحلة كلما دوت صفارات الإنذار.

وأشارت إلى أن هناك مخاوف حقيقية تبدأ بعدم الثقة في قدرة نتنياهو وكابينيت الحرب على قيادة المرحلة المقبلة، والخوف من تكرار طوفان الأقصى في الضفة الغربية، والخوف من أن تكون هناك انتفاضة فلسطينية عارمة تجتاح جميع أراضي فلسطين، كرد فعل على التصريحات المحرضة على تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، من قبل ترامب ونتنياهو.

وأكدت جبر، أن المشهد عربيًا يتفق مع الرؤية الفلسطينية، إذ جاءت كافة الردود العربية رافضة لكل التصريحات الداعية للتهجير، لافتة إلى أن نية الكيان المحتل الآن أصبحت واضحة، والتي تتمثل بتوسعة رقعة الكيان، وصفقة القرن، بالإضافة إلى التهجير متعدد الجبهات.

وتابعت "الوضوح من قبل الكيان المحتل قوبل بثبات وعزيمة الشعب الفلسطيني، وصمودهم على أرضهم، وتمسكهم بحقوقهم، وهو أمر غير قابل للمساومة".

وأضافت، أن هناك تعرية حقيقية لنتنياهو وفريقه الحكومي واليمين المتطرف، فالجميع يتحدث عن سعيهم إلى تحقيق مصالحهم الخاصة وقيادة الكيان العبري نحو العزلة والتدمير، مؤكدة أن هناك مخاطر وجودية حقيقية على تهديد الكيان مع وجود هذه القيادة السياسية.

وفي ظل سعي ترامب ونتنياهو للتطبيع مع السعودية، يتم الحديث عن استبدال فلسطين بأراضي داخل المملكة العربية السعودية، بمعنى أن هناك أيضًا محاولة لتأزيم الموقف، نظرًا لأن الدول العربية أجمع وخاصة دول الطوق العربي بما فيها مصر، الأردن، السعودية، سوريا، ولبنان، جميعها ترفض تطبيع العلاقات مع الكيان المحتل، إلا بقيام دولة فلسطينية.

وأكدت جبر أن هناك تشديدًا عربيًا على ضرورة قيام دولة فلسطينية حتى يتم إعادة العلاقات مع الكيان، وأضافت أن هناك تكرارًا للاستقالات على مستوى القيادة العسكرية في الاحتلال، وأن المرحلة المقبلة ستتضمن إقالة رئيسي الشاباك والموساد، وبحسب إدعاء كابينيت الحرب، ستأتي هذه الإقالات خشية على مصير المفاوضات وعلى مجريات الأمور داخل هذا الكابينيت، مشيرة إلى أن هناك خلافات وفروقات يمكن التعويل عليها داخل الكابينيت، ومن ثم داخل الكنيست، بالإضافة إلى تصاعد الموقف في تل أبيب من قبل الرافضين للعودة إلى الحرب على قطاع غزة.

وأضافت أن هناك تخوفات من عدم إتمام الصفقة وبقاء الأسرى لدى المقاومة، لذلك يطالب رافضو الحرب بمزيد من الضغط لتثبيت وقف إطلاق النار ليصبح دائمًا، ووقف العدوان بشكل تام والانسحاب الكلي من قطاع غزة، للحفاظ على أمنهم وسلامتهم كما أنهم يدعون إلى انتخابات مبكرة لتفكيك ائتلاف نتنياهو.