امريكا بين الجشع الاقتصادي وقهر الشعوب
امريكا بين الجشع الاقتصادي وقهر الشعوب
لطالما تصرفت الولايات المتحدة كقوة عظمى لا تقبل المنافسة متبعة نهجا قائما على الغطرسة والتدخل في شؤون الدول الأخرى سواء عبر التدخلات العسكرية والعقوبات الاقتصادية أو الضغوط السياسية.
حيث لا يقتصر هذا السلوك على منطقة واحدة بل يمتد ليشمل العالم بأسره من الشرق الأوسط إلى أمريكا اللاتينية ومن أوروبا إلى آسيا حيث تستخدم واشنطن نفوذها لفرض أجنداتها بغض النظر عن سيادة الدول أو مصالح الشعوب.
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تبنت الولايات المتحدة سياسات خارجية تقوم على التدخل المباشر أو غير المباشر في شؤون الدول الأخرى. فقد شنت حروب وأسقطت حكومات وفرضت عقوبات ودعمت أنظمة موالية لها لضمان سيطرتها على موارد وأسواق العالم والمثال الأكثر وضوحا هو دعمها المطلق لإسرائيل على حساب الفلسطينيين حيث لعبت دورًا رئيسيا في تمكين الاحتلال الإسرائيلي عبر الدعم العسكري والسياسي غير المشروط، مما أدى إلى استمرار معاناة الفلسطينيين خاصة في قطاع غزة الذي يعاني من حصار خانق تدعمه واشنطن.
لكن هذه السياسات لا تقتصر على الشرق الأوسط.ففي كولومبيا دعمت الولايات المتحدة الحكومات التي تخدم مصالحها الاقتصادية مما أدى إلى تهميش الفقراء وتعزيز سيطرة النخب المرتبطة بواشنطن.
أما في أوروبا فتمارس الولايات المتحدة ضغوطًا سياسية واقتصادية للحفاظ على نفوذها داخل الاتحاد الأوروبي خاصة من خلال الناتو حيث تحاول فرض أجندتها الأمنية والاقتصادية على الحلفاء.
وفي الصين تخوض واشنطن حربًا تجارية هدفها إبطاء النمو الصيني ومنع بكين من تجاوز الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي. أما إيران فتواجه عقوبات مشددة تهدف إلى خنق اقتصادها مما يؤثر على الشعب الإيراني بشكل مباشر ويجعل الاقتصاد الإيراني في حالة من عدم الاستقرار الدائم.
الاقتصاد فوق المبادئ :
السياسة الخارجية الأمريكية ليست مجرد أداة لتحقيق الهيمنة السياسية بل هي وسيلة لخدمة الشركات الأمريكية العملاقة.
حيث ان الاقتصاد الأمريكي يقوم على الاستهلاك العالمي حيث تسعى الشركات الأمريكية للهيمنة على الأسواق وفرض سياساتها التجارية على الدول الأخرى.
تستخدم الولايات المتحدة الدولار كسلاح اقتصادي فتفرض العقوبات المالية على الدول التي ترفض الانصياع لمطالبها مما يؤدي إلى انهيار اقتصاداتها وإضعافها أمام النفوذ الأمريكي.
على سبيل المثال تعتمد واشنطن على العقوبات الاقتصادية لإجبار الدول على تبني سياسات موالية لها كما حدث مع فنزويلا وإيران حيث فرضت عقوبات قاسية أدت إلى انهيار قطاعات حيوية مثل النفط والصناعة. هذا النهج يجعل من الاقتصاد الأمريكي أداة استغلال للشعوب وليس مجرد قوة تجارية
وفي ظل هذه السياسات الجائرة تتزايد الدعوات لمقاطعة المنتجات والشركات الأمريكية كوسيلة للاحتجاج على الغطرسة الأمريكية.
ان المقاطعة ليست مجرد موقف رمزي بل هي أداة اقتصادية فعالة يمكن أن تؤثر على الشركات الأمريكية العملاقة وتجبر واشنطن على إعادة النظر في سياساتها.
فمن غزة إلى كولومبيا ومن الصين إلى أوروبا يدرك المزيد من الناس أن مقاومة النفوذ الأمريكي تبدأ من الامتناع عن دعم اقتصاده. هذه المقاومة الشعبية سوق تشكل ضغطًا على واشنطن وتدفعها إلى مراجعة سياساتها التي تقوم على استغلال الشعوب ونهب مواردها.
ان الولايات المتحدة ليست مجرد قوة كبرى بل هي نظام سياسي واقتصادي يسعى لفرض هيمنته عالميًا دون اعتبار لحقوق الشعوب أو سيادة الدول من خلال الحروب والعقوبات والدعم غير المشروط لحلفائها تستمر واشنطن في نهجها المتغطرس الذي يخدم مصالحها فقط. ومع ذلك فإن وعي الشعوب بضرورة مقاومة هذا النفوذ سواء عبر المقاطعة الاقتصادية أو تبني سياسات أكثر استقلالية قد يكون خطوة نحو عالم أكثر عدالة خالٍ من الاستغلال الأمريكي.
محمد الكردي