نعمة الأمن والطمأنينة
نعمة الأمن والطمأنينة
بلال العبويني
رغم ما مر على البلاد من عمليات إرهابية خلال السنتين الماضيتين، بدءا من عملية إربد وانتهاء بعملية السلط أمس الأول، إلا أن الأردن يبقى وطنا آمنا ينعم أبناؤه بالسكينة والاطمئنان يسهرون حتى آخر الليل ويعودون إلى بيوتهم آمنين، ويرسلون في الصباح أبناءهم إلى المدارس دون أدنى خوف من أي تهديد قد يعترضهم.
العالم كله مستهدف من الإرهاب، وما جرى في بلادنا خلال السنتين الماضيتين حدث ويحدث في بلدان أكثر تطورا وتقدما منا، عندما نشير إلى تفجيرات ضربت في وقت سابق لندن وباريس وبروكسل، وعندما نشير إلى حجم الخسائر التي تكبدتها دول تلك العواصم في الأرواح والممتلكات.
غير أنه ما يسجل لدينا، أولا احترافية الأجهزة الأمنية في سرعة الوصول إلى جحور الإرهابيين وأقبيتهم قبل أن ينفذوا مخططاتهم الإرهابية في إيقاع أكبر قدر ممكن من الضحايا عبر الوصول إلى مراكز التجمعات المكتظة بالمواطنين.
وثانيا: في حماية الأجهزة الأمنية لمراكز التجمعات السكانية وغيرها ما يجعل مخططات الإرهابيين تفشل أمام صخرة الأمن، الذي لا يتوانى أفراده عن تقديم أرواحهم رخيصة في سبيل حماية الوطن وأبنائه، وفي سبيل أن يظل وطنا آمنا مطمئنا كما عهده الأردنيون ليكونوا بذلك أول الشهداء وأعظمهم قدرا ومكانة.
لكن، لنتخيل ولو للحظة، ماذا سيكون عليه الحال لو أن الإرهابيين تمكنوا من تنفيذ مخططاتهم في الوصول إلى أهدافهم الحقيقية؟، كيف سيكون الحال عندئذ؟.
هذا التخيل، الذي نسأل الله ألا يصبح حقيقة، يدفعنا للقول إن ما نحن فيه اليوم من أمن وطمأنينة وما نحن عليه من ثقة عالية بالأجهزة الأمنية في الحفاظ على ذلك المكتسب يجب أن يترافق معه عمل من قبل المختصين والأكاديميين وغيرهم في تطوير استراتيجيات مكافحة التطرف والإرهاب، ومعالجة بواطن الخلل فيما لدينا من استراتيجيات لتجفيف منابعه.
الأجهزة الأمنية تقوم بواجبها على أكمل وجه، لكن هل المدارس والمساجد والجامعات والأكاديميون والمختصون يقومون بواجبهم على أكمل وجه في معالجة ظاهرة التطرف والإرهاب؟.
في الواقع هذه أسئلة تحتاج إلى الوقوف عندها مليا لتقييم ما لدينا من برامج، ومدى قدرتنا على إنتاج خطاب تنويري وسطي مضاد ومدى قدرتنا على إنتاج برامج إعادة تأهيل متقدمة لمن تشرب من الفكر التكفيري، وفي مدى قدرتنا على أن تكون السجون مراكز إصلاح وتأهيل حقيقية لمثل هؤلاء، لا مراكز لتفريخ المزيد منهم.
الأردنيون اليوم يعلمون أن وطنهم مستهدف من قبل الإرهابيين، لكنهم لا يشعرون بالفزع، وهم على ثقة تامة بجاهزية الأجهزة الأمنية في توفير الأمن والحماية للمواطنين والمنشات، لكن حتى يسود الأمن والأمان ونغادر منطقة تهديدات الإرهابيين، لا بد أن تعمل بقية مؤسسات الدولة الرسمية والأهلية والمجتمعية في نسق متوازن لعمل الأجهزة الأمنية لتجفيف منابع التطرف والتكفير والإرهاب.
لأن قيمة الأمن والأمان قيمة عظيمة، وربما لا تضاهيها أي قيمة أخرى، لذا فإن الجميع مطالبون بالحفاظ عليها وحمايتها؛ كل في موقعه وحسب اختصاصه.//