مستقبل سوريا في ضوء خطاب وزير الخارجية بدافوس

 محمود أبو زيد

خلال مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس 2025، تحدث وزير الخارجية السوري، أسعد حسن الشيباني، عن خطة طموحة تهدف إلى بناء مستقبل مشرق لسوريا بعد سنوات طويلة من الصراع.
ركز الخطاب على التحديات التي تواجه سوريا، وفي الوقت ذاته عرض رؤية شاملة لإعادة بناء البلاد من خلال خطوات مدروسة تهدف إلى تحقيق استقرار سياسي واقتصادي شامل.

أهم النقاط التي تناولها خطاب الوزير الشيباني

1. الاقتصاد والاستثمار:
أكد الوزير الشيباني أن الحكومة السورية تسعى لجذب الاستثمارات الأجنبية كخطوة أساسية لتحريك عجلة الاقتصاد، وأشار إلى خطط لخصخصة بعض القطاعات الحيوية، مثل الموانئ والمصانع الكبرى، لفتح المجال أمام الشراكات مع دول الخليج ودول العالم. وبيّن الوزير الشيباني أن هذه الاستثمارات ستساهم في خلق فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة للمواطن السوري ، كما ستسهم في إعمار البنية التحتية المدمرة.

2. رفع العقوبات الدولية:
شدد الشيباني على أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا تُعدّ العقبة الأكبر أمام التعافي الاقتصادي، مؤكدًا أن رفع هذه العقوبات سيسمح بتحقيق تقدم ملموس في تحسين الأوضاع المعيشية وتخفيف معاناة الشعب السوري. ودعا المجتمع الدولي إلى دعم هذه الجهود من أجل تحقيق استقرار طويل الأمد.

3. دستور جديد:
أعلن الوزير عن بدء العمل على صياغة دستور جديد من خلال لجنة تمثل كافة أطياف المجتمع السوري. وبيّن أن هذا الدستور سيكون بمثابة حجر الأساس لبناء دولة تضمن حقوق جميع مواطنيها دون استثناء، وتفتح المجال لتحقيق مصالحة وطنية حقيقية.

4. عودة اللاجئين:
تحدث الشيباني عن خطة حكومية لتأمين عودة آمنة وكريمة للاجئين السوريين. تشمل هذه الخطة توفير السكن والخدمات الأساسية وفرص العمل للعائدين، مؤكدًا أن عودة اللاجئين تُعدّ جزءًا أساسيًا من إعادة بناء سوريا وإعادة اللحمة الوطنية.

وانطلاقا من كلمات الوزير الشيباني، فان التحرك في سورية يسير باتجاهات متعددة وعلى رتم منسق من خلال المسارعة في حل العديد من المشاكل الرئيسية وعلى رأسها:
الوضع في المناطق الريفية والمدن المدمرة

1. المناطق الريفية:
تواجه المناطق الريفية في سوريا، سواء في الجنوب أو الشمال أو الوسط، تحديات كبيرة نتيجة سنوات الحرب. تعاني هذه المناطق من:
•تدهور البنية التحتية، مثل الطرق، شبكات الكهرباء والمياه.
•نقص الخدمات الأساسية، بما في ذلك المدارس والمراكز الصحية.
•تراجع الإنتاج الزراعي، بسبب نقص الدعم الحكومي، ارتفاع أسعار المواد الزراعية، ونقص المياه.

خطط الحكومة لدعم الريف:
رغم التحديات، يشير خطاب وزير الخارجية السوري في دافوس إلى نية الحكومة التركيز على المناطق الريفية من خلال:
•إطلاق مشاريع زراعية لدعم الفلاحين، وتأمين الأسمدة والبذور بأسعار مدعومة.
•تحسين البنية التحتية في الريف عبر إصلاح شبكات الكهرباء والمياه.
•دعم الشباب في الريف من خلال توفير فرص عمل مرتبطة بالزراعة والصناعات الصغيرة.

2. المدن المدمرة:
تعرضت العديد من المدن السورية لتدمير كبير نتيجة الصراع، مثل حلب، حمص، الرقة، ودير الزور. وتشمل أبرز التحديات:
•أحياء كاملة مدمرة تحتاج إلى إعادة إعمار شامل.
•تهجير آلاف الأسر التي فقدت منازلها ومصادر رزقها.
•ارتفاع البطالة بسبب تدمير المصانع والمنشآت الاقتصادية.

خطة إعادة الإعمار:
الحكومة السورية، كما جاء في خطاب الشيباني، تسعى لإعادة تأهيل المدن المدمرة من خلال:
•إطلاق مشاريع كبرى لإعادة بناء الأحياء السكنية والبنية التحتية.
•تشجيع المستثمرين الدوليين على المشاركة في إعادة إعمار المدن.
•ضمان توفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء، المياه، والمواصلات في المدن المدمرة لتشجيع الأهالي على العودة إليها.

مستقبل سوريا: رؤية شاملة

1. إعادة الإعمار كأولوية وطنية:
تُعتبر إعادة إعمار المدن المدمرة والمناطق الريفية أساس النهوض بالبلاد. هذا يشمل بناء المدارس والمستشفيات، إعادة تأهيل الطرق والمواصلات، وضمان وصول الخدمات الأساسية لجميع المواطنين.

2. تحسين المعيشة والاقتصاد:
توفير فرص عمل وتحسين الأوضاع الاقتصادية سيخفف من معاناة السوريين. التركيز على قطاعات الزراعة، الصناعة، والتجارة الداخلية والخارجية سيكون مفتاحًا لتحقيق ذلك.

3. تعزيز الوحدة الوطنية:
صياغة دستور جديد يُشرك جميع أطياف المجتمع السوري سيساهم في بناء دولة موحدة. هذا سيساعد في تجاوز الانقسامات السياسية والاجتماعية التي خلفتها سنوات الحرب.

4. عودة اللاجئين وتحقيق الاستقرار:
عودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم ستعيد اللحمة الوطنية، لكن ذلك يعتمد على توفير الأمن والخدمات الأساسية وضمان حياة كريمة للعائدين.

5. دور المجتمع الدولي:
المجتمع الدولي مطالب برفع العقوبات وتقديم الدعم الإنساني والاقتصادي لسوريا، لأن نجاح هذه الجهود سيحقق استقرارًا إقليميًا ودوليًا.

النتيجة:

رؤية سوريا المستقبلية، كما عرضها وزير الخارجية في دافوس، تحمل الكثير من الأمل والطموح. لكن تحقيق هذه الرؤية يعتمد على تضافر جهود السوريين حكومةً وشعبًا، إضافة إلى الدعم الدولي، ورفع العقوبات المفروضة عليها.
بناء سوريا الجديدة يتطلب العمل المشترك، التخطيط الطويل الأمد، وضمان تحقيق العدالة والتنمية لكل مواطن سوري.