قراءة في المشهد الأردني السوري في ظل التحديات
رستم يستعرض لـ"الأنباط" أبرز الملفات المشتركة بين البلدين
الأردن يمكن أن يلعب دورًا مهمًا بتنشيط الاقتصاد السوري
من المبكر الحديث عن حلول في ملف المياه المشتركة
الأنباط- محمد شاهين
في حلقةٍ جديدة من برنامج "قراءة المشهد" عبر شاشةِ "الأنباط"، استضافَ البرنامج المحامي والمحلل السياسي مصطفى رستم للحديث عن الأوضاع السياسية في سوريا والمرحلة الانتقالية التي تمر بها، بالإضافة إلى العلاقة التاريخية والتعاون القائم بين الأردن وسوريا في الوقتِ الراهن.
وجاءَ الحديث في إطار تقييم واقع الإدارة السورية الجديدة، والتحركات الدبلوماسية التي تؤثر في المنطقة، في ظلِّ التحديات العديدة التي تواجهها.
تحديات وفرص
بدأ المحامي رستم حديثه بتقييم أداء الإدارة السورية الجديدة بقيادةِ أحمد الشرع، الذي تولى السلطة في سوريا بعد سنوات من النزاع الداخلي. وقال: "منذ وصول الشرع إلى السلطة، لاحظنا محاولات جادة لإيصالِ صورة إيجابية إلى الشعب السوري، لكنه يواجه تحدياتٍ جمة، أبرزها قلة الخبرة في إدارة دولة شديدة التعقيد، حيث انتقل من التعامل مع أطراف محدودة إلى التعامل مع دولةٍ بكاملها".
وأضافَ أن الإدارة الجديدة تصطدِم بعقلية الفصائل المنتشرة في مختلف المناطق، ما يُعيق تطبيق الخطط الأمنية والتنموية بشكلٍ فعال، وأشار إلى أن العوامل الاقتصادية، مثل ضعف الرواتب وركود الحركة الاقتصادية، تعكس مدى تعقيد الوضع الداخلي في سوريا، مشيرًا إلى أنه رغم هذه التحديات، فإن الشارع السوري يطمح إلى الأمن والاستقرار بعيدًا عن الطائفية والانقسام.
ورغم الانتقادات التي ترافق هذه المرحلة الانتقالية، أكَّد رستم أنه في ظل الانهيار الشامل الذي شهدته سوريا بعد أكثر من 50 عامًا من النظام السابق، فإن الأضرار التي لحقت بالبلاد كانت أقل بكثير من المتوقع، مقارنة بحجم الانهيار الذي حدث.
الواقع والتوقعات
من جهة أخرى، تناول رستم العلاقات الثنائية بين الأردن وسوريا، خاصة في ظلِّ المرحلة الانتقالية في سوريا. وقال: "الأردن، الذي يحد سوريا جغرافيًا ويُعاني من تداعياتِ الأزمة السورية، أخذَ زمام المبادرة في تقديم الدعم لسوريا في الوقت الذي تحتاج فيه إلى إعادة بناء هيكلها الداخلي."
وأشارَ إلى اجتماع العقبة، والذي أكد أهمية الدورِ الأردني في استقرار المنطقة. ولفتَ رستم إلى أن الأردن كان من أول الدول التي تنسق مع سوريا بعد عودتها إلى جامعة الدول العربية، خاصة فيما يتعلق بمكافحة تهريب المخدرات، وأضاف أن التعاون بين الأردن وسوريا، سواء على الصعيد الأمني أو الاقتصادي، يمثل عاملاً مهمًا في استقرار المنطقة.
ملف المياه
وبالانتقال إلى ملفِ المياه، وخاصة حوض اليرموك الذي يشترك فيه كل من الأردن وسوريا، أشارَ رستم إلى أن الحكومة السورية الجديدة لم تصل بعد لوضع يمكنها من التفاوض حول قضايا معقدة مثل المياه، وقال: "من المبكر الحديث عن حلول في هذا الملف، خاصة أن الحكومة السورية الجديدة لا تزال في مرحلة إعادة ترتيب الأولويات، ولن تتمكن من التطرق لمثل هذه الملفات إلا بعد استقرار الوضع الداخلي وتشكيل حكومة موسعة قادرة على معالجةِ القضايا الحيوية."
عودة اللاجئين
أما عن ملف اللاجئين السوريين في الأردن، الذي شكل عبئًا اقتصاديًا كبيرًا على المملكة، فقد أشار إلى أن المباحثات بين الإدارة السورية الجديدة والأردن تركزت على ضرورةِ إعادة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، وأوضحَ أن الحكومة السورية لم تتمكن بعد من تشكيلِ لجان مختصة لإعادة اللاجئين، لكنه أشار إلى أن هذا الملف سيكون على رأسِ الأولويات في المستقبل القريب، خاصة في ظلِّ تزايد الضغط على الدول المضيفة مثل الأردن ولبنان وتركيا.
فرص واعدة
وفيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي، أكد رستم أن "الأردن يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في تنشيط الاقتصاد السوري بعد سنواتٍ من الحرب، عبر تسهيل حركة التجارة والعبور عبر الحدود، خاصة مع إعادة فتح معبر نصيب"، وأضاف أن سوريا بحاجة إلى استعادةِ دورها كممر تجاري بين الخليج وتركيا، وهو ما سيعود بالفائدة على البلدين على المدى الطويل.
واختتم رستم حديثه قائلاً: "لا نزال في وقت حساس تشهد فيه سوريا مرحلة انتقالية صعبة، حيث يسعى الشعب السوري إلى استعادةِ الاستقرار الداخلي بينما تواجه الحكومة الجديدة تحديات سياسية واقتصادية جمّة، أما العلاقات الأردنية السورية فهي في مرحلة تطور مستمر، حيث يسعى الأردن إلى تأكيد دوره كلاعب رئيسي في استقرار المنطقة، مع تعزيزِ التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين".