حرب صامتة على حكومة حسان بعد نجاحها في تبريد العلاقة

توقع بمعاقبة المخطئين بدل رحيلهم بتعديل

استفزازات للحالة المجتمعية في مفاصل أساسية لكنها ليست على قوائم الضرورات

الأردنيون الأعلى في استهلاك السجائر والدجاج رصيدهم من البروتين

الأنباط – قصي أدهم

نتائج كل استطلاعات الرأي، أشارت إلى أن الثقة في رئيس الحكومة، بالعادة تكون أعلى من الثقة بفريقه الوزاري، سواء في عينة قادة الرأي أو العينة الوطنية، وهذا ينطبق على الحكومة الحالية وسائر الحكومات السابقة، لكن حكومة الدكتور جعفر حسان، دخلت إلى المشهد السياسي، برصيد إضافي من الثقة، عززها الرئيس نفسه، بخطوات سبق وأن تم الإشارة إليها، بأنها خطوات تبريد مع الجو العام، ونجح الرجل في ذلك، واستقبلت قطاعات شعبية واسعة قراراته بفأل حسن.

لم تنعم الحكومة بهذا الفأل طويلاً، فقد كشفت خطابات الموازنة العامة، وإقرار قانونها، عن ثغرات في العلاقة، أقرب إلى الألغام الممكنة الانفجار، فثمة مخزون من الغضب يعتمل في الصدور، النيابية والشعبية، عبر عنه النواب، رغم استمرار نسقهم الممجوج في مناقشة الموازنة، فمناقلة الوزراء بين مقعد الوزارة والإدارة، ما زالت جرحًا نازفًا، وتعيينات العلاقات الزبائنية حاضرة، ومسلسل الاستهتار بالمال العام لم يتحرك نحو الرشاد.

سأعود إلى ما بدأت به عن نتائج الاستطلاعات بالعادة، وأعني ثقة المُستطلعين العالية بالرئيس على حساب فريقه الوزاري، لأنها كانت جلية هذه المرة، فقد تداول كثيرون بالنقد، خطوات وزراء الحكومة سواء بتنفعة المحاسيب أو بالصمت والسكون، إلى الحد الذي بدا الحديث فيه عن تعديل وزاري، ربما سيكون الأسرع بعد حكومة الدكتور عدنان بدران، وهذا ليس تجاوبًا مع السلوك الأردني المعتاد، بالحديث عن التعديل لحظة تشكيل الحكومة، والحديث عن رحيلها بعد أول تعديل، بل هو استشعار لأخطاء وزارية، لن يقبل بها رئيس الحكومة حسب منطوقه ورسائله للأردنيين.

الثقة بالرئيس جيدة، لذلك بدأ الحديث عن التعديل، طبعًا هذا لا يقلل من حجم تأثير صالونات النميمة، وتأثير المشاغبين على الحكومة لغيابهم عن مقاعدها، أو عدم الاستفادة من منافعها، فشركة إدارة الاستثمارات الحكومية كشفت عن أعضائها الجدد، وهذا فتح بابًا واسعًا من اللغط والنميمة، بعضها مستحق وبعضها شخصاني، لكن الطرفين يتساندان إلى حقائق رائجة عن التدوير وإعادة الاستنساخ، وأشار النائب حسين العموش إلى ذلك في كلمته تحت القبة.

المعروف عن الرئيس جعفر حسان، أنه مجتهد في عمله، وليس محسوبًا على صالون أو شلة سياسية، لذلك يرى مقربون من فكره، أنه سيحمي تجربته الحكومية، سواء بتعديل سريع أو بنمط قد يستحدثه حسان، وهو نمط الإقالة استنادًا إلى أوامر الملك، لرؤساء حكوماته الأخيرة، بعدم انتظار التعديل لإخراج متلكئ أو معطل أو عاجز، ويرى محدثنا وهو من المقربين إلى فكره، أنه قد يقدم على تأسيس هذه الخطوة، بعد أن استكمل وفريقه مراجعة الأداء، خلال الأشهر الثلاث الأولى.

مصدر آخر، يرى أن صالونات النميمة بدأت مبكرًا في الاشتغال بحكومة حسان، ليس لأنها سارعت في تبريد الشارع فقط، بل لأنها كشفت أن القرار الإداري أحوج في الأردن، وقرارات حسان وحكومته أحرجت سابقيه، ممن تحالفوا مبكرًا مع دوائر النفوذ البيروقراطية ودوائر النفوذ الاقتصادية، في معاكسة خطوات حسان، بسرعة رفع سلع أساسية للأردنيين، ليست بالضرورة ضمن حسابات سلة الإحصاءات العامة، فالأردنيون أكثر شعب مدخن في العالم، ويشكل الدجاج مخزونه الأساس من البروتينات، وكلها وقعت تحت طائلة الرفع.

حرب دائرة تحت رماد، هذا ما يشهده الناقد لمجريات الأمور، فثمة مراكز نفوذ بدأت فعلاً بالاشتغال في الحكومة وبضربات مركزة، على جوانب حياتية قد لا تكون موجودة في قاموس الحاجيات الضرورية للمواطن، لكنها بالقطع حاجات فوق ضرورية بالنسبة له، وإذا ما حقق حسان توقع مصدرنا الأول، بمعاقبة المخطئين، فسيكون العائد أقوى كثيرًا، من محاباتهم بالخروج في تعديل ربما قريب أو بعيد.