ليكن الجهد الأردني الإنساني أساسًا لتحالف عربي يدعم فلسطين.
قلم: حاتم النعيمات.
في خطوةٍ مهمة قد يعتبرها البعض عادية، أعلنت الحكومة الأردنية تزويد قطاع غزة بمخبز متنقل ينتج ما يُقارب 3500 رغيف في الساعة الواحدة، ضمن واجب الأردن تجاه الأشقاء. ولهذا الإجراء أهمية كبيرة إذا ما أضيف إلى المستشفياتِ الميدانية والدعم الإنساني. هذا الدعم، الذي يتم تنفيذه بأوامر ملكية، يمثل عنوانًا رئيسيًا لدعمِ صمود الأشقاء في غزة والضفة الغربية.
قد يرى البعض أنَّ ما يُقدمه الأردن للأشقاء يأتي لذر الرماد في العيون عمّا يسمونه زورًا التخاذُل الأردني. والصحيح أن دعمَ الصمود الديموغرافي الفلسطيني يُشكل عقدة للاحتلال، حيث بات الجميع يعلم أنَّ أحد أهداف الحرب الإسرائيلية على غزة (وربما لاحقًا الضفة الغربية) هو التهجير عن طريق خلق بيئة غير قابلة للحياة.
دعم الصمود الفلسطيني على الأرض هو الأساس الصلب الذي تتحطم عليه أهداف التهجير الإسرائيلية. وهذه الأهداف لم تعد مجرد كلام، بل تحولت إلى مجموعة من الإجراءات التي تقوم بها إسرائيل، وخصوصًا في غزة. لذلك، يُعتبر هذا الدعم شكلاً من أشكال التصدي للمخططاتِ الإسرائيلية.
الأردن ومحور الاعتدال العربي يُشكلان حتى الآن العلاج الأفضل لحالة التهور التي مارسها ويمارسها ما تبقى مما يُسمى محور المقاومة، وطبعًا حالة التهور هذا قابلها حالة توحش إسرائيلية (بدهم أمريكي). ولو انجرفت الإدارة الأردنية إلى معتنقي فكر هذا المحور في الداخل، ولو رضخت مصر للضغوطِ والإغراءات بنقل الغزيين إلى سيناء، ولو لم تَضع السعودية إقامة دولة فلسطينية مُقابل التطبيع، ولو لم تستدرك السلطة الفلسطينية الوضع الأمني في الضفة، لوصلنا ربما إلى استباحة كاملة للديموغرافيا الفلسطينية.
ربما يكون إعلام محور الاعتدال غير قادر على إيصال فاعلية ما يقوم به إلى الشعوبِ العربية، نظرًا للصخب العاطفي الذي تقوده بعض وسائل الإعلام العربية. ولكن النتائج على الأرض تثبت أنَّ إدارة الصراع مع الاحتلال بهذه الأدوات المذكورة أعلاه هي الحل الأمثل لإبقاءِ الأمل الفلسطيني على قيد الحياة.
إسرائيل تعيش نشوة الانتصارات للأسف، والإدارة الأمريكية الجديدة لن تكون مضمونة في التعامل مع الملف الفلسطيني. لذلك، المطلوب هو دعم الجهد الأردني في فلسطين بخلقِ تكتل سياسي يفرض على الإدارة الأمريكية القادمة مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني. أقصد أن يضعَ هذا التكتل مجموعة كبيرة من مصالح الولايات المتحدة (بالجملة) على طاولةِ المفاوضات، وألّا تترك كل دولة بشكل منفرد لمناقشة مصالح أمريكا معها. طيف الدعم العربي للصمود الفلسطيني يجب أن يتوسع، ويجب أن يشمل الدعم الإنساني إلى أن يصل إلى الضغط على الإدارة الأمريكية الجديدة لإجبار اسرائيل على القبول بتسوية عادلة.