التغيرات المناخية ومدى تأثيرها على أمطار بلاد الشام

الموسى:"الاستمطار" تحتاج لتوائم ظروف معينة لاتمامها

اللقيس: نسبة نجاح الاستمطار 10% وهي عملية مكلفة

الأنباط – الاف تيسير

أكدَّ خبير الأرصاد الجويَّة الدكتور جمال الموسى على أن الاستمطار (Cloud Seeding) يجب أن تتوفر فيه عدة شروط حتى يصل إلى مرحلةِ النجاح مشيرا الى أنه يتم القيام ب الاستمطار لإحداثِ تعديل على الطقس المُعتاد، وذلكَ من أجل إجراء تعديل عليه ومن أجل إحداث التغيير في كمية ونوع الهطول، وفي تعريفٍ آخر يقول الموسى أنه محاولة من خلال تحفيز السُحب من أجل عمل تغيير على كمية الأمطار الساقطة.
ومن هذا المنطلق فإنَّ المفهوم الشائع لـ تعريف الاستمطار هو العمل على زيادة سقوط الأمطار من بعض السحب مقارنة بما يمكن أن ينزل منها بشكلٍ طبيعي، ولكي تتمَّ هذه العملية تستخدم وسائل صناعية أو يتم الإستعانة بمواد كيماوية لتسريع وزيادة كمية الأمطار من أجل تحسين الموارد المائية.

وعلى المستوى العلمي، قال الموسى ل"الانباط" أنَّ من أهداف الاستمطار زيادة كمية الأمطار المفروض أن تنزل من السحب بهدفِ تحسين الموارد المائيَّة للأغراض المختلفة، مثل زيادة الهطول وخاصة في البلدان ذات الطبيعة القاحلة التي تعاني من شُح الأمطار وقلة المياه وحدوث الجفاف، وزيادة الغطاء النباتي و تعبئة السدود وزيادة مخزون المياه الجوفية.

كما ويمكن الاستفادة منه في عملية تنظيم وتعديل الطقس لتحسين ظروف العمل وذلك من خلال تخفيف حدة وشدة الهطول خاصة، مثل العواصف الرعدية المصحوبة بالبرد، والتي تؤثر على حركة الطيران في الإقلاع والهبوط و المحاصيل الزراعية ، والتي قد تُشكل الضباب الكثيف في المطارات الذي يلزم التخفيف منه لاستمرار حركة الطيران بشكل آمن هبوطًا وإقلاعًا .
وتابع الموسى أنَّ هناك شروط عدة لـ نجاح عملية الاستمطار وجب توافرها ولـ تحقيق الغايات المرجوة وتشمل، وجود سحب ذات ارتفاع وسُمك مُعينيْن وأن تغطي مساحة معينة. بالإضافة إلى وجود تيارات هوائية صاعدة محملة ببخار الماء، وثانيًا بذر المواد الكيماوية في أوقات محددة ومناسبة وبكميات مناسبة تكفي لنزول الأمطار حيث يجب أن يمتاز وسط الغيوم بدرجة حرارة مناسبة لـ تنفيذ العمليةوأن تحتوي على كميات مناسبة من بخار الماء والحبيبات الجليدية.
واضاف، كما يجب أن يكون اتجاه الرياح على الإرتفاعات المختلفة وخاصة تلك التي تتحكم بإتجاه حركة الغيوم وذلك لحدوث الهطول في المنطقة والمساحة المستهدفة ( Target Area).
بدوره أوضحَ الراصد الجوي فؤاد اللقيس أن منطقة بلاد الشام خصوصًا الجزء الجنوبي منها الأردن وفلسطين تشهد تراجعًا ملحوظًا في معدلات هطول الأمطار ومع ضعف تطور وصول المنخفضات الجوية الرئيسية، وذلك رغم اقتراب موعد الانقلاب الشتوي وبداية مربعانية الشتاء .
وهذه الظاهرة أثارت تساؤلات عديدة حول الأسباب والتداعيات وما قد يحمله المستقبل القريب.
وبين اللقيس أن هذا التراجع يعود إلى عوامل مناخية عالمية، أبرزها ظاهرة "اللانينا" التي تحدث نتيجة انخفاض درجات حرارة سطح المحيط الهادي الاستوائي الشرقي وهي ظاهرة مناخية تحدث نتيجة تبريد في سطحِ المحيط الاستوائي الهادي وتُؤدي إلى تغييرات كبيرة في حركةِ الغلاف الجوي، ما يؤثر على توزيع الأمطار والحرارة عالميًا .
واشار إلى أن البيانات المُناخية والإحصائية تشير الى أن "اللانينا" غالبًا ماتسبب نقصًا في كميات الأمطار في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط مصحوبًا بانخفاض درجات الحرارة وزيادة امتداد المرتفع الجوي السيبيري الذي يعمل كـ حاجز يمنع وصول الكتل الهوائيَّة الباردة .
واضاف أن تمركزات المُرتفعات الجويَّة في أوروبا تلعب دورًا مهمًا، فعادةً ما يساعد المرتفع الجوي المتمركز فوق غرب وجنوب غرب أوروبا على دفع الكتل الهوائية الباردة، نحو منطقة شرق المتوسط ومع ذلك فإن تموضع المرتفع هذا العام أخذ منحى غربيًا أكثر من المعتاد، ما أدى إلى توجيه الكتل الهوائية نحو مناطق وسط البحر المتوسط، وترك بلاد الشام على الأطراف.
على الرغم من أن القارة الأوروربية وشمال القارة الإفريقية تُساعد من وصول الكتل الهوائية الباردة إلى بلاد الشام وذلك بوجود مرتفع جوي يغطيها بشكل مناسب، حيث يسمح بالتفاف هذه الكتل الباردة حول مناطق وسط البحر المتوسط ماتحظى هذه المناطق بالكتل الباردة .
واوضح اللقيس أنه أمام هذا التراجع المطري تطرح العديد من التساؤلات مثلا، لماذا لا تلجأ دول شرق المتوسط إلى تقنياتِ الاستمطار الصناعي؟ وهو عملية استثارة وحفز السحب والغيوم لإسقاط محتواها من المياه الكامنة أو الثلج المتجمد فوق مناطق جغرافية محددة عبر الطائرات التي تحقنها بمواد كيميائية كمادة يوديد الفضة، جزيئات الملح وثاني أكسيد الكربون المجمد وغيرها من المواد التي تحفز بناء السحب وعملية التكاثف و الهطول، ويتطلب نجاح عملية الاستمطار وتحقيق الأهداف المرجوة منها توافر ظروف ملائمة مثل تكون السحب الركامية وانتشارها على مساحات معينة ووجود تيارات الهواء الصاعد والمحمل بالرطوبة و بخار الماء .
وقال أن إتمام عملية الحقن في الوقت المناسب، بشكل عام يُفضل تنفيذ عمليات الاستمطار عندما تكون الرياح مناسبة لنقل السحب المليئة بالرطوبة إلى المناطق المستهدفة (وجود حالة جوية بالأصل).
منوهًا إلى أن عملية الاستمطار تُعاني من بعض الإشكاليات أهمها ارتفاع التكلفة المادية الناتجة عن تطبيق هذه التقنية، بالإضافة إلى عدم تطور تقنيات الاستمطار بالقدر الكافي، وانخفاض نسب نجاحها إلى 10% أو ما دون ذلك في بعض الأحيان مما يؤثر على الجدوى الاقتصادية من هذه العملية، لذا يجب وضع خطط دراسية في تحديد المخاطر و علاجها قبل اتخاذِ أيّ قرار يتعلق بتنفيذ عملية الاستمطار وعلى المستوى العلمي وجب الإستعانة بالدراسات التي تتحدث عن الواقع الاقتصادي و أُخرى تتعلق بالوضع الجوي لتحديد إذا كان من المناسب القيام بعملية الاستمطار أم لا .
وفي حديث اللقيس لـ"الأنباط" حول ما يخص الحالة الجوية وقلة الأمطار التي رصدت منذ بداية العام الشتوي الحالي اوضح أن العديد من مخرجات النماذج تشير إلى عدم وصول فعاليات جوية رئيسية أو هامة إلى الأردن في المنظور المتوسط إلى 10 أيام من الآن.
وتابع أنها تقتصر على حالات فرعية تتمثل في امتداد لمنخفضات جوية أو حالات من عدم الاستقرار الجوي، بالإضافة إلى هطول بعضِ الأمطار في بعض المناطق، متمنيًا أن تصل الحالات الجويَّة الشتوية إلى المملكة في القريب العاجل وان تُحسن من الواقع المطري الحالي.