سورية بين القسمة والتقسيم ؛

بعد مضي 14 عاما على الحرب الاقليمية في الاراضي السورية، وانسحاب النظام العلوي المعنون بالنفوذ الإيراني من سورية، ودخول قيادة سنية بنفوذ تركي لبيت السلطة هناك، فلقد كشفت حالة التبدل التى تمت عن حالة القسمة الجيوسياسية التي تبسط زمامها بالجغرافيا السورية، والتى باتت تهدد من تحويل القسمة الى تقسيم فى حال لم يتم استدراك ذلك بفعل ذاتي يقوم على إعادة بناء الجيش السورى والمؤسسات الأمنية عبر قوام جديد وبيان مرجعية دستورية جديدة، تقوم على الأساس الفيدرالي البسيط وهى العوامل التى من شأنها المساهمة في توحيد حالة الانقسام السلطوي في إطار بيت الحكم السورى، للحيلولة دون وصولها الى مخططات التقسيم التي ما فتئت تنخر فى الحوامل الذاتية فى ظل الحال الموجودة على أرض الواقع والتي أخذت ما ترسم أربع مناطق ذات جغرافية نفوذ متداخلة.
 
حيث تسيطر "اسرائيل" على مناطق واسعة فى الجنوب الغربي، هى (القنيطرة والجولان وجبل الشيخ وقمة القلمون ومنطقة الأربعين خيط والبجورية والبطمية والبغالة والثلجيات والبصالي وقمة النبك)، بينما تسيطر "تركيا" على مناطق الشمال الغربي، هى (ادلب والقامشلي وحلب وجرابلس واعزاز وعفرين وتل أبيض ورأس العين و الباب)، بينما تسيطر "الولايات المتحدة" على مناطق الداخل الشرقي، وهي (دير الزور والبوكمال وحقل التيم ومدينة موحسن وحقل الطابية وحقل الجفرة)، بينما تسيطر هيئة  تحرير الشام بقيادة تنظيم النصرة بدعم من تركيا على المدن الرئيسيه، وهى (دمشق وحمص والقصير ودرعا والرقة ومنطقة الفرات الاوسط وبادية الشام وجبلة والزبداني وبلودان).
 
واستنادا لهذه الخرائط وتقسيمات نفوذها، فإن واقع حالها يكشف عن واقع جديد وكما استنتاج ضروريات المشهد العام اهمية الحفاظ على وحدة الاراضى السورية، ودعم وحدة بيت قرارها والتي اصبحت وحدتها تدخل ضمن المعادلات القائمة على الأمن الإقليمي والسلام الدولي، سيما وأن مناطق النفوذ بينت أن النظام العربي لا وجود له بخرائط التمثيل، ولا فى واقع البيان ولا في رؤية التصور الاقليمية والدولية، وهذا ما يستوجب استدراكه عبر خطوات فاعلة تقوم لاحتواء المشهد السورى ولا تلفظه بعدما غيرت سورية عقدتها الرابطة من روسية فارسية الى امريكية تركية، وإن كانت جيوب المناطق الإسرائيلية مازال تدعم عملية التقسيم وذلك بهدف ضم مناطق استراتيجية تقف عليها فى قمه الجولان ومحيطها، وهذا ما جعل من مصالح الدول المتداخلة متضاربة إلى حد كبير بين من يريد تحويل حالة الاقتسام على تقسيم وآخر يريد تحويلها إلى حالة من الوحدة الفيدرالية.
 
وان كانت تركيا نجحت فى بيان اتفاق مع مناطق النفوذ الكردية وتحويل مناطق نفوذها إلى مناطق شبيه فى كردستان العراقية، كما استطاعت القيادة المركزية في دمشق من التوافق مع الولايات المتحدة لتحويل اهالى المنطقة من اقتسام عوائد الثروات النفطية ضمن حسبه مناطقية مع الدوله المركزيه، لكن الوزير أنتوني بلينكن والمستشار جيك سوليفان مازالا يعملان على مد النفوذ الإسرائيلي وشرعنة الوجود الاسرائيلي على قمة جبل الشيخ ومناطق تلالها وجيوبها الممتدة في الجنوب السوري، وهو ما يهدد فصل سورية عن الأردن على معظم الخط الحدودي وهو مازال يشكل في جملة البيان معضلة وتحدى حيث ينتظر أن يخلق حالات من التوتر الحدودي الأردنية الإسرائيلية بأدوات داعش الإرهابية كما سيشكل معضلة قد تحول قسمه السلطة إلى جغرافيا تقسيم، وهو ما يرفضه الأردن كما الكل العربي والاتحاد الأوروبي لكن مازالت تصريحات الإدارة القادمة من البيت الأبيض تشوبها الكثير من الضبابية لانها مازالت لا تضع جملة حاسمة تبين أهمية القسمة الفدرالية بالابتعاد عن شبح التقسيم ومخاوفه الذي قد تنتقل عدواها لتشمل أرجاء المنطقة، وهو ما أراد الاردن بيانه عبر جملة واصله حددتها عناوين مؤتمر العقبة.