ملفات الأردن مع سوريا الجديدة

حاتم النعيمات

بعد سقوط نظام البعث في سوريا، نجد أن الأردن سيكون أكثر دولة تتأثر بالتغيرات والعناصر الجديدة في المعادلة. أثق بشكل مطلق أن الدولة الأردنية تضع اليوم على طاولة النقاش ملفات مثل الفوضى المتوقعة، وعودة اللاجئين، والمياه، وإعادة الإعمار، وملفات أخرى.

التعامل مع الفوضى المتوقعة له ثلاثة أبعاد رئيسية: البعد السياسي وهذا يتطلب فتح قنوات اتصال مع بعض اللاعبين الأساسيين في سوريا، بحيث تصل رسالة واضحة للإدارة الحالية بأن الأردن دولة محورية إذا أرادوا التعاون. البعد الثاني وهو البعد العسكري وهنا يجب إيصال رسالة قوية مفادها أن الأردن لن يسمح بتهديد مصالحه وأمنه الوطني، تمامًا كما تصرفت مصر مع الفوضى في ليبيا. البعد الثالث والأخطر وهو البعد الأمني وهذا يتطلب متابعة بعض التيارات السياسية في الأردن التي تحاول لفت نظر حكام سوريا الجدد من خلال استعراض القوة التحشيدية في الشارع الأردني. وهذا خطير، ويجب فصله كليًا عن مسار التعاطف مع غزة، فحركة الشارع ما بعد سقوط الأسد شيء، وما بعد سقوطه شيء آخر.

في ملف اللاجئين يجب أن يكون ملف اللاجئين أحد المكاسب السريعة التي يسعى الأردن لتحقيقها. فقد شكل هذا الملف عبئًا كبيرًا على الموارد والبنية التحتية الأردنية. ومن مصلحتنا الآن دعم الاستقرار في سوريا. مع ذلك، تشير المؤشرات الحالية إلى غياب الاستقرار، حيث تتزايد التوترات بين الأكراد وغرفة عمليات الجولاني، التي رفضت لقاء قيادات كردية بناءً على تعليمات تركية. بناءً على ذلك، يجب أن يكون خيار المناطق الآمنة مطروحًا بقوة ضمن الاستراتيجية الأردنية.

ملف المياه، تتعلق قضية المياه باتفاقية عام 1987 بين الأردن وسوريا بشأن مياه نهر اليرموك وسد الوحدة المشترك. قام النظام السوري في ذلك الوقت ببناء السدود والحفائر، مما حرم الأردن، وفقًا للخبراء، من حوالي 375 مليون متر مكعب من المياه سنويًا. اليوم، أصبحت هذه الشبكة من الروافد والسدود تحت سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي ينفذ منطقة عازلة على حدود الجولان، مما يزيد الوضع تعقيدًا. هنا، يتطلب الموقف التحرك الاستباقي من الأردن بدلًا من انتظار النتائج.

ملف إعادة الإعمار، من الواضح أن تركيا ستسيطر على ملف إعادة الإعمار، بحكم دعمها وتدريبها لغرفة عمليات الجولاني. المنافس الوحيد للأتراك في هذا الملف هو الشركات الأردنية. لذلك، يجب على الحكومة الأردنية التحرك دبلوماسيًا باتجاه تركيا لضمان حصول الأردن على أكبر حصة ممكنة من هذا الملف.

الخلاصة، تواجه الدولة الأردنية ملفات صعبة وكبيرة ومتشابكة. المطلوب اليوم هو تبني نهج المبادرة وربما التلويح باستخدام القوة في بعض المواقف. سياسة انتظار الأزمات والاعتماد على قدرتنا على تحليل الاحتمالات لم تعد تجدي نفعًا. المرحلة المقبلة تتطلب مزيجًا من التخطيط الاستراتيجي والاستعداد لتجاوز الأساليب التقليدية التي اعتادت عليها السياسة الأردنية.