حسين الجغبير يكتب : الملك في السلط... هوية الأردن الحقيقية


حسين الجغبير
يزور جلالة الملك اليوم محافظة السلط، في زيارة تأتي ضمنَ جولات يقوم بها جلالته ويلتقي خلالها أبناء شعبه، ويقف على أحوالهم، يتحدث إليهم في مختلف القضايا المحلية والإقليمية والدولية، السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، ويستمع أيضًا لكل ما يجول في خاطرهم، في لحمة قلَّ نظيرها بين قائد وشعبه.
لا أريد أن أربط بالمقارنة بين العلاقة بين القيادة الأردنية والمواطنين، بما يدور من حولنا من رفض الشعوب لبعض القادة منذ أكثر من 13 عامًا، لأن هذه المقارنة لا تجوز بأي شكل من الأشكال لاختلاف الطباع والصفات وطبيعة العلاقة، ولأن القيادة الأردنية لم ولن تكون كغيرها في انخراطها بأبناء الشعب، وكذلك لا يجوز لي المقارنة بين قهر بعض الشعوب والظلم الذي يتعرضون له، والحرية، والطمأنينة، والسلام، والأمن الذي ننعم به في الأردن، فهذا لا يحتاج لشرح للأردنيين الذين يدركون ما بهم من نعم عند الاطلاع على تجارب الآخرين.
ولا أريد أن أشير أيضًا إلى أن زيارة جلالة الملك للسلط اليوم تأتي فيما شهدت سوريا الشقيقة هروب النظام الحاكم على إثر حراك المعارضة هناك، فهذه الزيارة مخطط لها مسبقًا، وتأتي في سياق زيارات مماثلة لجلالته للمحافظات والتي كان آخرها في محافظة الكرك، الذي التقى خلالها جلالته أبناء المحافظة وانخرط معهم في حوار من الشفافية والمصارحة، والوقوف على الاحتياجات الكاملة.
ولأجل ذلك يؤمن الأردنيون أنهم لا يرون في بعض الأحيان جلالته ملكًا بقدر ما يرون فيه الأب، والأخ، والرفيق، والصديق، والمؤمن بشعبه، ونهضة وطنه، رغم ما يواجه من تحديات اقتصادية، وسياسية، وأمنية بفعل الأحداث المحيطة بنا، وبفعل صراعات عالمية أيضًا.
على مر السنوات التي عصفت بالأردن، هذه التحديات لم تكسر لنا شوكة، ولم يلين الناس، أو يتأففوا، ولم يهدأ جلالة الملك، وولي العهد، والحكومات، في معركتهم مع ما كان من شأنه أن يؤثر على الأردن، ويعيده إلى الوراء أعوام وأعوام، خصوصًا وأننا دولة بمقومات محدودة، حيث تجاوزنا جميعًا كل ذلك، بإرادة، ورغبة في أن يبقى الأردن آمنًا، مستقرًا، يدًا واحدة، قائدًا ومواطنًا، رغم تنوع الأفكار، والتوجهات، والانتماءات السياسية والحزبية لدى شريحة كبيرة من الناس، ممن يضعوا كل ذلك جانبًا، في سبيل صمود الأردن وتطوره وازدهاره.
الملك في السلط اليوم ليبوح ما في قلبه لأبناء شعبه، وليمنحهم كل الاهتمام بالاستماع لحديثهم، وملاحظاتهم، ومطالبهم، في لقاء لا يمكن أن يحدث بهذا السياق، والآلية، والمودة، إلا في وطن يتعجب معظم الدول من استقراره وأمانه، رغم كل شيء.