الالتزام بالتنفيذ والتحديث: رؤية الحكومة الجديدة في مواجهة التحديات.

بقلم : محمد نمر العوايشة

الالتزام بالتنفيذ والتحديث: رؤية الحكومة الجديدة في مواجهة التحديات.

في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية والإدارية التي تواجه المملكة الأردنية الهاشمية، جاء خطاب رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان أمام مجلس النواب ليؤكد على الالتزام بتنفيذ برنامج عمل مفصل، يرتكز على البيان الوزاري الذي عرضته الحكومة طلبًا للثقة. وبرزت في الخطاب عدة محاور أساسية تشكل رؤية الحكومة لمرحلة جديدة تعتمد على التخطيط المؤسسي، والتنفيذ الواقعي، والشراكة مع القطاع الخاص.

التخطيط والتنفيذ: وضوح في الرؤية والأهداف

أكد رئيس الوزراء أن الحكومة ستقدم في يناير المقبل برنامجًا تنفيذيًا مفصلًا، يتضمن جدولًا زمنيًا شهريًا، مخصصات مالية واضحة، ومسؤوليات مؤسسية محددة. هذه الخطوة تعكس توجه الحكومة نحو تقديم نموذج عملي لإدارة الملفات الوطنية، بعيدًا عن الوعود غير الواقعية. كما تم التأكيد على تعزيز نظام متابعة الأداء لضمان المساءلة وتصحيح أي خلل قد يظهر أثناء التنفيذ.

الشراكة مع القطاع الخاص: محرك التنمية الاقتصادية

فيما يتعلق بالمشاريع الكبرى مثل مشروع سكة حديد العقبة والناقل الوطني للمياه، أشار الدكتور حسان إلى اعتماد الحكومة على الشراكة مع القطاع الخاص والاستثمارات المحلية والخارجية. فمشروع سكة الحديد، الذي تبلغ قيمته 1.6 مليار دينار، ومشروع الناقل الوطني للمياه بقيمة 4 مليارات دينار، يعكسان توجهاً استراتيجياً لتمويل المشاريع عبر استثمارات مباشرة، مع تقليل الاعتماد على الموازنة العامة والمنح.

رؤية التحديث الشامل: الاقتصاد، السياسة، والإدارة

أكد رئيس الوزراء أن رؤية التحديث الاقتصادي والسياسي والإداري هي الأساس الذي تستند إليه الحكومة في عملها، وهي انعكاس لتوجيهات القيادة الهاشمية. وأشار إلى أن الجهود ستتركز على تعزيز التنمية في المحافظات، تمكين المرأة، توسيع الطبقة الوسطى، وحماية الفقراء.

المتابعة والالتزام: الحكومة في مواجهة التحديات

تميز خطاب الدكتور حسان بالواقعية والشفافية، حيث أكد أن الحكومة لن تعد بشيء لا تستطيع تنفيذه. وتطرّق إلى قضايا عدة أثارها النواب، منها تمويل المشاريع، سيادة القانون، وحقوق المتقاعدين العسكريين. كما شدد على التزام الحكومة بمتابعة القضايا التي تخص المحافظات ودوائر النواب الانتخابية، مع عقد جلسات لمجلس الوزراء في المحافظات لضمان شمولية التنمية.

التمويل والاستدامة: تقليل الدين العام وتحفيز الاقتصاد

ضمن برنامج الإصلاح المالي، تهدف الحكومة إلى خفض نسبة الدين العام من 90% إلى 80% من الناتج المحلي الإجمالي. كما تم التأكيد على أن تمويل المشاريع يعتمد بشكل أساسي على الاستثمار والشراكة مع القطاع الخاص، ما يشير إلى توجه الحكومة نحو تعزيز الاستدامة المالية.

السيادة واحترام القيم المجتمعية

فيما يخص التشريعات المتعلقة بالأسرة والأحوال الشخصية، أكد رئيس الوزراء أن هذه القوانين تستند إلى الشريعة الإسلامية وقيم المجتمع الأردني، وأنها لم تتأثر بأي اتفاقيات دولية، ما يعكس حرص الحكومة على حماية الهوية الوطنية والقيم المجتمعية.

ختامًا: الالتزام برؤية القيادة الهاشمية

اختتم رئيس الوزراء خطابه بتأكيد الالتزام بتحقيق طموحات جلالة الملك عبدالله الثاني وولي عهده الأمين. وأوضح أن جوهر عمل الحكومة يتمثل في تنمية المحافظات، تعزيز الطبقة الوسطى، وحماية الفقراء.

يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الحكومة من ترجمة هذا الالتزام إلى واقع ملموس؟ الإجابة ستكون مرهونة بالقدرة على التنفيذ الفعلي للبرامج المعلنة، ومدى تفاعل مجلس النواب والمجتمع مع هذه الرؤية الطموحة.