معيقات مشاركة المرأة بالحياة السياسية وكيفية تجاوزها

أبو علبة: الخوف من الانضمام للأحزاب يضعف انخراط النساء بالحياة السياسية

بريزات: تمكين المرأة يتطلب تغييرات تشريعية وثقافية وإعلامية

حداد: نظرة المجتمع والصورة النمطية السائدة وراء انخفاض مشاركة المرأة بالحياة السياسية

 
الانباط– شذى حتاملة

 
باعتبارها إحدى مقاييس تقدم الشعوب وتحضّرها، تبقى مشاركة المرأة في الحياة السياسية محور العمل سعيًا لزيادتها بمواجهة معيقات قديمة متجددة.
دعوات وتشريعات ومحفزات شهدتها المملكة لتمكين المرأة في مختلف القطاعات، لكن تبقى الحواجز الثقافية والاجتماعية والاقتصادية تتمرس أمام زيادة هذه المشاركة في عملية صنع القرار السياسي، بحسب خبراء.
الإحصاءات الرسمية الصادرة تبين أن نسبة مشاركة الأردنية في السلك الوزاري تبلغ 18.8% مقابل 81.5% للذكور، حيث بلغت نسبة فجوة النوع الاجتماعي 63% لعام 2022، بحسب دائرة الإحصاءات العامة.
يشار إلى أن الفجوة كانت أوسع في سنوات سابقة، حيث تشير الأرقام إلى أن 2021 شهد نسبة مشاركة بلغت 9.1%، مع الإشارة إلى أن أعلى نسبة وصلت فيها مشاركة الأردنية في السلك الوزاري كانت 24.4 % منذ 2008، في حين سجلت النسبة الأدنى في 2011 عند 7.4%.
وتبلغ نسبة تمثيل المرأة في مجلس النواب 19.6%، في حين كانت في المجلس التاسع عشر 11.5%.
وكان قانون الانتخاب الأردني خصص 18 مقعدًا للمرأة على نظام الكوتا، فضلاً عن إلزام الأحزاب تخصيص مقعدين على الأقل للمرأة من ضمن المقاعد الستة الأولى في قوائمها.
وحول ذلك قالت الأمين الأول لحزب الشعب الديمقراطي الأردني "حشد"، عبلة أبو علبة، إن هناك عوامل تعيق مشاركة النساء في الحياة السياسية، ومنها، العوامل الذاتية وتشمل الثقافة الاجتماعية السلبية تجاه الأحزاب، والخوف من الانضمام للأحزاب وهو ما يؤثر بشكل كبير على انخراط النساء في العملية السياسية.
وتضيف أن العوامل الذاتية مرتبطة بالثقافة المجتمعية التي تتسم بالتمييز، ما يحد من فرص النساء في المشاركة بالعمل العام.
وأشارت إلى أن قانون الانتخابات منح النساء تمييزًا إيجابيًا من خلال رفع نسبتهن في الكوتا وفقًا لعدد الدوائر الانتخابية، كما حدد ترتيبهن في القوائم العامة، حيث يجب أن تكون المرأة ضمن أول ثلاثة مرشحين، ما ساعد في رفع عدد المقاعد المخصصة للنساء في البرلمان إلى 27، مشددة على ضرورة زيادة نسبة المشاركة في الاقتصاد حيث لا تزال هذه النسبة منخفضة ولا تتجاوز 14%.
ودعت أبو علبة إلى توسيع المشاريع الإنتاجية وإدراج المزيد من المشاريع الرأسمالية التشغيلية في برامج الحكومة المعروضة على البرلمان، في ظل وجود نسبة بطالة تصل إلى 21%، مؤكدة ضرورة توفير كافة السبل لإزالة العقبات أمام عمل المرأة.
من جانبها، أوضحت الزميلة الصحفية فلحة بريزات أن نسبة مشاركة المرأة في الحياة العامة تتفاوت بشكل عام من مجتمع إلى آخر، حيث تحكمها في الغالب منظومة من القوانين والقيم والعادات، ومع ذلك فقد شهدت العقود الأخيرة زيادة ملحوظة في دعوات تمكين المرأة وفتح المجال أمام مشاركتها في الحياة العامة كفاعل أساسي ومؤثر على مستوى التشريعات والسياسات العامة والخطط الوطنية.
ورغم هذه الدعوات، فإن جهود انخراط المرأة في الحياة السياسية وتنفيذ مخرجاتها على أرض الواقع ماتزال تواجه العديد من العقبات، بحسب بريزات، التي أشارت أن بعضها يتعلق بالمرأة ذاتها.
وأشارت إلى أنه هناك عقبة تتعلق بالبيئة العامة وتحديدًا بقبول المجتمع نفسه باضطلاع المرأة بدور قيادي لكن هذا الجانب بدأ يتلاشى في قطاعات كثيرة حيث تقدمت السيدات إلى الصفوف الأولى في مراكز صنع القرار، لافتة إلى أن هناك 27 وصلن الى مجلس النواب، ويعزى ذلك بشكل كبير إلى التشريعات الناظمة للحياة السياسية.
ولفتت إلى ضرورة أن تسعى المرأة لتكون حاضرة في الحياة العامة وأن تقدم خطابًا مختلفًا مؤثرًا وغير مكرر، لكي تصل لحالة الديمومة والتأثير، وألّا تركز على الظهور الاجتماعي فقط، بل يجب أن يكون لها حضور وتأثير في مجمل القضايا الوطنية، مؤكدة أن قدرة المرأة على التأثير والتغيير تعتبر خطوة أولى لإحداث التغيير المطلوب.
وبينت أن بعض وسائل الإعلام ما تزال لا تتعامل مع قضايا المرأة بالحجم المطلوب، ولا ينظر إلى دورها بجدية في التنمية الشاملة، وهذا بدوره يتطلب تبنّي سياسات إعلامية مناصرة لمشاركة المرأة وداعمة لها في الحياة العامة كشريك أساسي وفعال في عملية صنع القرار، موضحة من ناحية أُخرى هناك مسؤولية تقع على المرأة لا تقل عن مسؤولية الإعلام.
وأردفت بريزات أنه  بالضرورة أن تمكين المرأة اقتصاديًا ينعكس على تمكينها اجتماعيًا وسياسيًا، حيث ترابط هذا المثلث ينعكس على حضور المرأة في الحياة العامة؛ فالراحة الاقتصادية لأسرتها يتيح المجال لها للانطلاق الى الفضاء العام بكل قوة، مشيرة إلى أهمية العمل على التشريعات التي تمكنها اقتصاديًا، ك العمل، و الضمان الاجتماعي، إضافة إلى تغيير النظرة المجتمعية تجاهها والتخلص من القيود التي تفرض عليها في بعض الأحيان بتعزز الوعي لدى بيئة المرأة الحاضنة بأهمية دورها وبحقوقها الاقتصادية وتأثيره على حياتها ومسيرتها ومسيرة وطنها.
واتفقت الناشطة والمتخصصة في بناء قدرات المرأة والشباب، لينا حداد، مع سابقتها بما يتعلق بضرورة زيادة مشاركة المرأة السياسية، لافتة إلى أن أسباب انخفاض هذه النسبة تعود إلى نظرة المجتمع والصورة النمطية السائدة التي تعتبر أن دور المرأة لا يكون في المقام الأول في القطاع السياسي، بل في مجالات التعليم والصحة، ما يجعل السياسة تعتبر أقل أولوية بالنسبة لها مقارنة بالرجال.
وتابعت أن نمط العمل داخل المؤسسات السياسية والحزبية لا يتيح للنساء الفرصة الكافية للمشاركة، مشيرة إلى أن تاريخ تطور المرأة كان مقتصرًا على مجالات التعليم والصحة، في حين كان دورها في السياسة ضئيلاً، لكن في القرن العشرين، ومع تولي جلالة الملك سلطاته الدستورية، أصبح هناك اهتمام أكبر بالمرأة ومساحة أوسع لها في الحياة السياسية، من خلال التحديث السياسي في مجلس النواب وزيادة عدد النساء وتمكين الكوتا، إضافة إلى تحسين شروط وجود المرأة في هياكل الأحزاب.
وأكدت ضرورة أن يكون للمرأة دور فاعل في النقابات ومجالس الأمناء في الجامعات والمناصب الإدارية في القطاع الحكومي، لافتة إلى أن هناك غياب للإعلام في تسليط الضوء على دور المرأة في المجالات السياسية والمجتمعية، وفي المناهج التعليمية، حيث هناك دور على المرأة في بناء قدراتها لتتمكن من الاندماج في العمل السياسي وأن تكون جزءًا في مواقع صنع القرار.
ولفتت إلى أن التحديث السياسي منح المرأة مساحة أكبر، وزاد حصتها إلى 27 مقعدًا في مجلس النواب، داعية إلى ضرورة أن يتناول الإعلام قضايا تمثيل المرأة في الأحزاب ومتابعة لعمل المرأة في المجال السياسي، وتسليط الضوء وإبراز قصص نجاح المرأة في العمل السياسي.