التطورات السورية وتأثيرها على الأمن الوطني الأردني

احمد الضرابعة

تُتابع القوى المناوئة للنظام السوري، بقيادة "هيئة تحرير الشام"، التقدم عسكرياً، بعد بدئها عملية "ردع العدوان"، التي مكّنتها من توسيع نطاق سيطرتها الجغرافية في مُدن إدلب وحلب وحماة، مما قد يؤدي لتصاعد الأحداث والتحاق المناطق الجنوبية السورية والقوى المسلحة المنتشرة فيها بالمعركة الجارية، وبالتالي، ما هي التحديات الأمنية التي قد يتعرض لها الأردن في حال حدوث ذلك ؟

تحوّلت مدن الجنوب السوري منذ انتشار الجماعات المسلحة المرتبطة بإيران في مختلف مراكزها والسيطرة عليها، إلى مصدر قلق أمني حقيقي للأردن، ودول الخليج العربي بدرجة أقل، حيث تحرص إيران على الاستفادة من ميزاتها الجيوسياسية، بما يضمن تطبيق أجندتها في المنطقة العربية من الشرق الأوسط، إذ يؤدي الحرس الثوري، إلى جانب حزب الله في مدن السويداء والقنيطرة ودرعا، عدة مهام، تحت عنوان تعزيز نفوذ إيران ومصالحها، والتي تشمل: دعم النظام السوري وإخضاع قوات المعارضة للحفاظ على تماسك "محور المقاومة"، وتصنيع المواد المخدّرة لتمويل أنشطة القوى الصغيرة الموالية لإيران، إضافة للعمل على تهريبها عبر الحدود الأردنية إلى الدول المجاورة، ورفع الكلفة الأمنية على إسرائيل، لقربها من الحدود المتاخمة للجولان المحتل.

قد تسعى إيران لزيادة الضغط الأمني على الأردن، عبر تكثيف محاولات تهريب المواد المخدّرة أو التسلل عبر الحدود الأردنية في الأيام القادمة، في سبيل خلط الأوراق في الإقليم والإضرار بمصالح الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها. سبق للجيش العربي الأردني أن أحبط كل محاولات التهريب والتسلل، فقد صار لديه ما يكفي من الخبرة لفهم تكتيكات المهرّبين والمتسللين والظروف الملائمة لهم لتنفيذ محاولاتهم. يبالغ بعض المحللون عندما يقولون، إن الأردن قد يجد نفسه مضطراً لإنشاء منطقة عازلة في عمق الجنوب السوري لمعالجة تحدياته الأمنية. إن عملية مثل هذه تتطلب قراراً من مجلس الأمن، وترتيبات دولية وإقليمية، واستعدادات اقتصادية، فضلاً عن توفر إرادة سياسية للقيام بذلك، وهو ما لم يحدث في ذروة الأزمة السورية. وفي ذات السياق، قد تضطر إسرائيل للتدخل في جنوب سورية لهندسة الوضع الأمني بما يحفظ مصالحها

وعلى صعيد آخر، سيلقي التصعيد العسكري الأخير بظلاله على ملف اللجوء السوري، في حال تطوّره، وقد تكون الأردن أمام أزمة لجوء جديدة في حال انضمت مدن الجنوب السوري للمعركة الجارية، ولا بد هنا من التذكير، أن الأردن يشكو اقتصادياً لهذا السبب، نتيجة عدم التزام الدول المانحة بتوفير الدعم الذي تعهدت به لخطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية، وهذا يتطلب موقفاً حازماً لرفض أي ضغوط دولية على الأردن لاستقبال المزيد من اللاجئين السوريين.

يتطلب الوضع في سورية مراقبة دقيقة لتطوراته المتلاحقة، فقد تنزلق مدن الجنوب السوري في المعركة لحظة ما، خصوصاً أن نداءات "هيئة تحرير الشام" لتحريكها لا تتوقف، وعليه يجب أن يُعد الأردن خطة للتعامل مع أربعة تحديات محتملة، وهي: نشاط الجماعات المسلحة في الجنوب السوري وظهور الخلايا النائمة والذئاب المنفردة، إلى جانب أزمة اللاجئين المزدوجة - وهي تعني استقرار اللاجئين السوريين في الأردن وقدوم المزيد منهم في حال تطورت الأوضاع -، وتراجع الدور الروسي وعدم نجاحه في تعديل موازين القوى حتى الآن وانتشار الفوضى، والدور الذي قد تلعبه إسرائيل لتأمين متطلباتها الأمنية