الزراعة الذكية... تقنيات حديثة لمواجهة تحديات الأمن الغذائي في ظل النمو السكاني والتغيرات الإقليمية


الزعبي: التوسع في تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات ضرورة لدعم قطاع الزراعة وتحقيق الاستدامة

الأنباط – رزان السيد

وفقًا لتقرير منظمة الأغذية والدواء "الفاو"، فإنه بحلول عام 2050 سيصل عدد سكان العالم إلى 9.3 مليار نسمة، مما يتطلب زيادة إنتاج الغذاء بنسبة 60% مقارنة بما يتم إنتاجه حاليًا، وفي ظل هذه التحديات الكبرى، قد يكون من الصعب تحقيق هذا الهدف باستخدام أساليب الزراعة التقليدية، خصوصًا مع تزايد الضغوط على الموارد الطبيعية المستنزفة بالفعل، وبالرغم من هذه التحديات، تلوح في الأفق حلول تكنولوجية قد تكون المفتاح للحفاظ على الأمن الغذائي العالمي، لا سيما في ظل الحروب الإقليمية التي تؤثر على المنطقة.

كما تتسارع وتيرة تبني التقنيات الحديثة في قطاع الزراعة، حيث يُتوقع أن يرتفع سوق الذكاء الاصطناعي في الزراعة من 1.7 مليار دولار في عام 2023 إلى 4.7 مليار دولار بحلول عام 2028، هذه الأرقام تسلط الضوء على الدور المتزايد للتقنيات المتقدمة في مواجهة التحديات العالمية التي يشهدها قطاع الزراعة.

وفي هذا السياق أكدَّ خبير الأمن الغذائي الدكتور فاضل الزعبي لـ "الأنباط"، أنه لا بد من تطوير قطاع الزراعة باستخدام التقنيات الحديثة لضمان تحقيق الأمن الغذائي، مشيرا أنه لا بد من التركيز على المحاور الرئيسية التي تخدم القطاع، قطاعات الذكاء الاصطناعي والتغذية، وإنترنت الأشياء، والحلول السحابية ، والطائرات بدون طيار، والروبوتات، والأتمتة، وأنظمة الري التكيفية ، والزراعة الداخلية باستخدام الإضاءة الاصطناعية، وإدارة البيانات، وإدارة سلاسل التوريد ، والزراعة الذكية مناخيًا، والهدر الغذائي.
بالإضافة إلى توسيع سلاسل القيمة عن طريق تفعيل مشاركة صغار المستثمرين والشركات الصغيرة، وتعزيز دور المرأة في القطاع، تعزيز السلامة الغذائية، وتحسين البنية التحتيّة، بجانبيها الأساسي والتقني، وإرساء لوائح تنظيمية متوازنة.

كما أشار الزعبي إلى الأدوات التكنولوجية التي اعتمدت عليها الزراعة في عام 2021 لحل الكثير من المشاكل التي تواجهها، وهي، اختبار الحمض النووي للتربة، وبفضل تقنية رسم خرائط الحمض النووي يمكن للمزارعين اختبار الميكروبيوم والمواد العضوية لتحليل المقاييس الصحية؛ ليتمكنوا من رعاية تربتهم بشكل أفضل، على سبيل المثال، تستخدم شركة agtech اختبار الحمض النووي للتربة لتحديد الحشرات والديدان الخيطية والبكتيريا والفيروسات ومسببات الأمراض الأخرى الموجودة في الحقل؛ للتنبؤ بأضرار المحاصيل ومنعها.
 
بالإضافة إلى حساسات ومجسات ذكية، مشيرًا إلى أنها مجموعة متنوعة من التطبيقات الجديدة والمبتكرة والمرتبطة بأجهزة الاستشعار في الزراعة؛ حيث يمكن للمزارع إدخال جهاز استشعار -لا يزيد حجمه عن حجم حبة الفول- ، إذ يقوم بمراقبة مستويات الرطوبة، كما يمكن أيضًا إرفاق المستشعرات بالمزارعين لتقييم كثافة التربة أو دمجها في مجموعات لرسم خرائط المحصول وتوثيق الحصاد ومعرفة الموعد المناسب للحصاد، وتتيح هذه التقنية للمزارعين تقديم المزيد من البيانات.
 
والجينات الوراثية، إذ أصبح تحليل الجينات الوراثية يُستخدم على نطاق واسع في عام 2020؛ وذلك من أجل اكتشاف وتحليل العديد من الأمراض الوراثية في الكثير من النباتات؛ حيث قام العلماء -على سبيل المثال- بتحرير أربعة جينات في الأرز الهجين وحصلوا على نباتات يمكن أن تتكاثر نسليًا من خلال البذور.

وأوضح الزعبي أن هذه التقنية تساعد في زيادة محصول الأرز الهجين وتغيير نمط المحاصيل وصناعة البذور في المستقبل، واستطاع الباحثون أيضًا من خلال تقنية الجينات الوراثية، اكتشاف أن الجين CsBRC1 الموجود في الخيار يثبط التفرع الجانبي للبراعم؛ بسبب زيادة تراكم الأكسين في البراعم، مؤكدًا أن هذا الاكتشاف يوفر استراتيجية لتربية الأصناف بدرجات متفاوتة من تشعبات الأفرع المزروعة في أنظمة إنتاج الخيار المختلفة.
 
وتابع، أن استخدام طائرات الدرون منذ 2020 أصبحت تعتمد من قبل المزارعين بشكل فعال، حيث تُستخدم في رش المبيدات الزراعية، وتصوير المساحات الشجرية والتعرف على الأمراض التي يمكن أن تصيب النباتات قبل انتشارها، ويمكن لتلك الطائرات مسح مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية لاكتشاف البقع الجافة والمناطق التي تعاني من نقص المغذيات، والتي لا يمكن أن تدركها العين البشرية.
 
كما أن الجرارات ذاتية القيادة والتي تعمل بدون سائق أقل خطورة بكثير من الجرارات التي تعمل بسائق، ففي الأراضي الزراعية ليس هناك مشاة أو مركبات أخرى لمواجهتها، وباستخدام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، يمكن استخدام الأسوار الجغرافية لإبقاء الجرارات في مسارها وإغلاقها تلقائيًا إذا انحرفت عن مسارها.
 
والجدير بالذكر أن استخدام الروبوتات الزراعية الحديثة توسعت في عام 2020، وتطورت كثيرًا من حيث الحجم؛ لتستطيع السير بين المحاصيل دون تدميرها، كما أن لها قوة تحكم كبيرة ومحركًا رباعي الدفع قادرًا على عد الثمار وتحديد نضج الثمار وحجمها، مع رسم خرائط لمواقع الثمار في ثلاثة أبعاد للسماح بالقطف في مرحلة لاحقة.

ومع تزايد الضغوط العالمية على الأمن الغذائي، يبدو أن تقنيات الذكاء الاصطناعي والابتكارات التكنولوجية الأخرى قد تكون الحل الأمثل لضمان قدرة قطاع الزراعة على تلبية احتياجات المستقبل، إن الاستثمار في هذه التقنيات ليس مجرد خيار بل ضرورة لحماية مواردنا الطبيعية وضمان استدامة الأمن الغذائي.