عودة ترامب وسيكولوجية التفاؤل

عودة ترامب وسيكولوجية التفاؤل 


     على الرغم من شخصية الرئيس الامريكي المنتخب ترامب ( الجدلية ) وملاحقته قضائياً في عدة قضايا في محاولة لإدانته ومنعه من الترشح الا انه استطاع مواصلة حملته الانتخابية وتحقيق فوز كاسح في انتخابات الرئاسة الأمريكية ، وتمكن من جذب شريحة كبيرة من الناخبين الأمريكيين لصالحه ، فما الذي أدى إلى هذه النتيجة ؟!، لا سيما وأنه رئيس مجرب لدى الأمريكيين خلال فترة حكم سابقة ليست بالبعيدة ، والتي رفض غالبية الامريكيين عودته للحكم عام 2020 واستطاع الديمقراطيون خلالها الفوز عليه ، إلا أن ( ترامب ) أصر على العودة ونجح بذلك ، فما الذي غير توجهات الناخبين تجاهه ؟ .

    وبالنظر إلى كثرة التحليلات السياسية حول هذا الموضوع ، فإن هذه الانتخابات وغيرها من السابقات تعيد التأكيد على أن الهم الأول والأساسي للناخب الأمريكي هو الوضع الاقتصادي وتحسين الظروف المعيشية وللمستويات التي تلبي حاجاته ، ولذا فأن ( ترامب ) استطاع أن يداعب مشاعر الامريكيين ويجذبهم لصفه محققاً هذا الفوز الكبير، ومما يدلل على بساطة الناخب الامريكي أنه وبالعودة للاسباب الرئيسة التي أفشلت ( ترامب ) في انتخابات 2020 والتي تركزت حول تراجع الاحوال الاقتصادية على أثر جائحة كورونا ،وسوء تعامل(ترامب) وإدارته آنذاك مع الجائحة ،وضعف آلية الاستجابة للأزمة خاصةً في بداياتها ،والتصريحات الإعلامية المتناقضة ،ومحاولة التقليل من أثرها على الاقتصاد ،ثم اضطراره في وقت لاحق ومتأخر إلى اعتماد سياسات الاغلاق والتي ألحقت أضراراً بالغة في الاقتصاد الامريكي ، لذا ومع بداية هذه الأزمة وآثارها السلبية كانت نهاية فترة ( ترامب ) الرئاسية ،والتي سببت موجة غضب شريحة واسعة من الامريكيين الذين تأذوا من نتائج تلك الجائحة واجراءات الدولة فحجبوا أصواتهم عن الجمهوريين ومنحوها للديمقراطيين ، ولكن المفارقة العجيبة والطريفة أن أثر الجائحة السلبي على الاقتصاد الأمريكي استمر طيلة السنوات التي تولى فيها الديمقراطيون بقيادة ( بادين ) رئاسة الدولة ، مما رفع من مستويات التضخم والضرائب والبطالة ، وكانت هي نفسها الاسباب التي ألحقت الهزيمة بالحزب الديمقراطي مجدداً بالتزامن مع حسن ادارة حملة (ترامب) الانتخابية ومعرفة واستثمار حاجات المواطنين الأمريكيين والاستفادة من الدروس السابقة ، فطبق سيكولوجية التفاؤل وزرعها في نفوس الناخبين مدركاً أنها الاستراتيجية الأكثر نفعاً وتأثيراً ، وهو ما كان فعلاً .

      وعلى مستوى السياسة الخارجية استطاع ( ترامب ) من خلال نفس الاستراتيجية أن يزرع التفاؤل في نفوس الأمريكيين من ذوي الاصول العربية والاسلامية والساعية للسلام ، وبأنه سيوقف الحروب والنزاعات ،حتى نجح في استمالة الكثير منهم ، لا بل إن التفاؤل امتد ليصل كافة الشعوب التي تعاني من القتل والدمار التي تمارسها آلة الحرب الاسرائيلية ، فهل سيلتزم ( ترامب ) بهذه الوعود أم أن سيكولوجية التفاؤل كانت مجرد استراتيجية انتخابية ، وأن تعيين ( ترامب ) للشخصيات المعروفة بولائها ودعمها لإسرائيل في أبرز المواقع المهمة في دائرة صنع القرار الأمريكي  لن يكون له تأثير على توجهاته ووعوده بوقف الحروب وتحقيق السلام العادل في المنطقة ، فهذا ما ستظهره الأيام والشهور المقبلة !! .

بقلم الدكتور اياد الخصاونه