بيوت العزاء في الأردن إرثٌ لا يقبل المساومة أمام دعوات تغريب المجتمع الأردني

خليل النظامي
انتشر مؤخراً عبر بعض وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي دعوات إلغاء بيوت العزاء بذريعة أنها تشكل عبئاً على أهل المتوفى وتثقل كاهلهم.
وبصفتي مواطن أردني وصحفي معني ايضا بالحفاظ على أصالة المجتمع الأردني، أجد نفسي ملزماً بالرد على هذه الدعوات.
أعزائي الكرام،،،،
بيوت العزاء ليست مجرد تجمعات بشرية لأقارب المتوفى واصدقاءه، بل بيوت تُتيح لأهل المتوفى فرصة للتعبير عن حزنهم وسط أحبابهم وأقاربهم وجيرانهم، وتعطيهم الدعم المعنوي والنفسي الذي يحتاجونه في أصعب لحظات حياتهم، علاوة على أن الحضور الشخصي للعزاء يحمل رسائل تعاطف ومساندة تتجاوز الكلمات التي تكتب عبر منصات التواصل الاجتماعي ورسائل الواتس اب.
لهذا فإن إلغاء هذه العادة سيؤدي إلى فقدان التواصل الإنساني في المجتمع الأردني ويجعل الألم مضاعفاً لدى أهل الفقيد.
علاوةً على ذلك، فإن التقاليد المتبعة في الأردن تجعل من المعزين، وليس أهل المتوفى، المسؤولين عن إعداد الولائم وتقديم الطعام للتخفيف عن أهل الفقيد ومساعدتهم في وقتهم العصيب.
وهذا بدوره يساهم في إظهار التضامن والتعاضد، حيث يجتمع الناس لخدمة بعضهم بعضاً، دون أن يُثقل هذا العبء على العائلة المكلومة، الأمر الذي يعزز أواصر المحبة ويُظهر أسمى معاني التكافل الاجتماعي.
اضافة إلى ذلك، تظهر صورة التكافل الذي يُعتبر جزءاً أساسياً من تراثنا الأردني في بيوت العزاء، إذ يلتقي الناس من كافة الأطياف لتقديم العزاء، وهذا بدوره يعزز أواصر المحبة والتضامن بينهم، والدعوات لإلغاء بيوت العزاء ستعمل على إضعاف هذا الترابط وتفكيك الصلات الاجتماعية التي يتمتع بها مجتمعنا الأصيل الطيب.
وقد يبرر البعض هذه الدعوات بكونها تُشكّل عبئاً مادياً أو تنظيمياً، لكن الحقيقة هي أن عاداتنا الأردنية ليست موجهة نحو التباهي أو الإنفاق الزائد، بل ترتكز على البساطة والتواضع، وإن وجدت بعض المظاهر التي تثقل على العائلات، فيمكن ضبطها وترشيدها دون أن يتم إلغاء هذه العادة.
نهاية طرحي هذا أقول : إن بيوت العزاء ليست مجرد عادة قديمة، بل هي مؤسسة إنسانية تعبر عن التضامن والتراحم، ويجب علينا كمجتمع واعٍ ومتمسك بقيمه أن نحافظ عليها، وأن نرفض أي محاولة للنيل من أصالتها ودورها في التماسك والتكافل الاجتماعي.
#خليل_النظامي