ترامب والشرق الأوسط ... تعزيز التحالفات مع "إسرائيل" وتصعيد الضغوط على إيران والتحديات التي يواجهها الأردن

الأنباط – خليل النظامي
أثارت عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية توقعات وتحليلات الكثير من الخبراء والمحللين السياسيين في دول الغرب وأمريكيا حول تغييرات كبيرة ستطرأ على السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط على وجة الخصوص، نظرا لـ مواقفه الصارمة تجاة بعض الملفات الحساسة والتي على رأسها دعمه اللامحدود لـ الكيان الصهيوني، فضلا عن نظرته العدائية لـ جمهورية إيران، واهتمامه المطلق بـ إقامة تحالفات استراتيجية جديدة عبر اتفاقيات التطبيع مثل "اتفاقيات أبراهام”.
محللو الغرب وفقا لما تم رصده، توقعوا أن يدفع ترامب بوضوح نحو تعزيز الدعم الأمريكي لـ الكيان الصهيوني في إعتداءه على المقاومة الفلسطينية خاصة المقاومة الفلسطينية حماس، إذ دعم سابقا توسيع المستوطنات اليهودية، فضلا عن إعترافه بـ القدس عاصمة لـ "إسرائيل" وهي خطوات كانت تقوض جهود حل الدولتين ، وهذا يشير الى أننا سنرى قريبا دعمًا أمريكيًا متزايدًا على غير العادة لـ العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، بهدف تعزيز قبضة الكيان الصهيوني الأمني على القطاع واضعاف من قدرات المقاومة الفلسطينية، وتخفيف الضغوط على الحكومة الإسرائيلية المتطرفة في مسألة التفاوض مع المقاومة الفلسطينية.
بـ المقابل، يرى البعض أن دعم ترامب لـ الكيان الصهيوني، قد يتجاوز حدوده التي كانت في فترته السابقة ليشمل تسهيل مواجهات مباشرة أو غير مباشرة مع "محور المقاومة” الذي يضم إيران وحزب الله، من خلال دعم عسكري علني في لبنان وسوريا بهدف تقويض نفوذ إيران وحلفائها في المنطقة ومعارضة أي تقدم دبلوماسي أمريكي إيراني، هذا إذا علمنا أن انسحابه من الاتفاق النووي مع إيران واتباع سياسة الضغط الاقتصادي كان قد أضر بالعلاقات الأميركية – الإيرانية سابقا.
الى ذلك، من المتوقع أن يعيد ترامب سياسة "الضغط القصوى” على إيران تلك التي اتبعها خلال ولايته الأولى، من خلال فرض عقوبات اقتصادية صارمة على الاقتصاد الإيراني قد تصل الى استهداف صادراتها النفطية، خصوصًا تجاة الصين، وبالتالي عزل ايران اقتصاديًا وتجفيف مصادر تمويلها لـ تحقيق الهدف "الترامبي" المتمثل بـ إعاقة نفوذها في المنطقة والحد من إمكانياتها في دعم حلفائها كـ حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن.
وإلى جانب العقوبات الاقتصادية ربما سيستخدم ترامب أدوات أخرى للضغط على إيران على سبيل المثال ؛ تصعيد التوترات العسكرية في الخليج من خلال تعزيز وجود القوات الأمريكية أو تحفيز الحلفاء الإقليميين على تبني مواقف أشد تجاه إيران، الأمر الذي من شانه زعزعة استقرار المنطقة برمتها، وبالتالي رفع منسوب احتمالية المواجهات العسكرية المباشرة أو عبر وكلاء في العراق وسوريا ولبنان.
ومن على الضفة الأخرى، تشير توقعات المحللين الغربيين الى أن ترامب سيواصل تعزيز "اتفاقيات أبراهام” التي أسهمت في تطبيع العلاقات بين "إسرائيل" وبعض الدول العربية مثل الإمارات والبحرين، ومن المرجح أن يسعى ترامب إلى توسيع هذه الاتفاقيات لتشمل دولًا أخرى مثل السعودية التي يعتبرها كـ جزء من استراتيجيته لتعزيز التحالفات ضد إيران، بينما يرى البعض الآخر أن استخدام ترامب للدبلوماسية الاقتصادية، من خلال عرض صفقات أو مساعدات، قد يشكل دافعًا قويًا لـ دول الخليج لـ التقارب والتطبيع مع إسرائيل بشكل أكبر تحت مظلة "المصالح الأمنية المشتركة” ضد التهديد الإيراني.
إلا أن هذا المسعى قد يواجه بعض التحديات نظرا لـ التقلبات "المزاجية لـ "ترامب" والتي تتمثل بـ تخوف معظم دول الخليج من نهج ترامب "الانسحابي”، خاصة عندما أمر بـ سحب القوات الأمريكية من سوريا.
وحول العلاقات الأمريكية الروسية، شهدت أبرز وسائل الاعلام الروسية والكثير من الشخصيات السياسية تفاؤل كبير بفوز ترامب، واعتبروا أن نجاح ترامب قد يشير إلى تحول محتمل في العلاقات الثنائية، أملين أن يدفع ترامب نحو إجراء حوار مباشر بين الولايات المتحدة وروسيا، خاصة بشأن الصراع المستمر في أوكرانيا، ورجحوا أن يستخدم ترامب نفوذه لتسهيل الوصول إلى حل وسط بين بوتين ورئيس أوكرانيا، "فولوديمير زيلينسكي"، إذا توقع أبرز المؤيدين للكرملين "سيرغي ماركوف" : أن ما يحدث من توترات سياسية بين البلدين أصبح أمر من الماضي، مستندا الى علاقة ترامب السابقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتي تميزت بالود والاحترام المتبادل على حد قوله.
محليا، من المرجح أن الأردن سيجد نفسه تحت ضغوط جديدة، خاصة إذا دفع ترامب بـ اتجاه توسيع التطبيع العربي- "الإسرائيلي"، الأمر الذي ربما سيولد نوعا من التحديات السياسية في إدارة العلاقات الأردنية الفلسطينية، خاصة أن الأردن يعد سياسيا الحليف التقليدي لـ الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، وإصرار ترامب على توسيع "اتفاقيات أبراهام” سيولد مزيدا من الضغوط الداخلية والخارجية على السلطات السياسية الأردنية وربما تكون هذه الضغوط مختلفة هذه المرة.
بالمجمل ؛ عودة ترامب إلى الرئاسة الأمريكية تشكل منعطفًا حادًا في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط وفقا لاراء وتحليل الخبراء الغربيين، خاصة أن سياسته تعتمد على تقديم الدعم المطلق لـ "إسرائيل" وتوسيع عملياتها العسكرية ضد حلفاء إيران في المنطقة إضافة إلى تصعيد الضغوط على إيران اقتصاديًا وعسكريًا بهدف تقييد نفوذها في المنطقة.
إلاّ ان هذه السياسة تحمل في طياتها تحديات كبيرة إذ تزداد احتمالية تفجر نزاعات عسكرية غير مباشرة أو حتى مواجهات مباشرة وبالتالي اضعاف الاستقرار الأمني والاجتماعي والسياسي في منطقة الشرق الأوسط، فضلا عن ما تحمله بواطن السياسة التي ينتهجها ترامب من خلال جذب الدعم من بعض الدول العربية، إلاّ إنها تثير مخاوف من تراجع الالتزام الأمريكي طويل الأمد بـ أمن المنطقة، ما يعكس احتمالية التصعيد العسكري وزيادة التوترات في المستقبل.