الدولة العادلة والدولة الظالمة
ما يحدث هو أن الفئتين الذي مارس الإحتلال والذي مورس عليه الإحتلال الفئتين يدفعان الثمن بنسب متفاوته من اجل مصالح الدول العظمى، ولكن الفئتين يدفعان الثمن، لماذا السؤال الذي أطرحه ولن أمل من طرحه، لماذا لم تجد هذه البشرية طريقة أخرى غير هذه الطريقة للتعايش، نعم تستطيع اليوم إحتلال وسرقة مقدرات شعب، ولكن هذا الشعب سيسعى بكل السبل لطرد الإحتلال، وهكذا ندخل في دوامات من العنف تدفع فيها البشرية الثمن .
لأن السادة المستفيدين من النظام الموجود مثل الولايات المتحدة، لن يسمحوا لك بأن تفعل ما تريد، ان تصل إلى مفهوم الحرية العامة للبشر فيبدو هذا حلما صعب المنال، وبحسب مفهوم الحرية الواسع والذي يتفق عليه البشر، فهذا يبدو أنه سيبقى من ضمن الأحلام بالمدينة الفاضلة، فهذا حلم بعيد المنال عن البشرية، فما زالت البشرية ترفل في الظلم والإضطهاد، وما زال القوي يأكل الضعيف، وما زال هناك فوضى وظلم وإستبداد، ولكنه ظلم على طريقة دور الأزياء، هو نهب لثروات فئات معينة ونهب للأرض والعرض والجهد بواسطة النظام العالمي والتصويت والفيتو والتحالفات.
التحالفات قائمة على المصلحة والقوة في سبيل رضا القوى المهيمنة، نعم يجب أن تكون هناك قواسم مشتركة في هذه التقاطعات، ولكن مع ذلك يجب أن يكون هناك هامش تضحية من هؤلاء الذين يسعون إلى هذه التحالفات، أحيانا في سبيل مصالحهم، وأحيانا كما نرى في هذا الزمان في سبيل بقاء القوى المهيمنة، وستجبرك هذه القوى وتدعمك عندما يحدث الإلتقاء على هذه المصالح، وستحاربك وتتخلى عنك عندما تختلف مصالحها معك.
تساهم كل تلك الدول اليوم، وكل بحسب نسبته بوجود كل هذا الظلم في العالم، ويبدو أن السعي لتلك المنظومة التي تسعى لرفع الظلم عن الأمم المطحونة، او تمارس الضغط على تلك الأمم المطحونة، لرفع الظلم ولو بشكل ظاهري، عن بعض الفئات التي يريد السادة رفع الظلم عنهم فقط، أما الباقي فهم مجرد أرقام، لأن الحرية هنا يجب أن تكون محدودة، بحسب قناعات وحدود السادة.
هذا الإحتلال يؤمن لأفراده حياة ولكن أي حياة، وهنا اذا استمرت المقاومة واستمر استنزاف القوى المستعمرة وحلفاؤها فقد نصل الى تلك المرحلة الحرجة التي تحدث شقوقا وشروخا في هذه التحالفات، واستمرار المقاومة يجعل حياة شعوب المستعمر جحيما مستمرا، وسيصل حتما الى نقطة الانكسار ولكن بعد جهد وتضحية ودماء، الجميع يشترك في هذا الجحيم، ولكن حصة الشعوب التي يقع عليها الاستعمار تكون أكبر.
أما آن لهذه المهزلة أن تنتهي، وتجد هذه البشرية أساليبا أخرى للتعايش، فهذه لم تعد تصلح والكل يدفع الثمن. قد نصل إلى هذه المرحلة عندما تكون هناك دولة محورية قوية ولكنها عادلة بشكل ما، للأسف لم يتحقق العدل بصورته المشرقة التي سعت لها السماء في هذه الأرض، إلا في أيام معدودة عندما اجتمعت قوة الدولة وعدل الحاكم.
نحن اذا نعيش تجارب متشابهة بنكهات مختلفة، اليوم أنت محتل مثل امريكا غدا يتم إحتلالك، الإنسان الذي يملك القدرة والمعرفة والعلم بدل أن يوظفها للتخلص من هذه الحالة يوظفها لترسيخ هذه الحالة، عبر أيجاد أسلحة وعلوم ومعارف تساهم في إخضاع البشر، بدل أن تساهم في التعايش بين البشر .
بالنسبة لنا كدول عربية أسلامية هناك فرصة تتشكل، هي في الحقيقة قد تكون أمل للخروج من المأزق الحالي، من الممكن فتح الطرق مع القوى الجديدة التي تظهر على الساحة العالمية، أو التي تحاول أن تبقى بشرط ضمان المصلحة لنا، وهذا سيكون له أثر كبير في إحداث توازن، أو حتى خلق وسائل ضغط على القوى العالمية الحالية، لإعطاء هذه الشعوب جزء من حقوقها المسلوبة .
ما يحدث اليوم هو إعادة تشكيل لهذه القوى العالمية ما يخلق مساحة للدول والقوى الصاعدة، لإيجاد مساحات تستطيع من خلالها فرض مصالحها على الطاولة، لا أحد ينكر دور الدول الإستعمارية في التوزيع الحالي للقوى والدول والحدود في هذا العالم، وضغط هذه القوى للحفاظ على مصالحها بطرق مشروعة أو غير مشروعة .
ماذا تعني هذه الحرية، ومن يحصل عليها ومن لا يحصل عليها، وبالتالي تلك الأمم التي تمارس الظلم والإضطهاد على مواطينها أو حتى على مواطنين في دول أخرى، يجب أن تكون حاصلة على الموافقة من مجالس الظلم العالمية، حتى تمارس هذا الظلم على فئات معينة دون فئات اخرى، وبأن هذا الظلم يتفق مع معايير السادة لتحديد الظلم المسموح والظلم الممنوع.
وهذا للأسف هو نظامنا العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة. والذي تسعى دول وتحالفات أخرى للتخلص منه.
أبراهيم أبو حويله ...