هروب المستثمرين.. الداء معروف والدواء متوفر

 حسين الجغبير

الحديث عن الاستثمار وتسهيل جذب المستثمرين، ليس بالأمر الجديد، وطالما كان من أبرز برامج الحكومات المتعاقبة، كما أن عدم تحقيق ذلك، وإدارة الظهر له، ليس بالأمر الجديد أيضا، حتى غدا الحديث عن الأمر مملا، بائسا، مستهلكا، لا فائدة ترجى منه، فلم يعد سوى كلام تصفه الحكومة لتعبئة أوراقها، سواء تلك المتعلقة بالرد على خطاب التكليف السامي، أو تلك المقدمة لنيل ثقة مجلس النواب.

السؤال الذي لا إجابة عليه فيما يتعلق بهذا الملف، يتمثل في "بما أننا نعلم أن الأردن يعتبر بيئة طاردة للاستثمار، ولدينا الدواء لهذا الداء، فلماذا لا يحقن جسم المملكة المصاب بهذا الوباء، بمضادات حيوية، تساعد على جذب المستثمرين، ما يؤدي إلى نهضة اقتصادية تساعد في حل الكثير من الأزمات التي تعاني منها عمان وباقي المحافظات، والتي على رأسها الفقر والبطالة؟".

فالأردن، الذي يتمتع ببيئة آمنة ومستقرة، على خلاف دول مجاورة، يعد أرضا خصبة وجاذبة لأي مشروع اقتصادي أجنبي، بيد أن هناك حالة نفور لدى أصحاب الاستثمارات، لأسباب كتب عنها الكثير، دون أذن صاغية، أو عين ترى، وإن كان أبرزها البيروقراطية القاتلة، وارتفاع نسب الضرائب، وغلاء المعيشة، مقارنة بدول عربية وعالمية، إضافة إلى القوانين المنفرة.

وبما أن أي مستثمر يسعى لاستدامة مشاريعه، وتحقيق الربح، فإنه سيتردد مليون مرة قبل أن يتوجه إلى عمان، وستتجه بوصلته نحو آفاق أخرى.

لا يمكن لعقل أن يتصور، أن العوائق التي توضع في وجه الاستثمار، وتؤدي إلى هروبه، ما تزال موجودة، ويعمل بها، رغم حديث جلالة الملك المتكرر، بضرورة التنسيق بين كافة مؤسسات الدولة لحل هذه الأزمة، إلا أن الحكومات المتعاقبة لا تكلف نفسها عناء إعادة النظر في كل ما من شأنه تعطيل حركة الاستثمارات الخارجية، وكأن هناك ايادي خفية تحرص كل الحرص على استمرار الحال على ما هو عليه، فلا يمكن لعاقل أن ينظر لهذا الخذلان بحسن نية، أبدا.

يكفي هزلا، ويكفي دمارا للبلد، ويكفي تراخيا، فالداء معروف، وعلاجه متوفر، عبر إرادة حقيقية، توفر خريطة طريق واضحة للاستثمار، تقوم على إعادة النظر في كل القوانين الطاردة للاستثمار، وتوفير تسهيلات كتلك التي تمنحها الدول الأخرى، الخاصة بالرسوم والضرائب، واحترام المستثمر.

هروب المستثمرين، سمة باتت تميز الأردن، وإعادتهم إلى عرين المملكة يتطلب جهودا مضنية، لمحو صورة قاتمة رسمانها بأيدينا، دون أن ندرك أننا لم نعد نملك ترف الوقت، واقتصادنا لم يعد قادرا على الصمود أكثر، لذا لا بد لحكومة الرزاز إن كانت جادة، محاسبة كل من له يد في وصولنا إلى هذه الحالة المتردية، و"المخزية//".