خليل النظامي يكتب:نداء الأمة الضائع بين صرخات المظلومين
نداء الأمة الضائع بين صرخات المظلومين
خليل النظامي
في قلب الأمة الإسلامية، وفي صدور أجيال نشأت على عز وشموخ الإسلام، يخفق قلب واحد ينبض بأمل الجهاد الغائب، جهادٌ عانق أرواح أجدادنا، واحتضن ميادين الحق منذ قرون، إلا أنه اليوم مفقود بين أصداء صمت العواصم الإسلامية والعربية، وبين جدران الشعوب المكلومة التي تتوق لاستعادة عزتها وكرامتها.
لقد غاب الجهاد، ومعه غاب النصر الموعود، وترك الأعداء الصهاينة يسرحون في أرض الأنبياء، في القدس وفلسطين الجريحة، كأننا قد نسينا صوت الدماء التي سالت وصرخات الأمهات الثكالى والأطفال الذين قتلهم الظلم الغاشم.
فعلى مدى عقود طويلة، كانت أيدي الصهاينة الملطخة بالدماء تمتد إلى كل بقاع الأرض الإسلامية، تُشعل الحروب وتزرع الخراب.
ففي لبنان، قصفوا القرى والمدن، مزقوا الأجساد، وقتلوا الأبرياء دون تمييز، وفي العراق وسوريا، دعمت أفعالهم العدوانية التدمير والفتنة، ليمتد سيل الدماء الذي لم يرحم طفلاً ولا شيخًا.
ومن فلسطين إلى العراق، ومن لبنان إلى سوريا، أمة الإسلام تئن تحت وطأة الاحتلال الصهيوني الغاشم الذي لا يعرف سوى لغة القتل والتشريد،
نعم انهم أعداء الحق وأعداء الإنسانية، يقتلون باسم الظلم والعدوان، ويواصلون جرائمهم دون أدنى حساب.
وفي كل حربٍ واعتداء، كانت النساء والأطفال والشيوخ أول الضحايا، فلا حرمة لديهم ولا احترام للضعفاء، إذ قتلت النساء على مرأى العالم أجمع، وتمزقت أجساد الأطفال، ووقفت الشيوخ عاجزة أمام بطشهم، فقنابلهم لا تفرق بين صغير وكبير، ولا تتوقف المجازر عند حد.
واليوم، ونحن نرقب من بعيد أحوال أقصانا الأسير، نشعر بحرقةٍ في قلوبنا، ألم يغمر كل زاوية من أرواحنا،،،، أين المجاهدون الذين كان التاريخ يحكي عنهم؟ أين الفرسان الذين ركبوا خيول النصر حاملين رايات العزة في وجوه الظلم والطغيان؟،،،،
لقد أضحى الجهاد ذكرى في كتبٍ تقرأ ولا تُنفذ، وحماسةً في القلوب تشتعل دون أن تجد طريقًا نحو الفعل.
قال الله تعالى:
{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}
(سورة البقرة، آية 190).
أين نحن من هذه الآية؟ ألم يحن الوقت لأن تعود أمة الإسلام لتقف وقفة عز تليق بمكانتها؟ ألم يحن الوقت أن نعود للجهاد في سبيل الله، لا للظلم ولا للعدوان فقط، بل للدفاع عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أرضنا وعرضنا، وعن حق الأمة المسلوب؟
إخوتي ؛
إن الجهاد ليس سلاحًا بيد الظالم، بل هو طريق الحق الذي تسير فيه الأمة لترفع الظلم عن المستضعفين وتعيد للعدل كرامته.
فلقد كان الأقصى يومًا تحت أقدام الصليبيين، لكن صلاح الدين الأيوبي، الذي حفظ مكانة الجهاد في قلبه، لم يتركه أسيرًا.
واليوم، نجد أنفسنا أمام صهاينة يحتلون أرض الأنبياء، يدنسون مقدساتنا، ويهينون شعوبنا، بينما نكتفي بالصمت والمشاهدة،،، أين العزة التي ورثناها؟ أين صيحات الله أكبر التي كانت تهز أركان الطغيان؟
ففي زمنٍ كاد الجهاد فيه أن يصبح سرابًا، يجب أن تعود الأمة، قادةً وشعوبًا، لتستعيد عافيتها، لتعيد رسم الطريق نحو النصر، وتذكروا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة”
(صحيح البخاري).
هذا وعد الله ورسوله، فلماذا نتأخر عن تلبية نداء العزة؟ لماذا نترك الأقصى وحيدًا بلا سيفٍ ولا درع؟
يا أمة الإسلام، يا من حملت الرسالة الخالدة، إن الجهاد ليس مجرد واجبٍ بل هو أمانة،،،، أمانة في أعناقنا لاستعادة حقوقنا، لتحرير أرضنا، ولإعادة الأمل في قلوب ملايين المستضعفين.
فلنعد إلى ميادين العزة، ولنرفع رايات الجهاد، كي تعود القدس حرة، وكي يعلم العالم أن هذه الأمة لن تموت طالما في قلبها نبضٌ للجهاد في سبيل الله.